محافظ الغربية يشارك في الجلسة الافتتاحية لأسبوع القاهرة السابع للمياه    تفاصيل رسائل السيسي عن المياه ونهر النيل    محمد ممدوح: ملتقى منظمات المجتمع المدني هدفه الرئيسي رفع الوعي بحقوق الإنسان    «الوزاري الأفريقي»: «أسبوع القاهرة» يهدف لمشاركة معلومات إدارة المياه    85 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار السمك والمأكولات البحرية اليوم الأحد في سوق العبور    "سلامة الغذاء": 20 مأمورية رقابية على المصانع بالتعاون مع هيئة التنمية الصناعية    إجراء القرعة العلنية لحجز 32 وحدة طعام متنقلة بمدينة العاشر من رمضان    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يزور مركز تميز شركة دل تكنولوجيز Dell Technologies الأمريكية الرائدة عالميا في مجال التكنولوجيا    موقع استراتيجى.. هيئة السكة الحديد تكشف أسباب اختيار موقع محطة بشتيل.. فيديو    الطاقة النظيفة.. مصر مركزا عالميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر بحلول 2030    وسائل إعلام إسرائيلية: نقل جنود إسرائيليين أصيبوا في جنوب لبنان إلى مستشفى في حيفا    جيش الاحتلال يعلن اعتراض 5 صواريخ أطلقت من لبنان باتجاه حيفا    اعتقال 30 فلسطينيا بالضفة الغربية خلال اليومين الماضيين    أوكرانيا: مقتل وإصابة 13 شخصا في هجمات روسية على إقليم دونيتسك خلال ال 24 ساعة الماضية    إعصارا ميلتون وهيلين.. هل يؤثران على مجرى الانتخابات الأمريكية في نوفمبر المقبل؟‬    فتوح أساسي ومركز جديد لبنتايك.. تشكيل الزمالك لودية إيسترن كومباني    "على العين والرأس".. شوبير يعلق على اختلاف رأي حسام حسن بشأن محمد صلاح    "أتمنى أن يكون معنا في معسكر نوفمبر".. الركراكي يتحدث عن إصابة بونو    ظهور بوكيتينو الأول.. أمريكا تعود للانتصارات بالفوز على بنما وديا    منتخب إنجلترا ضيفا ثقيلا على فنلندا في دوري الأمم    مصابون ووفاة.. ننشر أسماء ضحايا حادث قطار المنيا    أمطار رعدية اليوم.. الأرصاد تكشف حالة الطقس وموعد انخفاض درجات الحرارة    من هم المتهمون ال6 ب سرقة أجهزة تابلت وزارة التعليم؟    13 نصيحة للاستفادة من الواجبات اليومية والتقييمات الأسبوعية لطلاب المدارس    الخميس.. فرقة مقام الفلسطينية تشارك في مهرجان الموسيقى العربية    بالأسماء.. رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات جديدة لشغل عدة مناصب    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض دار المعارض للكتاب    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يفرج عن 12 أسيرا فلسطينيا بجنوب قطاع غزة    تطورات درامية مفاجئة في "برغم القانون": هل تكشف الحلقات القادمة أسرارًا جديدة؟    