حين اجتمع مندوبو الأندية فى عام 1921 لتأسيس أول اتحاد للكرة فى مصر.. لم يكن هناك خلاف على جعفر والى باشا مندوب الأهلى كأول رئيس للاتحاد باعتباره الباشا الوحيد بين الحاضرين.. فى حين أصبح مندوب الزمالك.. يوسف محمد.. هو أول سكرتير عام بعدما انحاز الأهلى للزمالك فى صراعه على هذا المنصب ضد نادى القاهرة.. ولكن سرعان ما انفجر الصراع بين الأهلى والزمالك داخل الاتحاد.. ففى شهر يناير عام 1923.. كتب الأفوكاتو ميشيل أسود، عضو مجلس إدارة الزمالك، مقالا فى جريدة «المقطم» يشكو من سوء توزيع اتحاد الكرة للأموال الطائلة التى يجنيها.. وأن الاتحاد لا يكشف كل حساباته ولا يعلن أرقام إيراداته ومصروفاته، وهو فوق ذلك كله لا يعدل بين الأهلى والزمالك.. واختتم الأفوكاتو مقاله الشهير مؤكدا أنه قد حان الوقت ليسترد الزمالك حقوقه الضائعة.. وكاد الأمر يتحول إلى أزمة كبرى لولا حكمة الرئيس.. جعفر والى باشا.. وشجاعته ونزاهته وهدوئه ووقاره أيضا.. وفى عام 1928 وعقب العودة من دورة أمستردام الأوليمبية.. بدأ اتحاد الكرة يستعد لإجراء انتخابات جديدة.. وكانت المفاجأة هى هجوم ساخن جدا شنته الصحافة المصرية على الاتحاد وانتخاباته وعدم نزاهتها.. وكيف تباع أصوات الناخبين فى أى جمعية عمومية أو قبلها بجنيه واحد مقابل الصوت.. أو بوعد بمنصب ووظيفة أو خدمة أو مجاملة ما.. إلى جانب قيام بعض السلطات بخدمة أفراد معينين والضغط على الأندية الصغيرة والفقيرة منها غالبا.. من أجل أن تعطى أصواتها لصالح هؤلاء الأفراد.. إلى جانب أندية كثيرة ليس لها وجود أو عطاء حقيقى فى عالم كرة القدم.. إنما هى أندية من ورق لا تظهر إلا فى الجمعيات العمومية وفى أوقات إجراء كل انتخابات.. ولكن نجح جعفر والى باشا رغم كل ذلك وبقى رئيسا لاتحاد الكرة إلى جانب رئاسته للنادى الأهلى منذ عام 1924.. فى حين أصبح محمد حيدر بك، رئيس الزمالك، وكيلا لاتحاد الكرة.. وسرعان ما بدأ وكيل الاتحاد الحرب على الرئيس.. فقد كانت هناك تحقيقات مع اثنين من اللاعبين أحدهما فى الزمالك اسمه البرنس ارتكبا فعلا فاضحا فى جنيف أثناء عودة الفريق من أمستردام.. وأقسم حيدر بك بأنه لن يقبل أى عقاب للاعب الزمالك فى وجوده كرئيس للنادى ووكيل للاتحاد.. وبدأت المؤامرات والاتهامات ومحاولات التشكيك فى الجميع.. فما كان من جعفر والى باشا إلا أن تقدم باستقالته، معلنا أن الرئيس لا يمكن أن يبقى وأن يحكم وأن ينجح إن بات مشكوكا فى نزاهته وعدالته واستقامته.. ولم يكن الباشا مجرد أفاق يهدد باستقالة وهمية، وإنما كان مجرد رجل يحترم نفسه، احتراماً أجبر الجميع على الهدوء وعلى التمسك ببقاء الباشا وفى مقدمتهم حيدر بك نفسه.. وأقيم احتفال فى فندق الكونتيننتال بالعتبة، تكريما للباشا الذى فاجأ الجميع ببطاقة عضويته العاملة فى نادى الزمالك، شارحا أنه رئيس للأهلى وعضو بالزمالك.. لكنه قبل ذلك كله رئيس لاتحاد الكرة، وهو منصب ينبغى الحفاظ على شرفه ومكانته وقيمته.. مهما كان الثمن وكانت التضحيات.. وترك الباشا مقعد رئاسة اتحاد الكرة مرسيا مبدأ الرئيس المحترم.. فإن لم يكن رئيس الاتحاد هو الأقوى والأكثر إقناعا واحتراما.. فعليه أن يجمع حاجياته ويرحل. [email protected]