العثور على أجهزة اتصال من طراز "بيجر" حزب الله للبيع على الإنترنت في روسيا    محلل إسرائيلي: حزب الله ارتكب 3 أخطاء قاتلة فتحت الباب أمام الموساد لضربه بقوة    موعد مباراة برشلونة وموناكو في دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    حبس 19 تاجر مخدرات ضبط بحوزتهم 58 كيلو مخدرات    عمرو سعد يُعلن موعد عرض فيلم الغربان ويُعلق: المعركة الأخيرة    كيفية الوضوء لمبتورى القدمين واليدين؟ أمين الفتوى يوضح    الإمارات تخفض سعر الأساس بواقع 50 نقطة    جوميز يحسم مشاركة فتوح أمام الشرطة الكيني    خبير: الداخل الإسرائيلي يعيش في حالة زعر مستمر    أيمن موسى يكتب: سيناريوهات غامضة ل«مستقبل روسيا»    شريف دسوقي: كنت أتمنى أبقى من ضمن كاست "عمر أفندي"    الاستخبارات الأمريكية: إيران عرضت على حملة بايدن معلومات مسروقة من حملة ترامب    الخارجية الأمريكية ل أحمد موسى: أمريكا مستعدة لتقديم خدمات لحل أزمة سد النهضة    حقيقة الذكاء الاصطناعي واستهلاك الطاقة    إنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية في هذا الموعد    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي.. «السيتيزنز» يطارد رقما قياسيا    «افتراء وتدليس».. رد ناري من الأزهر للفتوى على اجتزاء كلمة الإمام الطيب باحتفالية المولد النبوي    8 شهداء في غارة إسرائيلية استهدفت مدرسة تؤوي نازحين بحي الشجاعية شرق مدينة غزة    تفاصيل مصرع مُسن في مشاجرة على قطعة أرض في كرداسة    موعد صرف معاشات شهر أكتوبر 2024    «أنبوبة البوتاجاز» تقفز ل 150جنيهًا    بالاسم ورقم الجلوس.. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة للقبول بالجامعات (رابط مباشر)    الأهلي لم يتسلم درع الدوري المصري حتى الآن.. اعرف السبب    "ماتت قبل فرحها".. أهالي الحسينية في الشرقية يشيعون جنازة فتاة توفيت ليلة الحنة    مصدر أمني ينفي انقطاع الكهرباء عن أحد مراكز الإصلاح والتأهيل: "مزاعم إخوانية"    طفرة عمرانية غير مسبوقة واستثمارات ضخمة تشهدها مدينة العاشر من رمضان    عقب تدشينها رسميا، محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة "بداية جديدة "    آيتن عامر بإطلالة جريئة في أحدث ظهور..والجمهور: "ناوية على إيه" (صور)    بشاير «بداية»| خبز مجانًا وقوافل طبية وتدريب مهني في مبادرة بناء الإنسان    عبير بسيوني تكتب: وزارة الطفل ومدينة لإنقاذ المشردين    حامد عزالدين يكتب: فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم    الشاب خالد: اشتغلت بائع عصير على الطريق أيام الفقر وتركت المدرسة (فيديو)    تراجع بقيمة 220 جنيهًا.. سعر الحديد والأسمنت الخميس 19 سبتمبر 2024 بعد التحديث الجديد    «هي الهداية بقت حجاب بس؟».. حلا شيحة تسخر من سؤال أحد متابعيها على التواصل الاجتماعي    الزمالك يتحرك للتخلص من هذا اللاعب    كشف حقيقة فيديو لفتاة تدعي القبض على شقيقها دون وجه حق في الإسكندرية    «استعلم مجانًا».. نتيجة تنسيق المرحلة الثالثة 2024 علمي وأدبي فور إعلانها رسميًا (رابط متاح)    هل موت الفجأة من علامات الساعة؟ خالد الجندى يجيب    إيمان كريم تلتقي محافظ الإسكندرية وتؤكد على التعاون بما يخدم قضايا ذوي الإعاقة    كيفية تحفيز طفلك وتشجيعه للتركيز على الدراسة    السفر والسياحة يساعدان في إبطاء عملية الشيخوخة    أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد وتخلصه من السموم    الفنانة فاطمة عادل: دورى فى "الارتيست" صغير والنص جميل وكله مشاعر    بوروسيا دورتموند يعود لألمانيا بفوز عريض على كلوب بروج    حقيقة عودة إضافة مادة الجيولوجيا لمجموع الثانوية العامة 2025    «طعنها وسلم نفسة».. تفاصيل إصابة سيدة ب21 طعنة علي يد نجل زوجها بالإسماعيلية    صلاح التيجاني: والد خديجة يستغلها لتصفية حسابات بعد فشله في رد زوجته    عقب تدشينها رسميًا.. محافظ قنا ونائبه يتابعان فعاليات اليوم الأول من مبادرة «بداية جديدة»    بخطأ ساذج.. باريس سان جيرمان يفوز على جيرونا في دوري أبطال أوروبا    قمة نهائي 2023 تنتهي بالتعادل بين مانشستر سيتي وإنتر ميلان    نشاطك سيعود تدريجياً.. برج القوس اليوم 19 سبتمبر 2024    صحة مطروح تقدم 20 ألف خدمة في أولى أيام المبادرة الرئاسية «بداية جديدة».. صور    حدث بالفن| مفاجأة صلاح التيجاني عن النجوم وحقيقة خضوع نجمة لعملية وتعليق نجم على سقوطه بالمنزل    عاجل - قرار تاريخي:الاحتياطي الفيدرالي يخفض الفائدة إلى 5.00% لأول مرة منذ سنوات    من الأشراف.. ما هو نسب صلاح الدين التيجاني؟    محافظ القليوبية يكرم المتفوقين في الشهادات العامة بشبرا الخيمة    أسماء جلال جريئة ومريم الخشت برفقة خطيبها..لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    خسوف القمر 2024..بين الظاهرة العلمية والتعاليم الدينية وكل ما تحتاج معرفته عن الصلاة والدعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيرين أبو عاقلة.. مسيرة مهنية وإنسانية زاخرة يسردها زملاء الميدان (ملف خاص)
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 05 - 2022

«لن أنسى أبدًا حجم الدمار، ولا الشعور بأن الموت كان أحيانًا على مسافة قريبة، لم نكن نرى بيوتنا.. كنا نحمل كاميراتنا ونتنقل عبر الحواجز العسكرية والطرق الوعرة.. اخترت الصحافة كى أكون قريبة من الإنسان؛ الأمر ليس سهلًا، ربما أغير الواقع؛ لكننى على الأقل كنت قادرة على إيصال هذا الصوت إلى العالم.. أنا شيرين أبوعاقلة»، بهذه الكلمات وثقت شهيدة الحقيقة، شيرين أبوعاقلة، مسيرتها البطولية لنقل ما يجرى فى بلادها المحتلة من انتهاكات يومية، طيلة 25 عامًا، عمر امتهانها العمل الصحفى، لم تتوان يوما عنه، قبل أن تنفذ رصاصة الاحتلال الإسرائيلى إلى رأسها، عبر قناص عمد استهدافها واغتيالها رغم التزامها بسترة الصحافة الزرقاء.
صباح الأربعاء، 11 مايو انقطع صوت شيرين أبوعاقلة عن المذياع، لكنه حجز لها مكانة خالدة فى الوعى الجمعى للعرب والعالم، وهى مكانة ليست مرتبطة بمهابة مشهد قنصها واستشهادها فحسب، بل بحضورها البارز الذى جعل منها رمزًا أيقونيًا للصحافة الفلسطينية وأبطالها الذين يعملون والموت صوب أعينهم.
مسيرة مهنية زاخرة لأيقونة الصحافة الفلسطينية
أينما حلت انتهاكات الاحتلال حلت شيرين رفقة مذياعها، مُتشحة بسترتها الزرقاء، وسيرة مهنية زاخرة؛ رأيناها وجهًا إعلاميًا لاجتياح جنين، واعتدنا صوتها، خلال الانتفاضة الثانية ولم تغب عما يحدث فى غزة كما نقلت معاناة حى الشيخ جراح، وجنين المدينة والمخيم.
وجه المراسلة المهنية المتزنة الواثقة، وصوتها يعرفه الملايين- عن كثب- بل إن مسيرتها المهنية تغنينا عن تعريفها.
على مدار 25 عامًا كرست «أبوعاقلة» حياتها للتغطيات الميدانية، رغم أن «الموت كان أحيانًا على مسافة قريبة»؛ ولدت أبوعاقلة فى القدس الشرقية عام1971، ودرست فى مدرسة راهبات الوردية فى بيت حنانيا ونالت درجة البكالوريوس فى العلوم والتكنولوجيا من جامعة اليرموك بالأردن، قبل أن تعزز خبراتها الإعلامية بدبلوم الإعلام الرقمى من جامعة بيرزيت.
