تنفرد «المصري اليوم»، بنشر حيثيات الحكم الصادر من محكمة جنح الشيخ زايد، برئاسة المستشار محمد عبدالسلام روق، ببراة عبدالله مصطفى، فرد الأمن بأحد المولات الشهيرة، من الاتهام المنسوب إليه قبل إمام عاشور لاعب كرة القدم بالنادي الأهلي، بالبلاغ الكاذب بشأن الواقعة المتداولة إعلاميًا باسم «خناقة المول»، إذ توجه اللاعب إلى الجراج بالمكان بحثًا عن أشخاص قالت زوجته إنهم تحرشوا بها. براءة فرد الأمن بواقعة إمام عاشور كان دفاع «عاشور» اتهم (عبدالله) بنشر أخبار كاذبة بشأن واقعة خناقة المول. تطرق الحكم أولًا إلى الدعوى المقابلة من قبل دفاع لاعب الأهلي إمام عاشور فقال: «أما بشأن طلب المدعي بالحق المدني- الدعوى المدنية المقابلة بتهمة البلاغ الكاذب بإلزام المتهم بأن يؤدي له مبلغ أربعين ألف وواحد جنيهًا، وحيث أن عن موضوع البلاغ الكاذب ولما كان من المقرر بنص المادة «267» من قانون الإجراءات الجنائية «للمتهم أن يطالب المدعى بالحقوق المدنية أمام المحكمة الجنائية بتعويض الضرر الذي لحقه بسبب رفع الدعوى المدنية عليه إن كان لذلك وجه، وله كذلك إن يقيم عليه لذات السبب الدعوى المباشرة أمام ذات المحكمة بتهمة البلاغ الكاذب إن كان لذلك وجه، وذلك بتكليفه مباشرة بالحضور أمامها، ويجوز الاستغناء عن هذا التكليف إذا حضر المدعى بالحقوق المدنية الجلسة، ووجه إليه المتهم التهمة وقبل المحاكمة». مبادئ قانونية واستندت المحكمة في قرارها بالبراءة إلى العديد من المبادئ القانونية، فأوضحت: «لما كان من المقرر بنص المادة الخامسة من القانون المدني أنه «يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية: إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، وإذا كانت المصالح التي يرمى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها، وإذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة، ولما كانت المادة آنفة البيان قد أوردت معايير إساءة استعمال الحق على سبيل الحصر، ومن ثم يلتزم من يدعى إساءة استعمال الحق إثبات توافر إحداها بحيث إن أخفق في ذلك كان استعمال الحق مشروعًا مهما أدى إلى أضرار بالغير». وأضافت «جنح الشيخ زايد»: «لما كان من المستقر عليه بقضاء النقض أن «حق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة التي تثبت للكافة فلا يسأل من ولج أبواب القضاء تمسكًا أو ذودًا عن حق يدعيه لنفسه إلا أنه إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم فإنه تحق مساءلته عن تعويض الأضرار التي تلحق هذا الخصم بسبب إساءة استعمال هذا الحق، وتقدير قيام التعسف والغلو في استعمال الحق وثبوت الضرر الناتج عن هذا التعسف والذي يلحق طالب التعويض فيه هو، مما تستقل به محكمة الموضوع مادامت قد أبانت عناصره ووجه أحقيه طالب التعويض فيه». ووفق حيثيات البراءة: «يبين لنا من مطالعة نصوص المواد آنفة البيان أن لجريمة الأخبار بأمر كاذب شرائط قانونية استلزم الفقة والقانون توافرها حتى يرفع بنيان تلك الجريمة وهي كالآتي، أولًا: بلاغ كاذب: وهو الأخبار وإخطار السلطات بنسبة واقعة إلى شخص وهو من حيث جوهره من شأنه علم السلطات بواقعة ويشترط في ذلك أن يكون ذلك الإبلاغ كاذبًا وأن تلك الوقائع التي تتضمنها البلاغ مكذوبة وأن يكون ذلك الإبلاغ ضد شخص بعينة أو أشخاص بعينهم». وأضافت: «ثانيًا: أن يكون الإبلاغ عن أمر مستوجب لعقوبة فاعلة: ومن ثم فإن