قال الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الموارد المائية والرى، إنه يدرس دعوة نظرائه من دول حوض النيل إلى اجتماع عاجل بالإسكندرية، لم يتحدد موعده بعد، لبحث استئناف المفاوضات، سعياً للتوصل إلى اتفاقية شاملة تضم جميع دول حوض النيل، ومراجعة قرارات دول منابع النيل الأربع التى وقعت على الاتفاقية الإطارية للتعاون فى أوغندا، أمس الأول، دون مشاركة جميع دول الحوض التسع. وتوقعت مصادر حكومية مسؤولة أن يدعو الرئيس مبارك زعماء دول حوض النيل إلى اجتماع قمة فى مصر، إلا أن مصدراً دبلوماسياً أكد أن البنود ذات الصلة بالملف الأفريقى المؤكدة على جدول أعمال الرئيس حتى الآن، تشمل لقاءه رئيس وزراء كينيا، رايلا أودينجا، الذى يزور القاهرة فى 22 مايو الجارى على رأس وفد سياسى رفيع المستوى، ومشاركته فى قمة فرنسا-أفريقيا بمدينة نيس الفرنسية فى 31 مايو الجارى، والتى من المتوقع أن يلتقى على هامشها بعدد من رؤساء دول حوض النيل. وقالت مصادر حكومية رفيعة المستوى إنه من المقرر أن يناقش مجلس الوزراء برئاسة الدكتور أحمد نظيف، خلال اجتماعه المقبل، الموقف من سير المفاوضات مع دول حوض النيل، بعد توقيع إثيوبيا ورواندا وأوغندا وتنزانيا على اتفاقية جديدة للمياه دون مشاركة دولتى المصب «مصر والسودان»، فى خطوة اعتبرتها القاهرة مخالفة للقانون الدولى. وأضافت المصادر أن الدكتور محمد نصرالدين علام، وزير الرى، سوف يعرض على المجلس تقريراً عن الوضع الحالى للمفاوضات، وإجراءات مصر للحفاظ على حصتها من مياه النهر، بالإضافة إلى استمرارها فى تنفيذ المشروعات المشتركة فى مجالات المياه والاستفادة من فواقد النهر البالغة أكثر من 95% من كميات الأمطار المتساقطة على أعالى النيل فى الهضبتين الإثيوبية والاستوائية، والتى تصل لأكثر من 1660 مليار متر مكعب من المياه سنويا. وكشف الموقع الرسمى لمبادرة حوض النيل، فى تقرير له أمس، أن الدول الأربع الموقعة على الاتفاقية تعتزم القيام بعدة إجراءات للحصول على مشروعية دولية للاتفاقية من خلال التصديق عليها داخل الأجهزة التشريعية والتنفيذية لها، وعلى المستويين الإقليمى والدولى. وفى السياق نفسه، أكدت وزيرة المياه الأوغندية أن دول حوض النيل وافقت على جميع بنود الاتفاقية الإطارية ومنها مصر والسودان باستثناء فقرة واحدة هى البند «14 ب» المتعلق بالأمن المائى المرتبط بالاتفاقيات القديمة للمياه، مشيرة إلى أن الاتفاقية الجديدة تمهد لإنشاء مفوضية عليا لحوض النيل. ويمنح الاتفاق الجديد دول منابع النيل الحق فى إقامة المشروعات المائية فى حوض النيل دون الحصول على موافقة مصر والسودان، بالإضافة إلى عدم الاعتراف باتفاقيتى 1929 و1959 لتنظيم موارد نهر النيل، وعدم الالتزام بنظام الحصص المائية لدولتى المصب «مصر والسودان»، إلا أنه لا ينص على تحديد أى كميات أو حصص مائية جديدة. من جانبه، أكد وزير الرى والموارد المائية السودانى، كمال على محمد، موقف الخرطوم الرافض لقيام مفوضية لا تعترف باستخداماتها وحقوقها الحالية من مياه نهر النيل. وأوضح الوزير أن السودان ظل طبقاً لاستراتيجيته الثابتة يقوم بالإقناع المتواصل لدول حوض النيل بعدم القيام بعمل انقسامى لن يفيد دول المنبع ولن يضر السودان. وأشار إلى أن السودان كثف جهوده فى هذا المضمار منذ اجتماع كينشاسا. وأضاف «على» أن السودان وبموافقة مصر قدم مذكرة من الرئيس السودانى لرؤساء دول حوض النيل، لتطوير التعاون