عملت فى «الأونروا» وإذاعة صوت فلسطين وقناة عمان الفضائية، ومؤسسة مفتاح وإذاعة مونت كارلو، قبل أن تلتحق بفضائية «الجزيرة» عام 1997، بعد عام واحد من تدشينها.
شهادات زملاء الميدان: شيرين الإنسانة.. خسارة يصعب تعويضها
وفى هذا الملف نتحسس طريقنا لرصد جانب مضىء لشيرين أبوعاقلة، وكيف بدت صورتها الذهنية فى عيون وقلوب زملائها فى الميدان، الذى اتخذته بيتًا معنويًا لها فى وطنها المسلوب عبر شهادات حية ننقلها حول الجانب الإنسانى فى حياتها ومسيرتها التى كرستها تماما لقضية بلادها على المستويات الشخصية- لا المهنية فحسب.
بغصة فى حلقها وصوت يشبه بكاء مستمرا كشفت الصحفية الفلسطينية، نداء إبراهيم، التى عملت لسنوات صحفية إلى جانب شيرين في الميدان، عن جانب لا يعرفه كثيرون عن أبوعاقلة، موضحة: «مقابل شخصية شيرين الإعلامية القوية المتزنة الشجاعة الجريئة التي تظهر على الشاشة، كما عهدها زملاء الميدان عن قرب فهي إنسانة ودودة مع زملائها قريبة إلى قلوبهم متواضعة ومحبوبة؛ من يعرفها خسر إنسانة لا تعوض ومن لا يعرفها شخصيًا خسر جزءا من ذاكرته وطفولته؛ لأننا جميعًا تربينا على صوتها».
وتضيف إبراهيم في تصريحات ل«المصرى اليوم»: «كنا ننظر إليها باعتبارها مُعلمة، بينما كانت هى دائمة التطور والتعلم، غير أنها كانت كريمة ماديًا ومعنويًا؛ قبل عامين حصلت شيرين على دبلوم الإعلام الجديد من جامعة بيرزيت، حينها لم تبخل علينا بما تعلمته من تقنيات حديثة، كأنما تشعر بمسؤولية تجاهنا لنستكمل ما تقوم هى به، فضلًا عن تشجيعها الدائم لنا».
وتتابع باكية: «لم تكن الصحافة بالنسبة لشيرين أبوعاقلة مجرد مهنة، بل أسلوب حياة، وواجب إنسانى، كانت تعير أسر الأسرى والشهداء والمصابين اهتمامها؛ كانوا يعنون لها الكثير».
لن نتوقف عن بكائها
وقال الزميل الصحفى، معاذ عمارنة، (مصاب ميدان سابق)؛ إذ أفقده قناص تابع لقوات الاحتلال إحدى عينيه، أثناء تغطيته مواجهات اندلعت فى الخليل، احتجاجا على السياسات الإسرائيلية تجاه فلسطين، فى نوفمبر 2019، إن كل من حظى بلقاء شيرين بل إن بعضًا ممن لم يلتقوها لن يتوقفوا عن بكائها؛ مؤكدًا أن شيرين عين الحقيقة وصوتها.
ويضيف «عمارنة»: «صور اغتيال شيرين عمدًا، لن تغيب عن ذاكرة الفلسطينيين، تذكرت على الفور إصابتى؛ الاحتلال يتعمد طمس وحجب صوت فلسطين، لكننا نؤكد له أن التغطية مستمرة- كما أوصتنا هى- سوف نكرر هذا النموذج الوطنى، فلم تتوان أبوعاقلة عن خدمة قضية بلادها، باذلة فى سبيلها كل ما تمتلك من حول وقوة».
ويقول «عمارنة»، ل«المصرى اليوم»: «اليوم خسرنا زميلة وأختًا مخلصة، ونموذجًا مهنيًا وإنسانيا يصعب تعويضه؛ كانت أختًا للجميع، حظى الشهداء والأسرى وعائلاتهم بأولوية فى اهتماماتها، وكانت لا تفوّت عيدا إلا وزارت منزل أحدهم أو أعدّت قصة عنه». المصور الفلسطينى، أسامة سلوادى، (مصاب ميدان)؛ أصيب بعجز فى ساقيه إثر استهداف قناص إسرائيلى له، أثناء تغطيته تشييع شهيد عام 2006.
