اتجه عدد من الشركات إلى الاعتماد على شركات مقاولات أجنبية لتنفيذ مشروعاتها، مع زيادة نشاط قطاع التشييد والبناء فى مصر، والذى حقق معدلات نمو اقتربت من 15% رغم الأزمة المالية العالمية، وهو الأمر الذى أثار غضب المقاولين المصريين، مؤكدين أن لديهم الإمكانيات التى تسمح بتنفيذ تلك المشروعات، متسائلين عن أسباب الاستعانة بالشركات الأجنبية رغم كفاءة المصرية، فيما قال اتحاد المقاولين إن دخول الشركات الأجنبية إلى السوق المصرية يتم وفقاً لضوابط وشروط تضمن عدم الإضرار بقطاع المقاولات المصرى، الذى حقق نجاحاً ملموساً خلال السنوات الماضية. قال محسن يحيى، عضو اتحاد المقاولين، إن الاتحاد تخلى عن مسؤوليته تجاه المقاولين، مشيراً إلى أن الوعود الحكومية باسترداد مستحقات المقاولين لم تزد على أوراق أثبتت فيها المصالح الحكومية مستحقات المقاولين لديها، دون أن يتم الصرف، وهو ما أدى إلى خروج بعض الشركات من الأسواق، وأثر سلباً على باقى الشركات التى تراجع نشاطها. وأضاف يحيى أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً فى عدد الشركات الأجنبية التى تعمل فى مصر، رغم أن القانون يحظر عملها فى السوق دون شريك مصرى، موضحاً أن هذا الشرط يتم التحايل عليه من خلال الاستعانة بأسماء بعض المقاولين، مقابل دفع مبلغ مالى دون أن يشارك فعلياً فى العمل. ودعا يحيى القطاع المصرفى إلى مساندة قطاع المقاولات ودعمه من خلال توفير محفظة مالية تسمح له بالمشاركة فى المشروعات الكبرى والحصول على تمويل دون شروط صعبة تقلل من قدرته على الائتمان. لافتاً إلى تدنى مستوى العامل المصرى، رغم وجود عدد كبير من مراكز التدريب، التى قال إنها لا توفر تدريباً فعلياً أو مجدياً للعمالة، متهماً إياها بأنها تكتفى بالإعلان عن نفسها فقط. وقال يحيى إن الشركات الأجنبية تستعين بعمالة خارجية بما يقلل فرص العمل المتاحة أمام العمالة المصرية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أجور العمالة اليومية إلى 200 جنيه للنجار المسلح، بعد أن كانت 50 جنيهاً فقط، والعامل العادى إلى 80 جنيهاً بعد أن كانت 30 جنيهاً. وأكد يحيى أن العمالة الأجنبية توفر على الشركات الكثير من الأموال لأنها عمالة تمتاز بالقدرة على العمل لساعات أكثر، فضلاً عن أنها تجيد العديد من المهن فى قطاع البناء والتشييد، ولا يقتصر دور العامل على تنفيذ عمل واحد لكنه يجيد الكثير من المهام، بما يوفر على الشركات الاستعانة بعدد أكبر من العمالة، على عكس العامل المصرى المتخصص فى مجال واحد فقط. وتابع يحيى أن زيادة أجور العمال ترجع إلى قلة الأيام التى يعملون فيها، ولذلك أصبح العامل يستغل الفرصة المتاحة أمامه لزيادة أجره بما يسمح له بتوفير قدر من المال يكفيه للأيام التى لا يعمل بها، مشيراً إلى أن العمالة المصرية الماهرة بدأت تجد طريقها إلى الدول العربية والأجنبية بحثا عن عائد أفضل فى الخارج. وقال محمد مصطفى، مقاول، إن تأخر مستحقات الشركات والمقاولين لدى الجهات الحكومية بسبب عدم وجود اعتمادات مالية كافية، أدى إلى تقليل قدرة الشركات على الدخول فى مشروعات جديدة، مشيراً إلى أن الشركات اضطرت إلى تأجيل الدخول فى مقاولات جديدة لحين سداد باقى مستحقاتها. من جانبه أكد المهندس محمود الوكيل، رئيس شعبة الاستثمار العقارى فى الغرفة التجارية بالإسكندرية، أن الاستعانة بالشركات الأجنبية فى مصر تتم فى عدد محدود من المشروعات التى تحتاج إلى تكنولوجيا متطورة فى عمليات البناء، معتبراً أن هذه الشركات تساهم فى بعض المشروعات التى تحتاج إلى خبرات مازالت غير متوافرة فى القطاع المقاولات المصرى لهذا فهى تقتصر على نوعية محددة من المشروعات، نافياً أن يكون هناك نوع من سيطرة الشركات الأجنبية على قطاع المقاولات فى مصر. وأشار الوكيل إلى وجود تباطؤ فى سوق المقاولات فى مصر بصفة عامة نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية التى أدت إلى تباطؤ حركة التشييد والبناء، وهو ما أدى إلى تراجع نشاط المقاولات وليس لدخول الشركات الأجنبية. ونفى محمد الهايتمى، وكيل اتحاد المقاولين، سيطرة شركات المقاولات الأجنبية على سوق المقاولات فى مصر، موضحاً أن عدد الشركات التى حصلت على تراخيص من الاتحاد خلال عامى 2009 و2010 لا يزيد على 15 شركة، مؤكداً أن هناك ضوابط صارمة لدخول وعمل الشركات الأجنبية فى مصر. وأوضح الهايتمى أن قانون الاتحاد رقم 104 لسنة 1992 وضع شروطاً صارمة لعمل الشركات الأجنبية، منها أن تكون الشركة حاصلة على أعلى تصنيف فى بلدها، وألا تقل العمليات التى تشارك فيها عن 40 مليون جنيه، إلى جانب الاستعانة بشريك مصرى لا تقل نسبته فى المقاولة عن 51%. وأكد الهايتمى أن زيادة حجم قيمة العملية التى حددها الشرط بقيمة 40 مليون جنيه تساهم فى ضمان عدم مزاحمة الشركات الأجنبية للشركات المتوسطة والصغيرة فى قطاع المقاولات. واعترف الهايتمى بحدوث بعض التجاوزات أحياناً، منها أن تستعين الشركات بأسماء مقاولين مصريين فى حالات محدودة وتعمل بها دون ظهور الشركة الأجنبية، وقال إنه حتى مع هذا تستعين الشركات الأجنبية بعمالة مصرية ومعدات مصرية وهو ما يؤدى إلى تنشيط سوق الإنشاءات من جانب واكتساب الشركات المصرية خبرات جديدة من جانب آخر. وتابع الهايتمى أن الشركات المصرية اكتسبت العديد من الخبرات مع بداية العمل فى الخط الأول من مشروع مترو الأنفاق، وهو ما أدى إلى رفع قدرتها لتنفيذ مشروعات كبرى مثل نفق الأزهر الذى نفذته شركات مصرية.