الرجل العادى إذا دخل مهنة كرّس كل وقته وجهده ليرفع شأنه فيها.. أما الرجل غير العادى فهو الذى إذا دخل مهنة رفع شأن كل من يعمل بها!! وقد لا يعرف كثيرون أن مهنة المحاماة فى مصر كانت حتى أوائل الاحتلال البريطانى مهنة محتقرة!! بل وترفض الأسرة أن تزوج ابنتها إلى أى رجل يعمل بالمحاماة!! ووصل الأمر إلى أن النائب العام أصدر منشوراً يحذر فيه القضاة من الجلوس بجانب المحامين أو الاختلاط بهم!! إلى أن دخل هذه المهنة «سعد زغلول» ليطهرها باستقامة ويجعل لها المكانة المحترمة التى كانت للمحامين فى دول أوروبا، استطاع سعد فى سنوات قليلة أن يجعل المحاماة فى مصر مهنة محترمة، وكان أول محام فى تاريخ مصر عين مستشاراً بمحكمة الاستئناف، وكان إيراده الشهرى من المحاماة عشرة أضعاف راتبه كمستشار، لكنه قبل منصب المستشار ليثبت أن المحامى المصرى أصبح جديراً بأن يجلس فى منصب أكبر القضاة.. وقد لعب المحامون فى مصر دوراً بارزاً فى ثورة 1919، وحدث أثناء الثورة أن جرت انتخابات نقيب المحامين، فانتخب المحامون «مرقص حنا» عضو الوفد المحكوم عليه بالإعدام نقيباً للمحامين، وانتخبوا محمد أبوشادى الذى نفاه الإنجليز إلى الواحات وكيلاً لنقابة المحامين.. وعندما بدأ سعد ثورته طلب من الشعب أن يوقع له توكيلاً بتوليه المطالبة بالاستقلال، كالتوكيل الذى يوقعه صاحب القضية للمحامى.. وقد وقع الشعب المصرى كله على هذا التوكيل!