استعاد «سلوادى»، معنا ذكرياته مع شيرين أبوعاقلة: «أعرفها منذ 27 عامًا؛ التقينا للمرة الأولى عام 1995؛ آنذاك، كانت تعمل فى صوت فلسطين، ومنذ ذلك الحين أصبحنا اصدقاء ميدان، وغطينا أحداثا كثيرة معا؛ لم أشهدها يومًا أغضبت زميلًا أو زميلة لها؛ فكما كانت مثالًا للمهنية والشجاعة كانت مثالًا فى الأخلاق والتعاون، خير داعم للجميع، متابعًا: «حملت صورتى تضامنًا، حين كنت فى غيبوية كاملة؛ إثر إصابتى فى عام 2006».
ويؤكد «سلوادى» أن شيرين أعطت أكثر من نصف عمرها للصحافة، وكل عمرها للوطن.. «أذكر جيدًا فى عام 2002 حين صادفت ذكرى عيد ميلادها فى العمل؛ واحتفلنا به فوق الركام، على وقع صوت رصاصات الاحتلال، احتفلنا بكاسة شاى وابتسامة أمل لازمتها»، مختتمًا: «فلسطين اليوم خسرت إنسانة غالية ومحبة للحق ولقضيتها».
3- «قنص متعمد» لأيقونة الحقيقة.. شهود عيان يروون لحظات قنص شيرين أبوعاقلة
الأربعاء، 11 مايو 2022، خرجت شيرين أبوعاقلة رفقة زملائها من طواقم الصحافة الفلسطينية، لأداء مهمتهم البطولية المعتادة، لتغطية ما يجرى فى بلادهم، الواقعة تحت الاحتلال، كانت ترتدى الملابس الصحفية كاملة، (سترة واقية وخوذة)، مثل زملائها جميعًا وتمسك بقلمها ونظارتها وجوّالها؛ لتبعث بالأخبار العاجلة كما اعتدناها، وحتى الرمق الأخير، بعثت بآخر نبأ عاجل للجزيرة فى تمام السادسة و12 دقيقة قالت فيه: «قوات الاحتلال تداهم جنين وتقتحم منزلًا فى الجابريات، فى الطريق إلى هناك، وسأوافيكم بمزيد من التفاصيل، فور اتضاح الصورة». اتضحت الصورة بغيابها إلى الأبد، بعدما نفذت إلى رأسها رصاصة قناص إسرائيلى، اتضحت الصورة من خلال استمرار الاحتلال فى مزاعمه وتنصله من جرائمه.
وفى وداع شيرين أبوعاقلة المهيب؛ احتشد الفلسطينيون وحملوها على الأكتاف كما حملت هى قضيتهم، طيلة 25 عامًا، فى موكب عسكرى شعبى، صباح الخميس، شارك فيه الرئيس محمود عباس، الذى قرر منحها «وسام نجمة القدس»، تثمينًا لمسيرتها.
فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم» أكد شهود عيان حضروا لحظات قنص واستهداف الشهيدة الفلسطينية، شيرين أبوعاقلة، زيف رواية الاحتلال، الذى زعم أن شيرين قضت أثناء وقوع اشتباكات، وأنها ربما قضت برصاصة فلسطينية، قبل أن يتراجع رئيس الوزراء الإسرائيلى نفتالى بينيت عن روايته الزائفة، فضلًا عن انتشار مقطع مصور يظهر أبوعاقلة، وأمامها قناصو الاحتلال مدججين بأسلحتهم لدى مناطق مرتفعة بجنين، ويظهر استمرارهم فى إطلاق الرصاص الحى على من حاولوا إنقاذها.
«على اتصاوب.. على اتصاوب.. ثم انقطع صوتها للأبد»، باكية روت الصحفية الفلسطينية، شذا حنايشى، لحظات من الرعب والصدمة عاشتها رفقة زميلتها شيرين أبوعاقلة التى سقطت صريعة بعدما صرخت فزعًا لإصابة على السمودى.
أثناء إجرائنا اتصالا هاتفيا معها، دخلت «حنايشة»، فى نوبة بكاء هيستيرى، وطلبت الاكتفاء بهذا القدر مؤكدة: «الاحتلال تعمد قتلنا، كلما حركت يدى نحوها باغتنى الرصاص، الاحتلال تعمد قتل شيرين واستهدافها».
ومن مستشفى ابن سيناء، حيث يخضع الصحفى الزميل المصاب، على السمودى، مراسل صحيفة القدس، وثقت «المصرى اليوم» مقطعًا صوتيًا لشهادة «السمودى»، على لحظات القنص.
