من الواضح أن هناك سوء فهم بين الطرفين المؤيد والمعارض لمظاهرة 27 مايو .. المعارضون تصوروا أن المظاهرة هدفها الالتفاف على نتائج الاستفتاء وإرادة الشعب والمطالبة بوضع دستور جديد الآن وتأجيل الانتخابات .. ولكن أهداف المظاهرة وفق بيانات المنظمين لها لا تتضمن أي من الأهداف السابقة .. والأهداف التي أعلنوها كلها أهداف شرعية .. وحقهم في التظاهر مكفول طبقا للدستور .. وبالتالي فبيان الإخوان الذي يخون كل من يشارك في تظاهرة 27 مايو بيان يساهم في تأزيم الواقع السياسي ويزيد من حالة الشحن والتفرقة والاستقطاب بين الأطياف السياسية المختلفة في مصر.. ويعيدنا إلى لغة التخوين ومحاولات فرض الوصاية على الآخرين .. وكلها أمور تتعارض مع الديمقراطية واحترام الرأي الآخر. وفي المقابل .. فإن بيان الإخوان لا يخلوا أيضا من قدر كبير من الحقيقة حين يؤكد على ضرورة إعطاء فرصة للحكومة الحالية والمجلس العسكر لتنفيذ مطالب الثورة .. والعمل على مساعدة الحكومة الحالية والمجلس العسكري وليس الضغط عليه .. وهذا ما يجب أن يأخذه المنظمون للمظاهرة في الاعتبار .. هذا إلى جانب أن بعض العناوين التي أطلقت على تظاهرة 27 مايو عناوين مستفزة وتشعر فعلا بالخطر .. مثل "الثورة الثانية" أو "ثورة الغضب" .. ومن حق المعترضين أن يسألوا: غضب ضد من؟ وثورة ثانية ضد من؟ فإن كانت ضد الجيش الذي وقف إلى جانب الشعب في ثورته فهي إذن تدخل ضمن مخططات الثورة المضادة .. ومن ثم يجب التصدي لكل من يحاول الوقيعة بين الجيش والشعب .. ربما كان هذا الشعور بالخطر هو ما دفع الإخوان إلى إصدار بيانهم الأخير. لذلك أرى من الضروري أن يضع الفريقان المؤيد والمعرض لمظاهرة 27 مايو الموضوع في إطار الخلاف الطبيعي في الرأي .. ولا يخون أي من الطرفين الطرف الآخر .. فكلاهما يريد مصلحة مصر .. ورأيي في هذا الموضوع أن كل الأهداف التي أعلن عنها منظمو المظاهرة أهداف شرعية ومطلوبة .. ولكن حسي الوطني يدفعني إلى القول بأن التظاهر في هذا الوقت غير مناسب ويساهم في شحن الأجواء وإرباك الحكومة والمجلس العسكري أكثر من مساعدتهم .. خاصة أن النظرة المنصفة لأداء الحكومة والمجلس العسكري تقول بأنهما يسيران في الاتجاه الصحيح وإن كان سيرا بطيئا .. وبالتأكيد هناك الكثير من العوامل والمتغيرات الحسابات التي قد لا تكون في بال البعيدين عن صنع القرار .. فإن كنا لا نشكك في نوايا أعضاء المجلس العسكري والحكومة فلنترك لهم فرصة لتنفيذ برامجهم .. ولا نضغط عليهم ونفتح المجال للمتربصين من أعوان النظام السابق لبث اليأس في قلوب الناس .. إذا كان مبارك ونجليه قد تحولوا إلى محكمة الجنيات .. وأعضاء النظام السابق كلهم تقريبا في السجون .. وهناك قضاء ونيابة تحظي بقدر معتبر من الاحترام .. فلنعطي الفرصة للعدالة تأخذ مجراها .. ولننتظر قليلا لنرى نتيجة هذه المحاكمات .. وبعدها نقرر التظاهر إن لم ترضينا النتائج.