روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم قال "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين " صدق الرسول. ولكن مع تصفيد شياطين الجن تنطلق شياطين الإنس التي ربما تفوقت عن مردة الجن في الإغواء وإرتكاب المعاصي والآثام من أجل هدفا وحيدا وإجماعا مقصودا من أجل إنتهاك حرمة الزمان وقدسية شهر رمضان، الذي لم يكن يوما مضمارا للهو و إنما ميدانا للمجتهدين والمتهجدين الذاكرين ، فكان الزمن الجميل الترفيه يحمل احتراما في مسلسلا دينيا يجمع الأسر وفوازير تشغل العقل وبرامج كوميدية غير جارحة. إما اليوم فنجد الإسفاف علي مدار الساعة يسوق موبقات موائد الشياطين الفضائية بمسلسلات متشابهة القصص إبطالها تحمل العفن الغرائزي وشرور العباد بنماذج سيئة القدوة عديمة الهدف ، متجاهلة رسالة العمل الفني الذي يحمل قيمة يريد أن يوصلها مؤلف من قصته مع علمه أنه عمل رمضائي ، ولكن المبدعين الجدد يحملون معاول تحمل حبرا أسود القلب تكتب تلوثا فكريا وإنسانيا ودينيا يتفنن بمشاهد العري والدم والمخدرات والخمور والجنس وعقوق الآباء والأبناء والألفاظ الجارحة والعادات السيئة ومجتمعات فاشلة لا تتعدي نقاط سوداء في الجسد المصري الطاهر الذي ينتظر شهر رمضان شوقا ولهفة للتقرب لربه طامعا في رحمته ومغفرته وعتقه من النار. ويقال أن الإبداع الفني سفيراً مرجوا منه التعريف بنهضة وحضارة البلد الذي ينتجه فليجيب لي عاقل هل لا يوجد في مصر إلا نماذج من أغنياء يعيشون في بذخ يتاجرون في البشر ويسلبون الأموال وينهبون البنوك ويستبيحون الأعراض ولا تراهم إلا سكاري لا تترك أصابعهم السجائر وأفواهم دخان المخدرات وإيديهم تقتطر بدماء الأبرياء ، أو عشوائيات تحمل موبقات المجتمع وشراذم البشر من بلطجة وقتل وسرقة وشحادة واستباحة للحرمات وزنا المحارم وعقوق الآباء وأفظع الألفاظ والراقصات المثيرة والخيانات الزوجية ، وغير ذلك من سرطانات المجتمع الذي يجب إصلاحها وإعادة توجيها لأنها مسئولية بين الدولة والمجتمع ، نعم هي نماذج يجب التنبيه وتسليط الضوء عليها ولكنها ليست هي فقط الموجودة في مصر العظيمة التي تملك أجمل الأماكن والبشر والمناطق والطبقات والنماذج المضيئة من علمائها ومثقفيها والعمال والموظفين والفلاحين وغيرهم بنائين الوطن وأغنياءه الشرفاء عمداء اقتصاده. ومن جانب آخر رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد مما أستوجب فتح حسابات التبرع للإنقاذ المرحلي نري الإسراف بلا حدود ناتج عن التلوث الفني بمسلسلات تسلسل العقول بمنحط الصور والأفكار أستنزفت ما يقرب من مليار جنيه حصيلة إنتاج 30 عملا فقط وتعدت أجور الفنانين فيها 200 مليون جنيه كان النصيب الأكبر للزعيم عادل أمام بأجر 35 مليون جنيه ، هذا غير مليارات مهدرة علي برامج أكثر إسفافا وإبتزارا تنطلق من أبالسة البشر حتي أغتالت كرتون الأطفال بما تبثه من رذائل وعادات سيئة ، وفي غياب تام للدراما الدينية بشهر الروحانيات والعبادة والترشيد ،فالله الأمر من قبل ومن بعد وأرجو إلا نشتكي من عوز الحال بعد الإسفاف المر، ومن قلب النهار ليلا من السهر أمام الفضائيات ونطلب العمل وزيادة الإنتاج، وعودة الإحترام للشارع بعد فوضي الإنحلال والتحرش والمخدرات قبل التخلص من الإنحلال ... فليست أسبابه كلها من وسوسة الشيطان.