وأكد «السمودى» أن قوات الاحتلال عمدت استهدفت الطاقم الصحفى، ويتابع: «صوبوا تجاهنا 3 رصاصات، انفجرت الأولى فى الهواء، وأصبت أنا بالثانية من الخلف، قبل أن تخترق الرصاصة الثالثة رأس الشهيدة شيرين أبوعاقلة وتسقط صريعة».
ويؤكد: «لم يكن هنالك أى دافع لإطلاق الرصاص صوبنا، ولم يكن هنالك أى اشتباكات كما يزعم الاحتلال، بل إن الاحتلال يروج لمزاعمه لتبرير قتل شيرين أبوعاقلة بدم بارد».
علمنا بمداهمة الاحتلال للمخيم، فذهبنا للتغطية فى تمام السادسة صباحًا، وأثناء ذلك تمكنا من رصد تحركات الاحتلال لتحديد مكان آمن، نقوم من خلاله بتغطية وتصوير الأحداث، وعندما وصلنا إلى الشارع المؤدى إلى المخيم من قرب مقبرة الشهداء، وقفنا قبالة دوريات وجنود الاحتلال، آنذاك، لم يكن فى الموقع أى مناوشات، أو أى أحداث.
على بُعد أمتار.. قنص متعمد ورصاصات صوب الطاقم الصحفى
ويضيف «السمودى»، الذى أصيب برصاصة من الخلف قبيل استشهاد شيرين أبوعاقلة بلحظات: «وقفنا على بعد أمتار ونحن نرتدى الزى الكامل، لكى يشاهدونا، كنت أنا والزميلة شيرين أبوعاقلة والزميل مجدى، وكان معنا الصحفى مجاهد السعدى والزميلة شذى حنايشى أمامهم».
ويتابع: «بعدما تأكدنا أن الجنود شاهدونا، بدأنا نسير باتجاههم على الأقدام لكى نصل إلى منطقة قريبة منهم، ونكون فى الأمان، ولكن بعد 20 مترا فوجئنا بأنهم أطلقوا النار علينا بشكل مباشر ومتعمد، ولم يكن هناك سبب لإطلاق النار، الرصاصة الأولى انفجرت أمامنا فى الهواء، وحين كنت أحاول إخبار شيرين بأنهم يستهدفوننا أصابتنى الرصاصة الثانية من الخلف وأنا أحاول الخروج إلى أقرب منطقة آمنة، قبل أن تصل رصاصات قناصة الاحتلال إلى شيرين أبوعاقلة».
وطالب «السمودى» الاحتلال، الذى يزعم أن شيرين أبوعاقلة قضت برصاصات فلسطينية، بأن يعرض فيديو استشهادها؛ مؤكدًا أن الاحتلال يقوم بتصوير جميع العمليات التى يقوم بها فى الأراضى المحتملة، وتابع: «أتحدى الاحتلال الذى يصور أى عملية يقوم بها فى الأراضى المحتلة، أن يعرض المقطع المصور للحظة استشهاد شيرين، وإثبات إذا ما كان هنالك مسلحون» قبل أن يختتم: «لم يكن هنالك مسلحون، أو مواجهات إطلاقًا، ودخلنا إلى المنطقة بشكل طبيعى، وهذه مزاعم إسرائيلية كاذبة، هدفها إخفاء هذه الجريمة النكراء، بقتل الزميلة شيرين أبوعاقلة بدم بارد».
قبل أن تلفظ شيرين أبوعاقلة أنفاسها الأخيرة، تركت ورقة مدونا عليها «اشتباكات مسلحة.. استهداف شاب آخر.. قناص يطلق النيران»، هكذا وثقت شيرين وجود قناصة الاحتلال واستهدافهم زملائها، وربما قنصها ذات القناص. رحلت شيرين وبقيت كلماتها المؤثرة تزلزل الأصداء «اخترت الصحافة كى أكون قريبة من الإنسان؛ ليس سهلًا ربما أغير الواقع؛ لكننى على الأقل كنت قادرة على إيصال هذا الصوت إلى العالم»، ليشهد العالم على مسيرتها البطولية قبل أن تودعها فلسطين فى مشهد مهيب يليق بها؛ إذ أمضت 25 عامًا تكرس كل وقتها برفقة سترتها وعدستها ومذياعها لتوثق للعالم انتهاكات الاحتلال فى بلادها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.