الإمارات تخفض سعر الأساس بواقع 50 نقطة    مصدر أمني يفسر لRT سبب ارتفاع عدد الإصابات في انفجارات أجهزة "البيجر" مقارنة ب"ووكي توكي آيكوم"    خبير: الداخل الإسرائيلي يعيش في حالة زعر مستمر    أيمن موسى يكتب: سيناريوهات غامضة ل«مستقبل روسيا»    الاستخبارات الأمريكية: إيران عرضت على حملة بايدن معلومات مسروقة من حملة ترامب    زيلينسكي: خطة النصر الأوكرانية قد اكتملت    جوميز يحسم مشاركة فتوح أمام الشرطة الكيني    شريف دسوقي: كنت أتمنى أبقى من ضمن كاست "عمر أفندي"    الخارجية الأمريكية ل أحمد موسى: أمريكا مستعدة لتقديم خدمات لحل أزمة سد النهضة    حقيقة الذكاء الاصطناعي واستهلاك الطاقة    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    اتحاد الكرة: تغيير لائحة كأس مصر وارد ليس لمجاملة الأهلي    شديد الحرارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الخميس (خلوا بالكم الصيف مخلصش)    إنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية في هذا الموعد    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة للقبول بالجامعات (رابط مباشر)    الأهلي لم يتسلم درع الدوري المصري حتى الآن.. اعرف السبب    8 شهداء في غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين بحي الشجاعية شرق مدينة غزة    تفاصيل مصرع مُسن في مشاجرة على قطعة أرض في كرداسة    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024    الشاب خالد: والدي طلب مني أسامحه قبل وفاته "لهذا السبب"    «أنبوبة البوتاجاز» تقفز ل 150جنيهًا    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    عبير بسيوني تكتب: وزارة الطفل ومدينة لإنقاذ المشردين    "ماتت قبل فرحها".. أهالي الحسينية في الشرقية يشيعون جنازة فتاة توفيت ليلة الحنة    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    طفرة عمرانية غير مسبوقة واستثمارات ضخمة تشهدها مدينة العاشر من رمضان    عقب تدشينها رسميا، محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة "بداية جديدة "    آيتن عامر بإطلالة جريئة في أحدث ظهور..والجمهور: "ناوية على إيه" (صور)    محمد فاروق: المنظومة التحكيمية مليئة بالصراعات.. ومحاولات لإبعادي من رئاسة اللجنة    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    الشاب خالد: اشتغلت بائع عصير على الطريق أيام الفقر وتركت المدرسة (فيديو)    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    الزمالك يتحرك للتخلص من هذا اللاعب    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    حقيقة عودة إضافة مادة الجيولوجيا لمجموع الثانوية العامة 2025    «طعنها وسلم نفسة».. تفاصيل إصابة سيدة ب21 طعنة علي يد نجل زوجها بالإسماعيلية    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    سيلتك يكتسح سلوفان براتيسلافا بخماسية في دوري أبطال أوروبا    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    هيفتشوا وراك.. 5 أبراج تبحث في موبايل شريكهم (تعرف عليها)    أسماء جلال جريئة ومريم الخشت برفقة خطيبها..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| مفاجأة صلاح التيجاني عن النجوم وحقيقة خضوع نجمة لعملية وتعليق نجم على سقوطه بالمنزل    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    عاجل - قرار تاريخي:الاحتياطي الفيدرالي يخفض الفائدة إلى 5.00% لأول مرة منذ سنوات    خالد الجندى: عدم الاهتمام بإراحة الجسم يؤدى لاضطراب الصلاة والعبادات    خسوف القمر 2024..بين الظاهرة العلمية والتعاليم الدينية وكل ما تحتاج معرفته عن الصلاة والدعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال حمدان يصف سيناء فى ذكرى التحرير
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 04 - 2023

تمر علينا هذه الأيام ذكرى عزيزة على قلوبنا جميعا وهى ذكرى تحرير سيناء الحبيبة فى 25 إبريل 1982 التى ارتوت بدماء المصريين لتحريرها من الكيان الصهيونى.
فعيد تحرير سيناء عيد قومى يحتفل الشعب المصرى به فى 25 إبريل من كل عام.. ذلك اليوم الذى استردت فيه مصر أرض سيناء بعد صراع طويل بينها وبين إسرائيل حيث شهدت معارك شرسة خلال حرب 1973، كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وانتصارا كاسحا للسياسة العسكرية المصرية، حيث بذل جيش مصر وشعبها كل وسائل النضال والكفاح المسلح لتحرير أرضها منذ عام 1967 ثم حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 ثم مباحثات كامب ديفيد عام 1978 التى أدت لتوقيع معاهدة السلام المصرية- الإسرائيلية عام 1979 التى نصت على انسحاب إسرائيل بشكل كامل من شبه جزيرة سيناء وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها المصرى لكن بشكل تدريجى، وكان 25 إبريل هو تاريخ رحيل آخر جندى إسرائيلى من مصر وتم رفع العلم على مدينتى رفح وشرم الشيخ فى ذلك اليوم واستكمال الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد احتلال دام 15 عاماً. وخلال الانسحاب النهائى الإسرائيلى من سيناء كلها فى 25 إبريل عام 1982، تفجر الصراع بين مصر وإسرائيل حول طابا وعرضت مصر موقفها بوضوح «لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا»، واستغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية 7 سنوات من الجهد الدبلوماسى المصرى المكثف‏.
