رغم أن أساليب جذب العاملين وإغرائهم للانتقال بين البنوك قد تكون واحدة، فإن انتقال مسئولي الشئون القانونية بأحد البنوك للعمل في مصرف آخر له حساسية خاصة، واعتبارات تتخطي حدود الترقية والمرتب الأعلي. ويرجع ذلك إلي أن موظف الشئون القانونية ليس موظفا نمطيا يتولي جزءا من الأعمال اليومية المعروفة في البنوك، ولكنه بحكم عمله يطلع علي القضايا ويعرف مواطن القوة والضعف سواء لدي البنك أو الخصوم. كما أنه وبجانب الميزة التي يكتسبها من خلال ممارسة العمل القانوني المصرفي يستطيع أن يعرف الاخطاء التي يقع فيها موظفو البنك وكيفية تفاديها وما هي الحالات التي اقتربت من الحسم، والأخري التي مازالت معلقة أو الميئوس منها. ونظرا لأهمية موظف الشئون القانونية وحيوية دوره، تحرص البنوك عادة علي أن تكون تنقلات العاملين في هذا القطاع في أضيق الحدود، وعلي مستوي الكوادر والدرجات الوظيفية الأدني فقط. وإذا كانت البنوك تحرص علي ألا تخرج أسرار المصرفي القانوني خارج مقر البنك، فإن قانون المحاماة والاعراف المصرفية أيضا يضعان العديد من الضوابط لانتقال القانونيين بين المؤسسات المتنافسة. ضوابط قانونية سالم ندا المستشار القانوني لبنك مصر إيران للتنمية، يوضح أن العمل بالإدارات القانونية بالبنوك تحكمه العديد من الضوابط والقيود أهمها قانون المحاماة الذي يضع الاطار العام لتلك المهنة ويمثل المرجعية الاساسية لممارسة المحاماة ووفقا لهذا القانون فإنه يحظر علي المحامي أن يفشي سرا أو يذيع أمرا عرفه عليه بحكم عمله أو وظيفته ويسأل عن ذلك تأديبيا. كما أن قانون البنك المركزي رقم 88 لسنة 2003 يفرض سرية تامة علي وثائق البنوك ومستنداتها، بل يجعل المساءلة علي إفشاء أسرار العملاء جنائية ولهذا والكلام لندا فإن موظف البنك المشتغل بالقانون محاصر تأديبيا وجنائيا في حالة إفشاء أية أسرار يصل إليها بحكم عمله. ويري ندا أن العمل المصرفي القانوني له طبيعة خاصة ويختلف عن العمل القانوني في أي مكان آخر، لأن رجل القانون المرتبط بالأعمال البنكية يكتسب العديد من الخبرات التراكمية المتعلقة بإجراءات وتفاصيل العمل المصرفي. فعلي سبيل المثال فإن العقود المصرفية ومنها الاعتمادات المستندية تنظمها اعراف ولوائح ليس فقط علي المستوي المحلي، ولكن علي المستوي الدولي أيضا وتتميز بالتغيير المستمر. ويعتبر ندا الذي ظل يعمل ببنك القاهرة لنحو 35 عاما ثم انتقل للعمل بمصر إيران، أن رجل القانون لا يخضع للإغراءات التقليدية التي تتسبب في انتقال الموظفين "العاديين" مثل زيادة المرتب ورفع الدرجة الوظيفية بقدر ما يتأثر بأسلوب الإدارة العليا وطريقة استيعابها لدور الادارة القانونية، مشيرا إلي أن القطاع القانوني يرتبط بشكل مباشر مع رئيس البنك ومجلس الإدارة، وبطبيعة الحال يجب أن يكون هناك تفاهم مشترك. ورغم تأكيده علي حساسية وأهمية الدور الذي يلعبه المصرفي القانوني والمعلومات التي تتوافر لديه، فإنه ينفي امكانية استغلال هذه المعلومات بأي شكل، سواء باعتبار قواعد الحفاظ علي أسرار المهنة أو بحكم الضوابط القانونية المتمثلة في قانون المحاماة وقانون البنك المركزي الذي يمنع المحامي من اتخاذ إجراءات قضائية ضد الجهة التي كان يعمل بها لمدة 3 سنوات. الخبرة والكفاءة ويوضح مجدي منير المدير العام ورئيس القطاع القانوني ببنك التمويل المصري السعودي أن المادة 66 من قانون المحاماة والمتعلقة بواجبات المحامين تنص علي أنه لا يجوز لمن تولي وظيفة عامة أو خاصة وانتهت علاقته بها، واشتغل بالمحاماة أن يقبل الوكالة بنفسه أو بواسطة محام يعمل في مكتبه بأية صفة كانت في دعوي ضد الجهة التي كان يعمل بها وذلك خلال السنوات الثلاث التالية لانتهاء علاقته بها. ويعتبر منير أن القانون بذلك منع امكانية استغلال المعلومات التي يتوصل لها المحامي بما يحفظ للمؤسسة التي كان يعمل بها أسرارها أو يؤثر في موقفها التنافسي في السوق. ولفت منير إلي أن واقع السوق المصرفي يعاني نقص الكفاءات والخبرات القانونية مشيرا إلي أن ذلك لا يعني عدم وجود كوادر قانونية بالبنوك، فالإدارات القانونية تتكدس بالمحامين، ولكن العناصر التي تجمع بين الخبرة والكفاءة قليلة كما أن اكتساب هذه الخبرة ليس بالأمر السهل. وقال إن المشكلة ليست فقط في مباشرة الدعاوي المرفوعة من وعلي البنك، فالكثير من البنوك بدأ يلجأ إلي مكاتب خاصة ولكن المشكلة تظهر بشكل واضح في تسيير العمل الداخلي اليومي. ويري منير أن الانتقال من بنك لآخر يعد سلاحا ذا حدين، فمن ناحية يتيح للكوادر تغيير مناخ العمل واكتساب خبرة بجانب رفع مستوي الدخل وتغطية عجز قد يكون في جانب معين، ومن ناحية أخري فهو يؤدي إلي تفريغ البنك من دعائمه البشرية خاصة إذا كان ذلك الانتقال جماعيا وبأعداد كبيرة، مثلما حدث في بنك مصر الدولي بعد الإعلان عن استحواذ سوستيه جنرال عليه