سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
د. زاهى حواس يعلق على تحقيقات «المصرى اليوم» عن تجارة الآثار: «الهوس» بالآثار يجعل الكثيرين يحترفون عمليات النصب.. ولم نضبط أى تماثيل ملكية منذ سنوات طويلة
تلقت «المصرى اليوم» ردا من الدكتور زاهى حواس، الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار، حول ما نشرته الجريدة عن شبكة تجارة الآثار فى الصعيد، والرد كالتالى: طالعت ما نشرته «المصرى اليوم» أيام 12، و13، و14 أبريل الجارى من موضوع يتعلق باختراق شبكة تجارة الآثار فى الصعيد وما نشر من صور مرافقة للموضوع المنشور. وأشير بداية إلى أن كل ما نشر من صور ليس آثاراً على الإطلاق بل إنها آثار مقلدة تقليداً سيئاً للغاية، ومن هنا فقد وقعت الجريدة ضحية أكذوبة روجها وساقها النصابون بنشر تماثيل مزيفة وغير حقيقية على أساس أنها حقيقية. فعلى سبيل المثال فإن التمثال المنشور فى عدد الثلاثاء 12 أبريل 2010 والمنسوب للملك سنوسرت والذى قيل إنه يساوى 11 مليون دولار أى ما يقرب من 55 مليون جنيه هو تمثال مقلد ومزيف ولا يساوى عدة جنيهات وهو أمر خطير ما كانت »المصرى اليوم« لتقع فيه وتروج له وتفرد له صفحة كاملة. وهل يعقل أن تاجر آثار محترفا لديه تمثال ملكى ويقدر بخمسة وخمسين مليون جنيه ويكون المبلغ الذى اعتبره الوسطاء «عربوناً» ألف جنيه؟ وهل لو كان لدى تاجر آثار تمثال ملكى مهم ويريد أن يتصرف به ويقوم ببيعه وتهريبه هل ستصل به السذاجة إلى هذا الحد بأن يتم ترويج التمثال على مقهى وبهذه الطريقة العلنية؟ إنه أمر يدعو للسخرية حقاً. إذا كانت القصة الصحفية فى عددى الثلاثاء والأربعاء قامت على أساس تمثال ملكى يقدر بأحد عشر مليون دولار فإنها قصة قامت على وهم لأنه لا يوجد مثل هذا التمثال أصلاً، وبالتالى فإن النتائج النهائية وهمية. وجاءت لأن نصابين قاموا بها أصلاً ولأن التمثال مقلد تقليداً بدائياً بحيث يظهر وجه الملك المشار إليه بالموضوع وكأنه مصاب بعته مغولى. ويؤسفنى أن «المصرى اليوم» قد وقعت من وجهة نظرى فى خطأ كبير عندما أفردت هذه المساحة الكبيرة لأقوال نصابين محترفين لأن التجار المحترفين لا يعلنون عن أنفسهم هكذا. إن الهوس بالآثار دعا الكثيرين إلى احتراف عمليات النصب الواسعة على المواطنين وعلى المولعين بالآثار حينما يقومون بترويج صور لآثار مزيفة على أنها حقيقية، ولدينا العديد من النماذج التى نتلقاها يومياً عن مثل هذه القطع المزورة والمزيفة ونرفق نماذج لما نتلقاه من بلاغات ونكتشف أنها آثار مزيفة ومقلدة. إننى أستطيع أن أؤكد أنه لم يصل إلينا حتى الآن أى تمثال ملكى على الإطلاق، ولم يضبط تمثال ملكى خلال السنوات الطويلة الماضية حتى ما ينشر عن ضبط تمثال لملك أو غيره فهى تماثيل مقلدة تقوم عصابات النصب بنقلها وترويجها بين البعض، وهى عادة من القطع التى يمكن أن نشتريها من البازارات ومحال بيع الهدايا. هذا ما يتعلق بقصة التمثال المزيف. أما ما نشر فى الصفحة التاسعة بعدد الاثنين 12 أبريل عن نهب مقابر ملكية فى صحراء الفيوم والحصيلة قطع أثرية لا تقدر بثمن والصور المرفقة، فإن الموضوع ينقسم إلى شقين الأول: هو ما جاء بما تسميه الجريدة «حازم» من إجراء حفائر فى منطقة طامية فإنه سيكون محل إجراءات