كأى يوم عادى فى نهار رمضان، استقل الشاب العشرينى، كريم هاشم، الإثنين، القطار رقم «555»، عائدًا من عمله فى القاهرة، عقارب الساعة تُشير إلى الخامسة والنصف تمامًا، الكُل يهرول ناحية القطار بحثًا عن استراحة قصيرة قبل موعد الإفطار، فيما كان «كريم» ينظُر إلى ساعته، يحسبْ الدقائق التى تفصله عن العودة إلى منزله والإفطار مع أسرته، حسبما قال: «القطر كان زحمة جدًا، كل الناس عاوزه تلحق ميعاد الفطار». «القطر كان ماشى بشكل منتظم لحدّ ما وصل محطة (بوهة)، وبعدين دخل محطة (محلة سبك) بمركز أشمون- المنوفية». فى تمام الساعة السادسة وعشرين دقيقة، ظن الركاب للحظات أنه عطل عابر وسيمُر بسرعة، ولكن القطار أبى أن يستكمل الطريق نحو باقى المحطات، واستقر بقرية «محلة سبك»، إحدى قرى مركز «أشمون» التابعة للمنوفية. على مقعدٍ يطُل على أحد نوافذ القطار، كان يجلس «كريم»، يتصفّح موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، ويكتُب لأصدقائه عمّا أصاب القطار، حتى يطمئنهم، فيما كان شبح موعد الإفطار يراود الأهالى داخل القطار، مرّت اللحظات، وعندما اقترب أذان المغرب، رأى الركاب أهالى القرية يأتون إليهم من بعيد بزجاجات المياه والطعام. يروى «كريم» ما حدث ل«المصرى اليوم»: «ببُص من الشباك لقيت كميات كبيرة من العصير والمياه وصلت، شباب كتير من أهل البلد وصلوا لينا لمّا عرفوا إن القطر اتعطل»، يقولها «كريم» مُبديًا فرحته بما فعله أهالى قرية «محلة سبك» الكِرام، ويُضيف: «عدد الناس فى القطر كبير ومفيش كوبايات كفاية، الشباب راحوا وحضروا أكياس فيها عصير ووزعوها على الناس». لم يخل المشهد من لحظات «الجدعنة» التى رصدها «كريم» بعينيه، فيما كان يتناول إفطاره، حيثُ روى مشهد سيدة ثلاثينية، قائلاً: «أنا شوفت الستْ دى نزلت وطلعت بأكثر من 10 صوانى، من الساعة 7 المغرب لحد الساعة 8 ونصف». وبجانب تلك السيّدة، سجّل «كريم» موقفًا آخر لأحد تُجار الفاكهة الذى يحتفظ ببضاعته بالقُرب من محطة القطار: «التاجر جاب كل الصناديق اللى فيها فاكهة ووزعها على الناس فى القطر كان تفاح وخوخ». «صوانى الأكل كانت طالعة سليمة يعنى الأكل اللى كان على الصوانى دى كان فطار أهالى البلد اللى كانوا هيفطروه فى بيوتهم»، لم تكُن «جدعنة المنايفة» كما يقول المثل المصرى «عزومة مراكبية»، بلّ موقف حقيقى، حسبما روى «كريم»: «الناس كانت قاعدة فى القطر وتبص تلاقى اللى جاى ويحط جنبك صينية فيها أكل ويمشى ويسيبها يعنى الموضوع مش عزومة».
