رمضان شهر العبادة، الطاعة، الرحمة، المغفرة، العتق من النار، القرآن، التصدق، التزاور، التراحم، المودة، الهداية، التقرب إلى الله، الإكثار من الصلاة، من ذكر الله، من الزكاة، من فعل الخير، فيه نزل القرآن، فيه ليلة القدر، فيه تصفد الشياطين. لنا أن نتخيل ماذا فعلنا بشهر هذا قوامه عند الله- سبحانه، وتعالى-. أكبر قدر من الإنتاج الفنى من هذا النوع لا نراه إلا فى شهر رمضان. زحام من العرى والانحلال والألفاظ السوقية. وما هو أقرب من الصدمات الفنية. بلاعات فتحت علينا جملة وتفصيلا فى شهر رمضان. أصبح المشاهد يكاد يشك فى نفسه. هل هذه هى مصر الحقيقية ونحن نعيش فى فقاعة من صنعنا! هل هذه واقعية فنية ودرامية نحن لا نعلم عنها أو بها! بدا واضحاً أن المقصود بتصفيد الشياطين هنا شياطين الجن فقط، أما شياطين الإنس فيتم إطلاقهم على خلق الله. هل اليد الطولى سوف تظل فقط للقادر على أحداث صدمة المشاهد، قسوة – خداع – خلل – مجون. كل هذا موجه للتشكيك فى وجود قيم نبيلة مازالت موجودة. لسنا ضد حرية الرأى والفكر بالطبع. ولكن للرأى والفكر أيضا رسالة. لهذا طلبنا لهما الحرية والحماية. لابد من وقفة نتساءل خلالها عن ذلك الذى حدث للأخلاق فى مصر. الدولة تعمل جاهدة على مقاومة التحرش. الإنتاج الفنى يحرض على التحرش. الدولة تحارب الرذيلة. إعلامنا يشجع على الرذيلة. الدولة تبدأ الاهتمام بتدريس كتب الأخلاق. هذا وسط دعوات صريحة للانحلال والانحطاط.. هو حال مصر الآن، من خلال عشرات المسلسلات التليفزيونية. سوف تظل تطارد شبابنا حتى نهاية الشهر الكريم. فى الماضى، شاهدنا أعمالا فنية تليفزيونية خلال رمضان لن تنساها الذاكرة أبدا. على مدى عدة سنوات متتالية شاهدنا قصص الأنبياء. شاهدنا مسلسلات تاريخية ودينية عديدة تناولت سير ساسة ومؤرخين وأئمة. كانت من العظمة والإبداع لدرجة كبيرة. شاهدنا فوازير وأعمالا درامية وكوميدية فى السبعينيات والثمانينيات. معظمها على قدر عال من الإبداع الفنى والعطاء الثقافى. شاهدنا الشهد والدموع- ليالى الحلمية- مسلسل فاروق- ضمير أبلة حكمت. ماذا طرأ على أدمغة المؤلفين وكتاب السيناريو. الذوق المصرى لم ينحدر إلى هذا الحد حتى يرددوا أن (الجمهور عايز كده). لايزال الفن الجميل مستساغا. هل التردى بعد الثورات يلقى بظلاله على كل شىء إلى هذا الحد المفزع. مع ذلك لن نفقد الأمل. سيسود الفن الرفيع مرة أخرى.. ويبقى. [email protected]