وكان لاسترداد أرض سيناء نتائج مباشرة على الصعيدين العالمى والمحلى، حيث انقلبت المعايير العسكرية فى العالم كله واسترد المقاتل المصرى والعربى الثقة بنفسه وقيادته. ولسيناء مكانة متميزة جغرافيا حيث إنها محور الاتصال بين آسيا وإفريقيا ويحتوى كل شبر من أرضها على كنز.
وليس أفضل من يتكلم عن أهمية سيناء التاريخية والاستراتيجية من الدكتور الراحل جمال حمدان، حيث استحوذت «سيناء» على تفكيره واحتلت مكانًا بارزًا فى كتاباته ومؤلفاته، فأولاها مكانة خاصة بوصفها أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق، وبوصفها كذلك وحدة جيواستراتيجية واحدة، لكل جزء منها قيمته الحيوية. وكان قد أشرف على إخراج هذا الكتاب فى شكله الحالى تمهيدًا لنشره، وذلك قبل أن توافيه المنية.
ويناقش دكتور جمال فى هذا الكتاب الهام سيناء من جميع جوانبها: الاستراتيجية والسياسية والجغرافية..
ويبدأ قائلا: الواقع أنه إن تكن مصر ذات أطول تاريخ حضارى فى العالم، فإن لسيناء أطول سجل عسكرى معروف فى التاريخ تقريبا. ولو أننا استطعنا أن نحسب معاملا إحصائياً لكثافة للحركة الحربية. فلعلنا لن نجد بين صحارى العرب. وربما صحارى العالم، رقعة كالشقة الساحلية من سيناء حرثها الغزوات والحملات العسكرية حرثا. من هنا فان سيناء أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق. إنها لخيير بالنسبة للهند، أو كممر دز ونجاريا بالنسبة لوسط آسيا، أو هى ترموبيل مصر. بل إننا ليمكن أن نقول إنها بمثابة ثلاثتها جميعا، وذلك بمضايقها الثلاثة ممر مثلا إزاء السويس وطريق الوسط إزاء الإسماعيلية وطريق ساحل الكثبان الشمالى ابتداء من القنطرة. وبغير مبالغة ذلك: فسيناء أيضاً مدخل قارة برمتها مثلما هى مدخل مصر.
ويضيف «حمدان»: «من يسيطر على فلسطين يهدد خط دفاع سيناء الأول، ومن يسيطر على خط دفاع سيناء الأوسط يتحكم فى سيناء، من يسيطر على سيناء يتحكم فى خط دفاع مصر الأخير، كان هناك دائما عدو يشكك بطريقة ما فى مصرية سيناء ويطمع فيها بصورة ما، بالضم، بالسلخ، بالعزل».
يقول «حمدان» عن محاولات ضم أو سلخ أو عزل سيناء: «قد تكون غالبًا أو دائمًا أرض رعاة، ولكنها قط لم تكن أرضًا بلا صاحب.. منذ فجر التاريخ».
ثم ينتقل للحديث عن الأهمية الجغرافية والسواحل التى تتمتع بها سيناء يقول «حمدان»: «بلغ مجموع سواحل سيناء 700 كم من 2400 كم هى مجموع سواحل مصر، فسيناء (61 ألف كم مربع) تشكل 6.1% من مساحة مصر، وتستأثر بنحو 29.1% من سواحل مصر، لهذا ينخفض معامل القارية فى سيناء كثيرًا إذا ما قورن بنظيره فى مصر ككل، ذلك إن سيناء تمتلك كيلومترًا ساحليّا لكل 87 كم2 من مساحتها، مقابل كيلومتر لكل 417 كم2 فى مصر عمومًا».
وتنقسم سيناء جغرافياً إلى 3 أقاليم طبيعية من الشمال إلى الجنوب، وسهول واسعة تعرف بسهول العريش والهضبة الوسطى «هضبة التيه»، ثم الكتلة الجبلية المشهورة باسم «جبل الطور».
أما «جبل الطور» أو «إقليم الجبال» الذى يميز الكتلة الجبلية الحقيقية، حيث الصخور النارية البلورية الجرانيتية الصلدة، فهو يحتل الثلث الجنوبى الأقصى والأضيق من مثلث شبه جزيرة سيناء ما بين الخليجين، فهو محدود المساحة، وأقل من ثلث شبه الجزيرة لكنه متميز ومتبلور الشخصية جداً، حيث الجبال المدببة الشاهقة والكتل الجبلية الضخمة الحادة، باختصار إنه نواة سيناء الصلبة وقلعتها المعزولة.