أسباب انتشار تطبيقات المراهنات في المجتمع    إجراء عمليات معقدة بمستشفى بئر العبد المركزي تحت إشراف فريق طبي متخصص    استقرار أسعار اللحوم اليوم الأحد 13 أكتوبر    احذر صديقك ألف مرة.. تطور جديد في مقتل شاب بالسلام    إصابة 7 سائحين ومصري في تصادم سيارتين بطريق الغردقة رأس - غارب    رئيس التخطيط القومى يشارك بجلسة ضمن فعاليات المنتدى الإقليمى للبيانات    رد حاسم من وكيل القندوسي على مفاوضات الزمالك بعد قرار الأهلي    من الميلاد حتى الاستشهاد.. السادات أشجع الشجعان بطل الحرب والسلام.. للسادات وجوه كثيرة    العرابي: دول إفريقيا تثق في جهود مصر من أجل تعزيز السلم والأمن    تشريح جثامين زوجين وأبنائهم الثلاثة المتوفين في حادث تسرب غاز بالعاشر من رمضان    فرح الرافعى مؤسسة «فيلم ماى ديزاين» أول مهرجان للتصميم فى الشرق الأوسط: هدفنا سرد قصص ملهمة عن التصميم والعمارة من خلال الأفلام    «تُضيع الوقت».. تحرك برلماني لإلغاء التقييمات الأسبوعية للطلاب: هل هذا هو المنهج الجديد؟    رسائل تفتيش الحرب المهمة وتحية لأبطال القوات الجوية    هل اقترب بلعيد من الانضمام إلى الزمالك؟.. مفاجأة كبرى    لهذا السبب.. جان رامز يتصدر تريند "جوجل"    الأوراق المطلوبة لاستخراج القيد العائلي وخطواته إلكترونيًا لعام 2024    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأحد 13-10-2024 في محافظة البحيرة    إسرائيل تحت وابل من 320 صاروخًا خلال "عيد الغفران"    عالم أزهري: إعصار ميلتون هو جند من جنود الله ضرب أمريكا    القرآن الكريم| نماذج من البلاغة في كتاب الله    اقتربت من هدفك.. حظ برج الجوزاء اليوم 13-10-2024    اللهم آمين| من دعاء الصالحين ل «الفرج والرزق والشفاء»    الاحتلال يستخدم روبوتات لتفجير منازل في غزة    قد تؤدي إلى التسمم.. 5 أطعمة ممنوع حفظها في باب الثلاجة    الدبوماسي محمد غنيم يسلم أوراق اعتماده كسفيراً لمصر في فنلندا    «الأزهر»: نسعى لإدخال الروبوتات الجراحية وتقنيات الذكاء الاصطناعي ل«المستشفيات»    نجم الأهلي السابق: عمر كمال أفضل من لاعب منتخب مصر    الصحة تكشف تفاصيل المرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    تصل ل 9100 جنيه.. تفاصيل زيادة أسعار الانتقال بسيارات الإسعاف والفئات المعفاة منها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صورة للعدرا وبلكونة وشارة للأهلى.. أحلام المُشردين فى «مدينة الإنسانية» (صور)
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 07 - 2018

لوحة صغيرة، تستقبلك وأنت على أعتاب طريق «الزقازيق» الصحراوى، يكسر لونها الأزرق المساحات الصفراء الشاسعة، ويكسر وقع عنوانها، ما تتحمله النفس يومياً من أعباء، يقف أمامها مجموعة من الشباب، يخططون، يحدثون أنفسهم فى شغف، هنا مساحة كبيرة خضراء، أشجار توت، وحمامات سباحة، وأصوات ضحكات تملأ سكون الصحراء، أو هكذا يحلمون وكتبوا على لوحتهم: هنا «مدينة الإنسانية».
فبعد إعلان إدارة دار «بسمة لإيواء المُشردين»، على صفحتها الشخصية، بموقع التواصل الإجتماعى «فيسبوك»، بإنشاء مدينة الإنسانية، والمقرر وضع حجر الأساس الأسبوع المقبل، فى الزقازيق، وهى أول صرح مجهز فى مصر لإيواء المُشردين من الشوارع، بعد أن نجحت تجربتهم الأولى فى إنشاء الدار، ذهبنا لرصد أحلام وطلبات المُشردين فى مدينة إنسانية.