القائم حاليا فى مبادرة حوض النيل إلى مفوضية تهدف لاستقطاب التمويل لتنفيذ مشروعات ذات منافع لكل دول الحوض بدلا من تكريس الانقسام الذى ركزت عليه دول المنبع، موضحاً أن مذكرة الرئيس السودانى وجدت قبولاً من معظم رؤساء دول حوض النيل. وحذر مدير إدارة الموارد المائية فى كينيا، جون نيارو، من أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق على إطار تعاونى بشأن مياه نهر النيل، فلن يكون هناك سلام. وقال نيارو: «إذا لم يكن لدينا إطار تعاونى متفق عليه، فلن يكون هناك سلام»، وأضاف «إن المكان الذى لا يطبق فيه حكم القانون، فإن حكم الغابة فيه لا يجلب السلام». بينما قال وزير المياه والبيئة فى رواندا، ستانيسلاس كامانزى، «إن مصر تطلب تأجيل التوقيع على اتفاق الإطار التعاونى، ولكن لا يمكننا الانتظار فترة طويلة، خاصة أننا نتفاوض منذ أكثر من عشرة أعوام». من ناحية أخرى، قال أحمد المفتى، المستشار القانونى للوفد السودانى قبل الاجتماع «إن جميع دول حوض النيل كانت على وشك التوصل لاتفاق، ولذلك لم تكن هناك حاجة لكى توقع دول أعالى النيل على اتفاقها». وأضاف «أن مصر والسودان تحتاجان للمياه أكثر من الدول التى تقع فى المناطق الأكثر خصوبة، فهذه الدول لديها الكثير من الأمطار ولا تحتاج للمياه، بينما نحتاج إلى المياه فى السودان». وبعد توقيع الاتفاق فى عنتيبى الأوغندية، أمس الأول، قال وزير الموارد المائية الإثيوبى أصفاو دينجامو: «فى اعتقادى الراسخ أن دول حوض النيل ستوقع على هذا الاتفاق التاريخى الذى يعد بنتائج فى صالح جميع دولنا على جبهة متعددة للتكامل الاقتصادى والإقليمى». وقال وزير المياه والبيئة فى رواندا ستانيسلاس كامانزى: «نأسف حقاً لأن هذا الاحتفال أقيم فى ظل غياب مقصود ولم يعلن عنه مسبقا لأشقائنا الأعزاء من مصر والسودان.. ندعوهم للانضمام إلى العملية التى نمضى فيها قدماً». وقال وزير الموارد المائية الإثيوبى أصفاو دينجامو: «بالنسبة للحرب فإننى لا أعتقد أننا سنعلن الحرب، لأنك إذا توليت إدارة الأمر بشكل لائق.. نتعاون سويا ونعمل سوياً فإن الموارد ستكون كافية لكل الدول الواقعة على النهر والمشكلة الوحيدة التى نواجهها الآن هى أن هذه الموارد لا تدار كما ينبغى». ويتكون النيل الذى يمتد على نحو 6700 كم، من التقاء النيل الأبيض، الذى ينبع من بحيرة فيكتوريا (أوغندا، كينيا، تنزانيا)، والنيل الأزرق ومنبعه بحيرة تانا فى إثيوبيا، فى الخرطوم، حيث يشكلان نهرا واحدا يعبر مصر من جنوبها إلى شمالها ليصب فى البحر المتوسط. فى سياق متصل، أكد الدكتور أحمد زكى أبوكينز، رئيس الاتحاد النوعى للبيئة، رئيس المنتدى الوطنى لدول حوض النيل بأسوان، أنه لا تخوف من أى اتفاقيات تبرمها دول المنبع السبع لحوض النيل دون مصر والسودان فى ظل الحقوق التاريخية التى حكمتها اتفاقيات تقسيم المياه بين مصر والسودان من جهة ودول حوض النيل الأخرى من جهة أخرى وخاصة اتفاقيات عامى 1929 و1959. وقال زكى إن اتفاقيات الأنهار تعامل مثل اتفاقيات ترسيم الحدود بين الدول، وهى قاعدة دولية مسلم بها فى القانون الدولى، وأضاف أن ما تزعمه تلك الدول حول إعادة تقسيم مياه النيل حالياً وعدم الاعتراف بالاتفاقيات التى وقعت من قبل لا تخوف منه فى ظل الدبلوماسية المصرية التى بدأت اتخاذ خطوات جادة لوقف أى مزايدات على حصة مصر من المياه والتى انتقلت من مرحلة التفاوض حالياً إلى مرحلة تبنى رؤية تعتمد على المصالح المشتركة.