القانون لا يعاقب على البلاغ الكاذب إذا لم يتضمن أمرًا مستوجبًا لعقوبة فاعلة ولكن لا يشترط للعقاب على جريمة البلاغ الكاذب أن يكون الفعل الذي تضمنه البلاغ المقدم معاقب عليه جنائيًا بل يكفي أن يكون مستوجبًا لعقوبة تأديبية، ثالثًا: الجهة المدقم إليها الإبلاغ: يشترط القانون في البلاغ الكاذب أن يكون قد رفع إلى الحكام القضائيين أو الإداريين وبعبارة أخرى أن يكون قد رفع إلى رجال السلطة القضائية أو السلطة الإدارية لأن هاتين السلطتين هما اللتان تملكان حق العقاب والتأديب، رابعًا: القصد الجنائي: فالقصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب يتكون من عنصرين هما: علم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها، واتجاه نيته إلى الأضرار بمن بلغ في حقه». وأوضحت المحكمة في حيثيات براءة فرد الأمن بواقعة إمام عاشور: «لما كان من المقرر قضاءً «من المقرر أن الركن الأساسي في جريمة البلاغ الكاذب هو تعمد الكذب في التبليغ وهذا يقتضي أن يكون المبلغ عالمًا يقينيًا لا يداخله أي شك في أن الواقعة التي أبلغ بها كاذبة، وأن المبلغ ضده برئ منها كما يشترط لتوافر القصد الجنائي في تلك الجريمة أن يكون الجاني قد أقدم على تقديم البلاغ منتويًا السوء والإضرار بمن أبلغ في حقه، مما يتعين معه أن يعني الحكم القاضي بالإدانة في هذه الجريمة بيبان هذا القصد بعنصريه». أسباب براءة فرد الأمن في خناقة المول وأودعت «الجنح» حيثيات قرارها بالبراءة، قائلة: «هديًا بما تقدم وتأصيلًا لما سلف سرده من مبادئ قانونية فإن المحكمة بما أحاطت به عن بصر وبصيرة بظروف وملابسات تلك الدعوى لا تجد فيما أسند للمتهم من أدلة الاتهام ما يحمل على القضاء بالإدانة إذ أنه بمطالعة أوراق دعوانا بحثًا عن توافر أركان تلك الجريمة فيما أتاه الفاعل واستهلالًا بأولى تلك الأركان متمثلًا في استلزام المشرع أن يكون ذلك البلاغ، وذلك الأخبار قد أتى بأمرًا مكذوب لم يحدث، وحيث تبين للمحكمة أن المتهم قد حرر بلاغًا قبل المدعي بالحق المدني وآخرين متهمًا إياه بالتعدي عليه بالضرب ومحدثًا إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق بالأوراق، ومن مطالعة المحكمة المحكمة للمستندات المقدمة أمامها وجدت كون أوراق الدعوى برمتها وما قد بها من مستندات قد خلت مما يفيد الجزم واليقين بعدم ارتكاب المدعي بالحق المدني ما نسب إليه موضوع البلاغ آنف البيان، وكان براءة المتهم من الاتهام المسند إليه مما انتهت إليه سلفًا، لا يعد بذاته دليلًا على كذب المتهم وقصد الإضرار بالمدعي بالحق المدني في بلاغه». واختتمت: «سيما كون المتهم قد استخدم حقًا من الحقوق المكفولة له بموجب القوانين والدستور وهو حق الإبلاغ والتقاضي، ومعه فقد خلت الأوراق مما يفيد تعمد قيام المتهم بالإبلاغ والشكوى كذبًا بقصد الأضرار بالمدعي بالحق المدني ولم يثبت بالأوراق إساءة استخدام المتهم لذلك الحق، ومن ثم فإن ذلك الركن قد غاب ظله عن الأوراق لما سلف بيانه وتركا لذلك الركن دلوفًا إلى ما تلاه من أركان أخرى فإن المحكمة لا ترى ضرورة للإبصار قبلها، لأنه لا يستقيم إزاء انتفاء أولى تلك الأركان أن يتوافر ماعداها من شرائط قانونية أخرى، الأمر الذي تنهار معه أركان تهمة البلاغ الكاذب في حق المتهم، الأمر الذي تقضي معه المحكمة ببراءة المتهم مما أسند إليه عملًا بنص المادة 304/1 إجراءات جنائية وعلى نحو ما سيرد بالمنطوق».