بوابات الدار عند عبورها، تشعر كأنها خطٌ فاصل بين عالمين، بين ذاك العالم الخارجى، الملىء بالزحام، الضوضاء، الظلم، والخذلان الذى أتى بهم إلى هنا، وبين عالمهم الداخلى القائم على فطرتهم الأولى، بين مقاصد الحياة الدنيا، وزُهد الآخرة، وبعد الدخول تستقبلك أرواحهم الطيبة، وقليلٌ من البهجة، وكثيرٌ من الأسى، أصوات الأغانى، ورائحة الطهى تملأ الأرجاء، بينما الحب كان سيد الموقف بين العاملين والنزيلات.
درجة الحرارة يومها تخطت ال40، ومع ذلك كانت ترتدى كريمة أو «كوكى»- إحدى النزيلات- (معطف صوف)، وأسفله عدة طبقات من الملابس الشتوية، كانت تقف بالدور الأول، تسير ببطء شديد، ملاصقة للحائط، دون أن يشعر بها الزائر الجديد ولا المقيم، ترتجف يداها بشدة عند السلام على الغرباء، تتحدث بصوت لا يسمعه إلا من يلاصق أذنيه بالقرب من فمها، على هذا الحال «كوكى» منذ أن جاءت إلى الدار- على حد قولهم- بعد أن تخلى عنها أهلها.
«عاوزة تليفون عشان أكلم خالى وأخواتى ياخدونى..عاوزة أروّح، ومش عاوزة أى طلبات تانية»، تقول تلك الجملة فقط، وترددها مراراً طوال اليوم، فلم يكن عند كوكى أى أحلام أو طلبات فى المدينة الجديدة، فمازلت حبيسة من خذلوها، على عكس معظم زميلاتها التى أخذتنا إليهم فى الطابق العلوى، وعندهم كان المشهد عبثيا بعض الشىء، فبين الزغاريد والرقص، والبكاء، والحكايات المأساوية، وأحلامهم البريئة، ورائحة المعطر الممزوجة برائحة الأدوية كان الوضع.
«بطة ونوجة» صديقتان حجرة واحدة، كل منهما تؤنس وحدة الأخرى، منذ مجيئهم للدار، نوجة، امرأة خمسينية، يتيمة الأب والأم، بعد أن انفصلت عن زوجها، ورفضتها باقى عائلتها، لم تجد لها مأوى إلا الشارع، وتبدأ الحديث بعد وصلة من العناق توزعها على كل الجالسين، وتقول: «بقالى سنتين هنا ومرتاحة، لو باكل لقمة بملح وقاعدة هنا هبقى مرتاحة».
فى مدينة الإنسانية أحلام نوجة كانت بسيطة، وملائكية: «عاوزة راديو وشرايط لأم كلثوم، وبراد شاى، أصلى بحبه أوى، وأفضل طول اليوم أسمع الست وأشرب شاى، ويزرعوا نعناع عشان أقطف منه طول النهار». وتكمل: «عاوزة كمان الناس تزورنا هناك كتير». بنفس البساطة اتسمت أحلام شريكتها بطة، والتى ظلت فى الشارع بعد حبس ابنها الكبير، وتخلى أهلها عنها، وتقول بلهفة طفولية: «عاوزة ملاهى هناك وزرع يملى المكان، ومرجيحة، عشان تفكرنى بابنى الصغير كل ما ألعب فيها»، تصمت قليلاً، ثم تذرف عيناها بالدمع، وتبكى نوجة لبكائها، ولم يستطيعا سرد باقى أحلامهما، بينما عواطف تحلم ب«صليب وصورة للعدرا»، وتقول: «كان عندى سلسلة عليها صورتها وصليب لكن ضاعوا».
فى الحجرة المقابلة، وبابتسامة واسعة، استقبلتنا الحاجة فاطمة، 66 عاماً، أو «بهجة الدار»، كما يقال عنها، قصيرة القامة، هزيلة البنية، قوية الشخصية، تجرّ قدميها بصعوبة أثناء التحرك فى المكان، من هيئتها يبدو عليها أصلها، امرأة أرستقراطية، كانت موظفة فى كلية فنون جميلة، عاشت عمرها كله بالإسكندرية، كان البحر فيه قادراً على التئام جُرحها ولكن بشكل مؤقت، حتى ذهب عملها ومالها.
