النخلة خير وبركة وظِل وغذاء، لا تستنزف الماء، وتثبت التربة، وفيها 100 فائدة، وضُرب بها المثل بالقرآن الكريم بقوله تعالى«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ». وبدأت خطة قومية 2019 لزراعة 7 ملايين نخلة. ومن قبلها انتشرت زراعة النخيل بجميع شوارع مصر فزرعت بجزر الطرق الرئيسة والشوارع ومداخل المدن والمحافظات، لتضفى ميزة جمالية عليها ولتوفر الظل فى الشمس الحارقة خاصة أنها الأكثر مناسبة للطرق والمرور، فهى لا تحجب الرؤية فى منتصفات الشوارع. وفى سبتمبر من كل عام تأتى مذبحة البلح فى الشوارع. ومسؤولية زراعة وصيانة نخيل الشوارع (والذى معظمه من أفضل سلالات النخيل المنتج بدليل حجم البلح الأصفر والأحمر المدهوس بالأقدام) تقع على عاتق الهيئات المحلية كالبلديات والمجالس المحلية. وهذه الهيئات تتولى تخطيط وتنفيذ مشاريع التشجير والتجميل فى الشوارع والأماكن العامة. أى أنها ليس لديها اهتمام سوى بسقيا النخيل وليس استثماره بتلقيحه وقت الإثمار ولا تقوم بالاستفادة من عائداته (بإزالة الجريد دوريًا وبيعه) أو جمع ثماره عن طريق استئجار النخالين فى موسم الجمع (عمال الزراعة المعنيين بجمع البلح). وبالنظر إلى تكرار تلك الجريمة البيئية سنويًا والثروة المبددة بترك بلح نخيل الشوارع ليسقط ويدهس (بدعوى أن ثمار نخيل الشوارع فى الطرقات غير صالحة للاستهلالك البشرى، بسبب تعرضها الدائم للتلوث من عوادم السيارات التى تجوب الشوارع والطرقات، وللرصاص وغيرها من المواد المتطايرة من محركات السيارات أو لريها بمياه الصرف الصحى المعالج)، فلا سبيل لوقف هذه المذبحة إلا بإقامة مؤسسة مسؤولة وتملك الخبرة الزراعية والهندسية والبيئية للعناية بالثروة المبددة من بلح الشوارع ولقياس واختيار وتنويع التشجير «مصلحة التشجير ومكافحة الاحتباس الحرارى بالشوارع» مهمتها خلق البيئة السليمة بشكل علمى لإنتاج «أكسجين للبيئة والصحة»، والحد من آثار تغير المناخ والدفء العالمى وأن تنتشر بشوارع مصر المظلات الحرارية الطبيعية (بالشجر) والصناعية (مظلات بمحطات الانتظار مزودة بألواح الطاقة الشمسية التى تستخدمها لتبريد الهواء تحتها). وأولى مهام «مصلحة مكافحة الاحتباس الحرارى بالشوارع» تسليم نخيل الشوارع لشركة زراعية متخصصة بالعناية بالنخيل واستثماره، تتولى العناية به طوال العام، وتستفيد من ثماره الصالحة بتوزيعها على الجمعيات الخيرية أو بالاستفادة من غير الصالح للاستخدام الآدمى بالعصر وتحويله لأعلاف حيوانية وخمائر وكحول وصوابين وألوان طبيعية ومواد صناعية وسيطة. ثم توقف وتمنع غرس أشجار النخيل- ذات الكلفة الباهظة مقارنة بأشجار الظل المثمرة- بالشوارع وقصره على المزارع والحدائق، والعودة للتشجير بالشوارع لما له من إثراء للتنوع البيئى وإيواء العصافير والطيور والتعويض بالخدمات البيئية التى تقدمها الشجرة صيفًا وشتاء بامتصاص ثانى أكسيد الكربون وتلطيف الأجواء والحد من أمراض الجهاز التنفسى، وإنتاج الأكسجين، وتثبيت الغبار، فضلًا عن الظل الممتد للشجر أفقيًّا ليسع أعدادًا أكبر والذى تبرز أهميته مع المستويات القياسية لدرجة الحرارة التى باتت تلهبنا.