فى الوقت الذى ينام فيه الناس فى منازلهم آمنين..كان الضابط محمد هشام يتوضأ ليؤدى صلاة الفجر.. يدعو الله أن يعود إلى أبنائه وزوجته سالما، يودعهم فى كل صباح ويخرج حاملا سلاحه، يتوجه إلى مقر عمله ليتلقى التعليمات بموعد ومكان «الهدف». أحيانا يكون الهدف عنصرًا إجرامياً وأحيانا يكون إرهابياً ملغماً بالمتفجرات ومحصناً بالأسلحة.. لا يعرف الضابط إن كانت رصاصته ستسبق رصاصة المتهم أم لا.. يجهز سلاحه متيقظًا و«عينه وسط رأسه»، لأنه إن أغمضها لحظة واحدة قد تكون لحظة النهاية. الملازم أول «هشام» ضابط العمليات الخاصة، شارك فى معظم عمليات مكافحة الإرهاب فى سيناء وكرداسة، وواقعة ضبط خلية مدينة نصر، خرج سالما من كل تلك العمليات إلا أنه أصيب فى آخر عملية شارك فيها، كان متوجها ضمن فرقة لضبط إرهابى مختبئ فى منطقة المرج، وفوجئ بالمتهم يفجر نفسه. داخل مستشفى الشرطة بمدينة نصر يرقد الضابط المصاب، يتحدث عن عمله ويروى وقائع تنتمى لأفلام «الأكشن» أو «الرعب»، كان واحدا ضمن 7 ضباط و10 مجندين خرجوا فى مأمورية لضبط أحد العناصر التكفيرية بمنطقة المرج الجديدة. بكلمات مليئة بالثقة يحكى: «اشتركت فى العديد من العلميات الخاصة.. ولكن فى هذه المرة شعرت قبل أن أخرج من بيتى بأنها ستكون مختلفة.. لا أعرف لماذا اتصلت بأسرتى ليلة العملية للاطمئنان عليهم.. أدينا صلاة الفجر وانطلقنا إلى موقع العملية». ويكمل: «خرجنا لضبط المتهم، بعد ورود معلومة بتواجده داخل نقطة النزهة، واستئجاره شقة فى منطقة المرج الجديدة، بصحبة زوجته، وانطلقنا قبل صلاة الفجر بنصف ساعة إلى منزل المتهم لضبطه، وبدأت القوات المشاركة فى العملية التجمع عند نقطة الوصول بجوار قسم شرطة عين شمس، تم تفتيش جميع الغرف، وكنت من ضمن القوات التى اقتحمت المنزل، وبتفتيشه وجدنا نافذة شباك موجودة فى إحدى الغرف، تطل على عمارة مجاورة، وحذاء أسفل الشباك، فتم الدفع بعدد من الضباط والتشكيل الموجود لمراقبة أسطح العمارات، ومنع المتهم من الهروب، وأثناء تتبعى آثار أقدام المتهم، وجدت ظلا فى الأسطح المجاورة للمنزل، ووجدت المتهم مختبئًا فى إحدى الغرف على سطح العمارة، فبادر بإطلاق النار، فأطلقت عليه أعيرة نارية حتى أصيب بطلقتين فى البطن، ومع اقترابى منه وجدت بحوزته حزاماً ناسفاً، ملفوفاً حول بطنه، وكان يلفظ أنفاسه الأخيرة، ومع اقترابى منه فوجئت به يقوم بتفجير نفسه، ولم أشعر إلا بأشلاء جسده وهى تتطاير فى الغرفة بالكامل». ودّع محمد هشام زملاء كثيرين طوال الفترة الماضية، بعضهم استشهد فى سيناء، وآخرون فى كرداسة وعمليات أخرى، ورغم ذلك لم يتردد لحظة فى استكمال مسيرته، رغم أنه يعرف أن أى مأمورية قد تكون الأخيرة.. يحمل بعدها لقب «شهيد»، عندما سألناه عن ذلك، كان رده: «يكتبهلنا ربنا». يتمنى ضابط العمليات الخاصة أن يكون 2014 عامًا يخلو من الدم، يتمنى أن ينعم الشعب المصرى بالأمان، وأن يرزقه الله رئيسًا صالحا يعمل من أجل هذا الوطن لا من أجل فصيل معين أو مصحلة شخصية، وعلى المستوى الشخصى لا يطلب سوى أن يرزقه الله وأسرته الصحة والعافية. يرى أن تطبيق القانون بصرامة على الجميع هو الملاذ الأول والأخير: «لا أمن ولا أمان دون احترام متبادل بين الشرطة والشعب. ولا بلد دون تطبيق القانون على الجميع»، وينصح بأن تحل الدولة الأزمات السياسية بدلا من أن تلقى بها فى وجه الشرطة: «أدعو زملائى إلى أن يقتصر عملهم على مواجهة المجرمين وحفظ الأمن دون الزج بهم فى العمل السياسى». 422 عدد شهداء الشرطة منذ 25 يناير 2011 178 عدد شهداء الشرطة منذ 14 أغسطس 2013 24 ألف قطعة سلاح تمكنت الداخلية من ضبطها فى 2013 927 المتوسط الشهرى لعدد الاحتجاجات فى 2013 340 % نسبة زيادة الاحتجاجات التى شهدتها مصر 2013 عن 2012