«لما كنت بزعل كنت بروح للبحر يرجعلى نفسيتى الطبيعية، لإنى بلاقى نفسى فى أى مكان بعيد عن الشعب»، ثم تسرد فاطمة أحلامها التى تتمناها فى مدينة الإنسانية، وتقول: «الرعاية الطبية، وأشجار كتير أقعد تحت ظلها، ويكون فى حمام سباحة بدل البحر».
على بُعد 3 كيلومترات، كان يقع مقر الرجال من المُشردين، وليّنا وجهنا إلى هناك، لنرصد أحلامهم البسيطة هى الأخرى، المكان عبارة عن صالة كبيرة، تنتهى بممر طويل مظلم، يجلس فيه النزلاء فى صمت يشاهدون التلفاز، متراصين جنباً إلى جنب، يهيمون بنظراتهم فى دنيا أخرى، تشعر وكأنهم فى مستشفى ينتظرون أدوارهم التى لن تأتى، فالوضع لم يختلف كثيراً، فإذا كانت ظهرت على وجوه السيدات الهزائم والخيبات التى مروا بها، أيضاً عند الذكور كان القهر، وقلة الحيلة سيد الموقف.
«مُنى عينى أشوف الأهلى بيلعب»، قالها عم سند بجدية، رجل ستينى، يرتدى ملابس رياضية، وفى يده أسورة للنادى الأهلى، فمنذ جلوسه لم يرغب فى الحديث فى شىء إلا عن الأهلى، ويقول: «المدينة الجديدة نفسى يبقى فيها علم وتيشيرت للأهلى فى أوضتى، وملعب كرة ونعمل فريق للدار يلاعب لاعيبة الأهلى.. ويا سلام لو أشوف الخطيب حبيبى».
فى خلفية المشهد، بينما يكمل سند حديثه، يقاطعه صوت سماوى عذب، يضيف للمكان قدسية وخشوعا، وهو صوت عبدالعزيز، الذى يجلس فى ركن وحيداً طوال اليوم على كرسى متحرك، يرتل القرآن مقلداً أصوات الشيوخ، ويقول: «نفسى يبقى معايا شرايط أسمع فيها الشيخ جبريل والسديسى، وأفضل أقرأ سورة مريم للناس طول اليوم.. عشان فيها سلام وحب».
«بلكونة»، كان حلم ناصر البسيط، شاب ثلاثينى، طويل القامة، مملوء الجسد، والذى أكمل شهره السادس فى الدار، ويقول: «بخاف جداً من الشارع عشان كان العيال بيضربونى دايماً فيه، فمش عاوز أنزل تانى، ولكن عاوز بلكونة أقعد فيها أشوف منها الشارع».
وفى نهاية الحديث معهم عن أحلامهم، تكمل رنا الغبارى، المدير التنفيذى للدار عنهم: «هدفنا نحقق لهم فى مدينة الإنسانية كل أحلامهم، ونستقبل حالات أكثر لأن عندنا 2000 بلاغ مش عارفين نستقبلهم، وبنتمنى الناس تتبرع، وتيجى تزورهم، لأن الدعم النفسى أهم شىء بالنسبة لهم».
[image:4:center]
[image:8:center]
[image:12:center]
المصري اليوم تزور دار بسمة
[image:16:center]
المصري اليوم تزور دار بسمة
المصري اليوم تزور دار بسمة
المصري اليوم تزور دار بسمة
المصري اليوم تزور دار بسمة
المصري اليوم تزور دار بسمة
المصري اليوم تزور دار بسمة
المصري اليوم تزور دار بسمة
المصري اليوم تزور دار بسمة
[image:25:center]
[image:26:center]
[image:27:center]
[image:28:center]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.