أخرى لا مجال لنشرها. الثانى: أن الصور المنشورة هى لقطع مقلدة من آثار الملك توت عنخ آمون، وأصلها موجود بالمتحف المصرى بالقاهرة وأن تمثال القرفصاء مزيف ورأس جرانيتى أيضاً مزيف ومقلد، ولكن الأغرب تلك الكتابات الموجودة بالخط الأحمر حيث إنها أشياء موجودة لدى المشعوذين والنصابين الذين ينصبون بها على الناس الذين يريدون شراً بآخر أو إصلاح شأن آخر أى خرافات ونصب. ■ أما ما أشارت إليه «المصرى اليوم» بعنوان نهب مقابر ملكية فى صحراء الفيوم فهو أمر غير صحيح ويوضح بل يؤكد أن الجريدة وقعت ضحية معلومات نصابين وكذابين وجهلاء بالتاريخ المصرى لأننا ببساطة نعرف تماماً أين هى المقابر الملكية فى الفيوم التى هى أهرامات ملوك الأسرة الثانية عشرة وهى معروفة لدينا تماماً ولا يمكن لأحد الاقتراب منها أو العبث بها وإن ما عثر عليه من آثار فى العقود الماضية بالفيوم لملوك الأسرة الثانية عشرة موجود بالمتحف المصرى بالقاهرة، وهذا يؤكد جهل أولئك النصابين وما نسوقه هى حقائق علمية غير قابلة للاجتهاد. ■ وبخصوص ما ساقه من يدعى »حازم« الذى يقوم بأعمال التنقيب خلسة فإنه مثل أى مجرم يرتكب جريمة يعاقب عليها القانون وستبقى الجريمة طالما وجد الإنسان على الأرض، ولكن علينا أن نبذل كل الجهد للحد من الجريمة وهو ما تفعله كل الأجهزة بالمجلس وتشاركنا فيه سلطات الأمن والرقابة والإعلام. إن أحداً لا يمكنه منع الجريمة منعاً تاماً وكاملاً خاصة جريمة الحفر خلسة ودون تصريح من المجلس الأعلى للآثار كما أن أحدا لا يستطيع منع تهريب الآثار منعاً تاماً وكاملاً لكننا نبذل كل الجهد الممكن والمتاح فى هذا المجال ومن يتم ضبطه بآثار حقيقية فإن ملاذه الأخير هو القضاء وتنفيذ حكم القضاء العادل وهو ما رأيناه فى السنوات الماضية. ■ أما مسألة السماح لمثل أولئك النصابين بالحفر فسوف نسمح لهم فقط بإرسالهم إلى سلطات التحقيق وتكون المكافأة التى يطلبونها وهى 2% سنوات من السجن لقاء مخالفة القانون. لكننا هنا على استعداد لفحص أى طلب لأى مواطن لديه آثار للتأكد من أثريتها وتسجيلها لديه أو تسليمها للمجلس الأعلى للآثار مقابل تعويض مالى عادل تقرره اللجان المختصة دون إنقاص حق حائز تلك القطع الأثرية وهو يأتى تنفيذاً لقانون الآثار، والمهلة التى أتاحها للمواطنين حتى 30 سبتمبر القادم لتسجيل ما لديهم من آثار حقيقية ويحتفظون بها لديهم أو يقدمونها للمجلس مقابل تعويضات حالياً. وهنا أشير إلى قيام عشرات المواطنين بالاتصال بالمجلس الأعلى للآثار لتسجيل وفحص ما لديهم من ممتلكات أثرية وأن البعض طلب أن يقدم ما لديه هدية للمجلس دون مقابل مادى. ولعلى فى ختام هذا الرد أود أن أشير إلى نقطتين: الأولى: إن المجلس الأعلى للآثار يشجع المواطنين الشرفاء الذين يقومون بالإبلاغ عن وجود قطع أثرية فى أى مكان أو من يتصلون بالمجلس للإرشاد عن أى حفر غير شرعى فى أى منطقة، فإن المجلس يقوم بمكافأة أولئك المواطنين الشرفاء بمبالغ تبدأ من خمسة آلاف جنيه إلى خمسين ألف جنيه. وقد قامت اللجنة الدائمة للآثار المصرية بالموافقة على 200 طلب مكافأة لمواطنين شرفاء يشاركون المجلس فى حماية آثار مصر. والنقطة الثانية: إن جميع القضايا والضبطيات التى وقعت فى الفيوم خلال عام 2009 بلغت 13 قضية كلها آثار