عندى ملاحظة أظن أنها محل اتفاق عام.. وهى أننا لا نعيش حالة انفلات أمنى فقط.. ولكن نعيش أيضاً حالة انفلات أخلاقى.. فهناك لغة غريبة جداً، نتعامل بها مع بعضنا البعض.. لا تعكس حالة من الحرية بسبب الثورة، وإنما تعكس حالة من الفوضى.. فمصر كلها تتحدث عن مكالمة مواطن، لوزير الداخلية منصور العيسوى، التى قال له فيها على الهواء.. مكانك قهوة المعاشات! لم يكن يحلم هذا المواطن، بالحديث مع مأمور قسم شرطة.. مع احترامى الكامل لشخصه.. فما بالك وهو يتحدث مع وزير الداخلية على الهواء.. لا يستعطفه وإنما يوبخه.. إيه الجبروت ده؟.. هل كان حبيب العادلى على حق، حين لم يكن يتحدث غير مرة واحدة فى العام؟.. وحين كان يختار من يحاوره، ويتفق معه على الأسئلة، وحين يحظر المداخلات.. ويذهب إليه طاقم البرنامج إلى مكتبه؟! الآن أصبح عندنا وزير داخلية، مواطن عادى.. يذهب إلى المذيعين، ويبث رسائل الطمأنينة للشعب.. يجيب عن جميع الأسئلة.. ويتحدث بصدق.. ويقبل المداخلات.. ويتلقى الشكاوى.. وتقول له المذيعة «أنت».. أو يا سيادة اللواء.. ولا يرفض أى طلب، وتليفونه مع أطقم إعداد البرامج.. ليس لأنه يبغى الشهرة، ولكن لأنه يرى أن الإعلام حق للوطن.. قبل أن يكون حقاً للمواطن! يستحق الوزير منصور العيسوى التحية، لأنه لم يتوقف عند إهانة المواطن، ولا طريقة المذيعة.. وواصل حواره مع الإعلامية منى الشاذلى، التى تعاملت مع ضيفها، بطريقة لم نعتدها منها.. وهى التى ثأرت لنفسها من نائب الإخوان صبحى صالح، فى اليوم السابق، لأنه انتقد طريقة إدارتها للحوار.. ولا يعنينى هنا الدفاع عن «العيسوى».. فقط أدافع عن كرامة المهنة، وكرامة الوزير! الحكاية تحتاج إلى وقفة، لأن العملية زادت على حدها.. مرة حين خاطب المواطن وزير الداخلية.. ومرة حين يخاطب البعض المشير والمجلس العسكرى.. وأخرى حين يتهكم البعض على الدكتور يحيى الجمل.. نحتاج أن نتعلم أصول النقد، فى العهد الثورى.. ونحتاج أن نفهم معنى الحرية.. ونحتاج أن نعرف الخيط الرفيع، بين الديمقراطية والفوضى! تذكرت مقولة السادات الشهيرة، إن الديمقراطية لها أنياب.. ولا أريد أن نعود إليها، ولا نذكر بها ولا نحرض على أحد بالطبع.. بالعكس أريد أن نتحدث فى الموضوع ونترك الأشخاص.. لا نمس شخص أحد، ولكن ننتقد سياساته.. ولا تنسوا أن الدكتور عصام شرف نفسه، لم يسلم من الغمز.. بعضهم قال إنه « حنيّن»، وبعضهم قال إنه « طرى».. وقال آخر إنه لا يصلح لإدارة حى العجوزة! ليس شرطاً أن نهيل التراب على الذين لا يعجبوننا.. وليس شرطاً أن نهين مسؤولاً، لأنه ليس على كيفنا.. وليس شرطاً أن أدافع عن وزير، أن أكون من حاشيته.. الموضوعية أن تقول الإيجابيات والسلبيات.. لا تجرح أحداً.. لكن هناك طريقة لفضح المسؤول.. يعرفها أبناء المهنة.. ويمكنك أن تصيبه فى مقتل، دون أن يكره المنصب، أو يعاير الناس أبناءه بأبيهم الوزير! لا نريد أن يكون منصب الوزير سيئ السمعة.. سنخسر كثيراً، وسيهرب الجميع.. وتخسر مصر أبناءها وتخسر عطاءهم.. لأن كل من يتصدى للعمل العام، سيتعرض للإهانة.. وكل من يقول الدستور أولاً، وبعدها الانتخابات التشريعية والرئاسية.. سيقولون له ربنا يشفيك، أو يتهمونه بالكفر.. ده كلام؟!