هتافات حماسية انطلقت من حناجر تغلى، وأيد خشنة أخذت فى التصفيق، لضبط إيقاع الهتاف «آه يا حكومة ما تختشيش.. مش لاقيين رغيف العيش» و«أربط أجرى بالأسعار.. أصل العيشة مرة مرار»، وعلى الجانب الآخر، وقف عدد من المارة، يتساءلون فى همس «يعنى إيه.. هما بيتظاهروا ليه؟».. مشهد تكرر طوال السنوات الماضية، وصل خلال 3 سنوات فقط ل323 عملاً احتجاجياً متنوعاً، انقسمت إلى 179حالة اعتصام، 74 حالة إضراب عن العمل، و49 حالة تظاهر، وأخيرا 21 حالة تجمهر ووقفة احتجاجية.. ربط بينها جميعا خيط رفيع، وهمّ مشترك اسمه «الأجور». جزر احتجاجية منعزلة، هدفها واحد، يجمعها هم راتب لا يكفى، وأجر غير إنسانى، بدأت فى الوحدة بدعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية، وارتفعت هامتها بحكم قضائى يلزم الحكومة بزيادة الرواتب والأجور بما يتناسب «مع نفقات المعيشة والزيادة الكبيرة فى الأسعار»، وباتت على بعد خطوات من حلم «حد أدنى لمرتب إنسانى عادل»، ناقشه الدكتور عبدالخالق فاروق بشكل واسع فى كتابه الذى لم ينشر بعد «اقتصاديات الأجور والمرتبات فى مصر 1962-2002»، ويطرح الكتاب تساؤلا يجيب عنه بآلية لكيفية صياغة نظام كفء وعادل ومتوازن للأجور والمرتبات، يسمح بتوفير «الحد الأدنى الإنسانى للأجور والمرتبات» من ناحية، ويقوم بضبط هيكل وتوازنات الأسعار «حتى لا تنفلت الأمور، فيدخل الاقتصاد المصرى كله إلى فوضى جامحة كتلك التى شهدتها الأرجنتين فى عام 2001».