مقلدة ولم تكن حقيقية أى أنها قطع أثرية ستقوم بترويجها عصابات النصب على الآخرين. من منطلق حبى وتقديرى ل«لمصرى اليوم» كجريدة أحترمها كقارئ وأعجب كثيراً بما تنشره، فإننى كتبت هذا الرد لأننى لا أرغب أن تكون «المصرى اليوم» ضحية لنصابين، وأوضحت بالدليل المادى وبالصورة أنهم هكذا نصابون. .. وتعقيب من «المصرى اليوم»: جهدنا الصحفى يهدف إلى المصلحة العامة.. وتجارة الآثار حقيقة يصعب نفيها.. وليس من مهامنا فحص قطع الآثار ■ حين فتحت «المصرى اليوم» ملف تجارة الآثار، أرادت أن تثير نقاشاً مجتمعياً حول هذه القضية المهمة التى تتصل بتراث مصر الحضارى، وإرثها الإنسانى الذى يتعرض لخطر النهب بواسطة الحفر والتنقيب العشوائى، وجهدنا الصحفى فى كشف هذه الجرائم فى حق آثارنا هو هدف نبيل وواجب مهنى. ■ لقد استطاعت «المصرى اليوم» أن ترصد تفاصيل التجارة السرية وطرق عمل النصابين، ولم تقع ضحية تضليلهم، ومربط الفرس فى هذه القضية هو ما أقر به أمين عام المجلس الأعلى للآثار فى نهاية رده بأنه «لا أحد يمكنه منع الجريمة منعاً باتاً، خاصة جريمة الحفر خلسة ودون تصريح من الجهات المختصة»، وهذا هو جوهر القضية التى أثبتتها المصرى اليوم وطالبت بمواجهتها بحزم، وهى بذلك لا تشهر بأحد، ولا تزايد على دور الأجهزة الأثرية والأمنية المعنية التى تكن لها كل احترام، لاسيما أن تجارة الآثار المقلدة تمثل خطراً - هى الأخرى - على ثرواتنا وسمعتنا. ■ «المصرى اليوم» لم تقع ضحية أكذوبة، فهى مارست عملاً مهنياً راعت فيه الدقة لتكشف تجارة قائمة ورائجة فى جميع أنحاء مصر، خاصة فى الصعيد. ■ وإذا كان أمين المجلس الأعلى للآثار قد حكم بأن الآثار مزيفة، فنحن هنا فى حِل من الدفاع عن مسألة التزييف من عدمها، فإن أثريين ثقات مثل الدكتور عبدالحليم نورالدين وآخرين من بينهم من يعمل فى المجلس الأعلى للآثار، أكدوا أنه لا يوجد شخص يمكنه تحديد مسألة التزييف من عدمها دون رؤية التمثال رؤيا العين، ورغم ذلك فلا مصلحة للجريدة فيما إذا كانت هذه القطع أصلية أم مقلدة، كما أن تقديرنا وثقتنا فى علم د. زاهى حواس غير محدودة. ■ اتفق أمين عام المجلس الأعلى للآثار مع «المصرى اليوم» فى أن هناك جرائم تستهدف آثارنا، أما فيما يتعلق بسلامة القطع الأثرية التى نشرتها الجريدة، فهذا واجب جهات أخرى وليست «المصرى اليوم» هى الجهة المختصة التى عليها إثبات صحة التماثيل من عدمها، لكنها قامت بعمل صحفى يثبت تورط أطراف فى العبث بتاريخ الوطن، وهذا واجبها الذى تلتفت إليه بدافع من رسالتها الوطنية. ■ تحقيق «المصرى اليوم» انبنى على واقعة أساسية هى الحفائر والتنقيب فى صحراء الفيوم، والتى اعترف بها أمين عام المجلس الأعلى للآثار ثم رفض أن يخوض فى تفاصيلها، وهو ما يعد تأكيداً لما نشرته «المصرى اليوم»، ونعده جرس إنذار نسعد أن تتحرك على ضوئه الجهات المختصة. والخلاصة أن الرأى الفنى ليس من اختصاصنا، لكننا نستطيع أن نؤكد من واقع التحقيقات الصحفية التى نشرناها أن هناك سوقاً وتجاراً يبيعون تراث الوطن، ويحترفون النصب باسم آثارنا وإرثنا الحضارى، وأن أطرافاً كبيرة من بينها سفارات أجنبية ربما كانت متورطة فى تهريب آثارنا بطريقة غير مشروعة، والواجب المهنى يقتضى التصدى بشجاعة وصراحة لهذه المشكلة.