أكد حقوقيون وخبراء فى مجالى القانون والاتصالات أن القانون الدولى لحقوق الإنسان وضع إطارًا واضحًا وعالميًا لتعزيز الحق فى الخصوصية وحمايته، بما فى ذلك سياق المراقبة الداخلية والخارجية، واعتراض الاتصالات الرقمية، وجمع البيانات الشخصية. وأوصى المشاركون فى ختام أعمال المؤتمر الدولى حول «تعزيز الحق فى الخصوصية فى سياق تحديات الذكاء الاصطناعى»- الذى نظمته المنظمة العربية لحقوق الإنسان بالشراكة مع اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، على مدار يومين- بضرورة تعزيز التشريعات الوطنية للحق فى الخصوصية فى ظل الثورة التكنولوجيا العالمية الهائلة. وشددوا على أن الممارسات فى العديد من الدول كشفت عن عدم وجود تشريعات أو وسائل إنفاذ وطنية كافية، ووجود ضمانات إجرائية ضعيفة، ورقابة غير فعالة.. كل ذلك أسهم فى انعدام المساءلة عن التدخل التعسفى أو غير القانونى فى الحق فى الخصوصية. وحذر المشاركون خلال المؤتمر الذى عُقد بمشاركة خبراء من 23 دولة وممثلين عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وممثلين عن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وقيادات 32 منظمة حقوقية غير حكومية فى 16 بلدًا عربيًا و7 دول أوروبية- من أن الحق فى الخصوصية يثير حق الدول فى بعض الأحيان فى المراقبة الجماعية، واعتراض الاتصالات الرقمية، وجمع البيانات الشخصية. وقال الدكتور محمد سالم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، إن هناك أكثر من 150 دستورًا على مستوى العالم أشارت إلى الحق فى الخصوصية، وأنه من الطبيعى أن تتنوع مجهودات الدول فى ترجمة هذا الحق إلى قوانين وضعية. وعرض «سالم» ورقة مقدمة بعنوان «تحديات إعمال الحق فى الخصوصية فى ظل التطور التكنولوجى»، أكد خلالها تسارع وتيرة التطور فى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتأثيرها المباشر وغير المباشر على جميع مناحى الحياة. من جانبه، أشار نائب رئيس محكمة التمييز الأردنية، عضو مجلس أمناء المركز الوطنى لحقوق الانسان بالأردن، الدكتور محمد الطراونة، إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعى يطرح انشغالات جوهرية وتهديدا مباشرا على الحريات وحقوق الإنسان الأساسية. وقال «الطراونة»: «لعل أول حق أساسى يتبادر إلى الذهن فى هذا الإطار هو الحق فى الخصوصية، على اعتبار أن الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعى تعتمد بالأساس على جمع واستخدام كميات هائلة من البيانات من أجل التنبؤ وأداء المهام المتوخاة من تطويرها». وأكد محمود قنديل، المحامى بالنقض، كبير مستشارى المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن عملية حماية البيانات الشخصية أضحت من أهم الحقوق الفردية للحفاظ على الخصوصية، التى تعد من ركائز حقوق الإنسان الرقمية فى العصر الحديث، وباتت مؤشرًا كذلك على التقدم واحترام حقوق الإنسان والديمقراطية. وكشف «قنديل» عن توظيف تلك البيانات الشخصية بعد تحليلها ومعالجتها وتصنيفها لتحقيق أهداف تجارية، أو لتحقيق أهداف أمنية لجهات استخباراتية خارجية قد تضر بالاقتصاد والأمن القومى. وأوضح عضو الهيئة المديرية لمركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطى بالمغرب، إدريس بلماحى، أن تحديات توظيف الذكاء الصناعى لا تعتبر الذكاء الصناعى غير المتحكم فيه تحديًا للقيم الإنسانية فقط؛ وإنما تهديدٌ لمنظومة القوانين والمؤسسات التى بنت عليها حضارتها، لأن منطقه يقتصر على تنظيم المنتجات والخدمات الدامجة لتطبيقاته دون مراعاة للقوانين والمؤسسات الراعية لحماية حقوق وحريات الأفراد من قبيل حماية المستهلك والمعطيات الشخصية للأفراد ومقومات المحاكمة العادلة وحق الانتصاب أمام العدالة للدفاع عن الحقوق.