وعن الثروات الطبيعية فى باطن أرض سيناء يقول: أوضح، بما لا يدع مجالا للشك، أننا عندما نقف على أرض سيناء فإننا نقف على أقدم منجم عرفه تاريخ الإنسانية كلها لا التاريخ المصرى القديم فحسب.. ودلل على ذلك بما يتبقى حتى الآن من آثار وبقايا التعدين القديمة، التى تحمل لنا فى بعض المناطق ببوتقات وقوالب السّبك وكسر الرخام، من الذهب إلى الفيروز والنحاس، ومن المغارة إلى صرابيت الخادم.
ويضيف حمدان: «شرم الشيخ بصفة خاصة جدا هى التى تعد المفتاح الاستراتيجى لكل المثلث الجنوبى، فهى وحدها التى تتحكم تماما فى كل خليج العقبة دخولا وخروجا عن طريق مضيق تيران. فهذا المضيق المختنق كعنق الزجاجة، الذى تزيده ضيقا واختناقا جزيرتا تيران وصنافير فى حلقه، لا يترك ممرا صالحا للملاحة إلا لبضعة كيلومترات معدودة تقع تماما تحت ضبط وسيطرة قاعدة شرم الشيخ الحاكمة».
ثم يتحدث حمدان عن محاور سيناء الاستراتيجية: فإذا بدأنا بثلاثية المحاور وجدنا ثلاث مجموعات من الطرق الشريانية العرضية التى تستحيل للحركة الميكانية خارجها: محور الشمال الذى يوازى الساحل، ومحور الجنوب الذى يصل بين زاوية البحر المتوسط قرب رفح ورأس خليج السويس، وبينهما محور الوسط الذى يترامى كقاطع بين زاوية البحر المتوسط وبين منتصف قناة السويس عند بحيرة التمساح.
ثم شرح كيف أثر التركيب الجيولوجى لكل خليج على ثروته: «خليج السويس خليج بترول غنى أرضًا وماءً، بينما خليج العَقبة خليج جاف بتروليّا، ولا شك أن هذا الفارق يفسر بعض مَظاهر الاختلافات البشرية والعمرانية على شواطئ الخليجيْن وفى مياههما، ولو أن الفارق التاريخى والبشرى الحاسم إنما- يقينًا- من تفرد خليج السويس بقناة ملاحة الشرق- الغرب العظمى- فكان شريانًا عالميّا، حيث ظل العَقبة منزويًا كزقاق مغلق مظلم شبه مهجور، وأنه بدأ يتحول مؤخرًا إلى حارة أو عطفة محلية لأسباب طارئة عابرة غالبًا».
وقد ساهم تطور الحروب فى تحويل سيناء إلى أرض معركة بعد أن كان طريق معركة، وذلك حين كانت نقطة ارتكاز للوثوب إلى ساحل البحر الأحمر بالسلاح البحرى أو بالطيران وكانت شرم الشيخ هى مفتاح هذا المثلث.
ويرجع «حمدان» ضعف عدد سكان سيناء إلى أنها أصبحت مطمعاً للمستعمرين فقال: «كان هناك عدو يشكك بطريقة ما فى مصرية سيناء ويطمع فيها بصورة ما بالضم أو بالسلخ أو بالعزل، ولكن أعود وأكرر «التعمير.. التعمير» هو الرد العملى على أطماع نزع الهوية عن سيناء وأيضاً لحمايتها.
ومن بين المقترحات التى قدّمها جمال حمدان لربط سيناء بالوادى والدلتا منذ ما يزيد على أربعة عقود، توصيل مياه النيل أسفل قناة السويس عبر صحارى خاصة من ترعة الإسماعيلية.
وعن هذا المشروع تحدّث: إنها فكرة قديمة، وقد تحققت مؤخرًا.. وبها عاد قطاع من سيناء كما كان فى القديم جزءًا من حوض النيل، وكانت خطة المشروع زراعة 50 ألف فدان فى غرب سيناء، يمكن التوسع فيها مستقبلا لتشمل استصلاح سهل الطينة، كما يمكن مَده ليتصل بوادى العريش نفسه مباشرة أو حتى عن طريق وادى الحاج ووادى بروك، وهناك تقديرات مليونية لإمكانيات التوسع إذا تحققت فستنقلب الصورة تمامًا».
وطالب فى نهاية دراسته المتعمقة بأن تكون إعادة تعمير سيناء قطعة رائدة من التخطيط القومى والإقليمى، العمرانى والاستراتيجى، تضع التحدى الحضارى على مستوى التحدى العسكرى.
ورسم ملامح حلم هذا التعمير بأن يكون الساحل الشمالى غنيًا بالزراعة، والغربى نشطًا فى مجال التعدين، والشرقى فى مجال الرعى، وأن تكون قناة السويس مزدوجة، ويتجمع العمران الكثيف حول ضفتيها، وأن تكون هناك سلسلة من الأنفاق تحت القناة تحمل شرايين المواصلات البرية والحديدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.