لأكثر من سبب، تجد إيران نفسها فى حرب على عدة جبهات، فمن ناحية تواجه حكومة أحمدى نجاد اضطرابات داخلية متصاعدة نتيجة تمكينه من منصب الرئاسة للمرة الثانية، ومن ناحية أخرى، تواجه طهران حزمة العقوبات الرابعة التى أصدرها مجلس الأمن. يضاف إلى ذلك حالة التأهب العسكرى القصوى فى صفوف القوى البرية والبحرية والجوية التابعة للحرس الثورى وإجراء المناورات والتدريبات لصد أى ضربة عسكرية محتملة بعدما أرسلت إسرائيل 3 غواصات قبالة الشواطئ الإيرانية فى الخليج العربى، إثر إعطاء واشنطن الضوء الأخضر لتل أبيب بالقيام بطلعات جوية للمراقبة والرصد فوق الأراضى الإيرانية. وفى هذا السياق، حذر الخبير الاستراتيجى العسكرى المقدم الهيثم الأيوبى من ضرورة الأخذ فى الحسبان بالأوراق التى تمتلكها إيران، «ليست بالضرورة أوراقاً لكنها تتعلق بالأمن». ففى حال حدوث معركة مع إيران، أشار إلى أن هناك ورقة قبائل «هازارا» الشيعية الأفغانية، الواقعة غرب البلاد، والتى يقول الأيوبى إن إيران لم تحركها حتى الآن «ولو تحركت سيؤثر ذلك على الوضع داخل أفغانستان بشدة». وأضاف الأيوبى أن هناك أيضا «ورقة العراق والوجود الأمريكى.. وورقة المقاومة الإسلامية والمعبر اللوجستى المؤدى إلى هذه المقاومة»، فضلا عن أوراق ضغط المقاومة الإسلامية فى الضفة الغربية، والخليج العربى القابع على منابع النفط ومنشآت البترول والقواعد الأمريكية، ومضيق هرمز، الذى يعد أحد أهم الممرات النفطية الدولية. وقال الخبير الاستراتيجى إنه إذا ما اندلعت الحرب واستخدمت إيران أوراقها العسكرية وقدرتها على تعطيل صادرات النفط للعالم، فلن تتأثر الدول المهاجمة فقط بل الاقتصاد العالمى بأكمله. وعن إمكانية مساندة إيران ل«حزب الله» إذا ما اندلعت حرب على الجبهة اللبنانية، قال الدكتور خطار أبودياب، الباحث فى معهد الجغرافيا السياسية فى باريس، إن رعاية إيران لتنظيم «حزب الله» جاءت فى شكل التحالف الإيرانى السورى الذى تكرس خلال الحرب العراقية الإيرانية و«تجسد ذلك بعد الغزو الإسرائيلى للبنان عام 1982 من خلال تحقيق إيران أول نجاح ملموس لها فى تصدير ثورتها وهو قيام حزب يشكل امتداداً لنهج الخمينى فى لبنان». لكن أبودياب أوضح أنه فى حرب 2006 كان هناك أكثر من تساؤل حيال تدخل أو عدم تدخل إيران المباشر بيد أن تمكن حزب الله من الوقوف بوجه إسرائيل وكمية السلاح التى تدفقت إليه لم تحرج إيران بل إنها حققت ولأول مرة انقلاباً جغرافياً سياسياً رافق تعثر المشروع الأمريكى فى العراق. وأضاف أبودياب «لكن ما حصل فى حرب غزة كان دليلاً آخر على عدم رغبة إيران فى أى تدخل مباشر يحرجها حينها كان هناك تناغم غير مباشر بين إيران وإسرائيل فى تفجير الأوضاع بعد حصول تقدم على مسار المفاوضات السورية الإسرائيلية غير المباشرة برعاية تركية ونجحت حماس الحليفة لإيران فى تفجير الوضع والكل يذكر كيف أن آية الله خامنئى أمر المتطوعين الإيرانيين بالعودة من مطار طهران إلى بيوتهم، واتضح أن إيران تحارب من خلال لبنانيين وعراقيين وفلسطينيين موالين لها دون أن تنغمس مباشرة فى الصراع». وشدد الباحث اللبنانى على أن «شكل الحرب القادمة المنتظرة يمكن أن يدفع للتساؤل حول قدرة إيران مرة جديدة فى الابتعاد عن الصراع المباشر وطبيعة الأسلحة الصاروخية الباليستية وإمكانية امتداد الصراع إلى سوريا يمكن أن يضع إيران فى موقف حرج كبير وربما لا تسمح بانهيار حلفائها فى المشرق. واليوم مع المنافسة التركية السياسية سيزداد موقف إيران إحراجاً فى حال حصول أى مواجهة عسكرية قادمة لأن أطروحاتها ستكون على المحك».