يتفق مراقبون وسياسيون عراقيون على ضعف دور الجامعة العربية إبان الغزو والاحتلال، وينتقدون الدول العربية لعدم الالتزام بمعاهدة الدفاع المشترك، التى تلزم الجميع بالدفاع عن أى بلد عربى يتعرض إلى اعتداء خارجى، ويصفون الموقف العربى ب«السلبى»، بسبب دعمه للعملية السياسية، التى بدأت بالغزو وتدرجت فى مراحلها لتصل إلى «الاحتلال». فى الوقت ذاته، تتعرض الجامعة والحكومات العربية إلى انتقادات شديدة من الأطراف المشاركة فى العملية السياسية، ولم تتوقف الاتهامات الموجهة إلى العديد من دول الجوار بدعم «الإرهاب» وتسهيل دخول المسلحين إلى العراق. ومنذ احتلال العراق، حرصت مؤتمرات القمم العربية على تأكيد رفضها للعمليات الإرهابية والاقتتال الطائفى، وترجمت دعمها بافتتاح بعثة لها فى العراق خلال قمة السودان، برئاسة السفير مختار لمانى، لقيادة مشروع المصالحة الذى حرص بدوره على أن يكون دورا للجامعة العربية رغم الأوضاع الصعبة آنذلك والذى بقى فيها عاماً قبل أن يستقيل من منصبه بسبب «عدم وجود رؤية عربية»، حسب ما جاء فى نص استقالته. وسعت جامعة الدول العربية منذ أول مؤتمر قمة عربى عقد بعد الاحتلال إلى إبقاء تمثيل العراق فى الجامعة العربية وعدم ترك مقعد العراق شاغرا منذ تشكيل مجلس الحكم فى يوليو 2003، وتحركت فى مشروع المصالحة الوطنية ، وزار أحمد بن حلى بغداد فى أكتوبر 2005، ثم وصل عمرو موسى الأمين العام فى ذات الشهر. وتمخضت تلك الزيارات عن عقد أول مؤتمر للمصالحة العراقية فى القاهرة تحت عنوان «الوفاق العراقى» فى نوفمبر 2005 والذى استطاع أن يجمع كل الفرقاء السياسيين، ثم انعقد الاجتماع التحضيرى الثانى فى يوليو 2006، واتفق المشاركون فيه وهم من أبرز المعارضين ومن أقطاب الحكومة والعملية السياسية على عدة نقاط، من أهمها إعادة النظر بالدستور كاملاً. إلا أن مصادر فى المؤتمر التأسيسى الذى يتزعمه الشيخ جواد الخالصى أكدت أن حكومة المالكى تملصت من التزامات اجتماعات القاهرة، ورفضت تطبيق أى من تلك النقاط، وأبرزها إعادة الجيش السابق ومراجعة جميع بنود الدستور. يقول لواء ركن مهند العزاوى رئيس مركز صقر للدراسات الاستراتيجية ل«المصرى اليوم»، إن ما يؤسف له أن الدول العربية لم تقف الموقف المطلوب فى الدفاع عن العراق الذى تعرض للغزو والاحتلال منذ عام 2003 وحتى الآن. ويضيف: «كما أنه لم يتم تفعيل معاهدة الدفاع المشترك بين العرب، رغم حصول العدوان الأمريكى– البريطانى واستخدام القوة العسكرية فى احتلال بلد عربى». وطالب الصحفى والمحلل السياسى بسام عبد الحميد بدور عربى ملموس فى العراق «لإحداث التوازن الإقليمى، مقابل النفوذ الإيرانى الذى أصبح صاحب اليد الطولى فى العراق»، ودعا القمم العربية للإشارة إلى هذا النفوذ الذى بات يؤرق، ليس العراقيين فحسب، بل حتى دول المنطقة، والتأكيد على الهوية العربية والإسلامية للعراق. ومن المعلوم، أن العراقيين يدركون أن الغزو الأمريكى لبلدهم قد انطلق من دول عربية مجاورة، وأن هذا الغزو قد تسبب حتى الآن بقتل أكثر من مليون ونصف المليون عراقى، وهاجر خارج وداخل العراق 5 ملايين شخص، وقتل آلاف العلماء وآلاف الضباط والطيارين وأساتذة الجامعات، وأن البلد قد وصل إلى الأسوأ فى الأمن والخدمات والتعليم والبيئة. ويعبر المحلل السياسى العراقى نزار السامرائى عن تشاؤمه من دور فاعل للجامعة العربية فى قمة سرت، قائلا ل«المصرى اليوم»: «تأكدت الدول العربية أن أمريكا احتلت العراق استناداً إلى كذبة أسلحة الدمار الشامل وعلاقته بالإرهاب، وتبين أن هذه ليست بأكثر من فرية، إلا أن تحركاً جاداً لإنقاذ العراق من الاحتلالين الأمريكى والإيرانى لم يحصل»، ويضيف: «لا نعتقد أن المؤتمر القادم سيحمل شيئاً مهماً فى ملف العراق».