عندى رسالة، وعدة ملاحظات.. الرسالة على موبايلى الشخصى.. ربما ليست الأولى من نوعها، ولكنها تتنوع بين وقت وآخر.. ومصدرها، على ما يبدو، جمعية متحدى الإعاقة.. تقول الرسالة: «لما يكون 10% من مصر معاقين، يبقى ليه مفيش حد يمثلهم فى البرلمان؟.. الطبيعى يكون ليهم 10% من مقاعد البرلمان».. هذه هى الرسالة، وإن بقيت بلا إجابة.. لا عندى ولا عند المعاقين! ويتصور القائمون على حملة دعم المعاقين أن كل المصريين ممثلون داخل البرلمان، وبالتالى يبقى أن يطالب المعاقون بخمسين مقعداً فى مجلس الشعب.. وهى دعوة رومانسية تتغافل مسألة مهمة، وهى أن 90% من الشعب غير ممثلين أصلاً، كما أنه لا توجد انتخابات أساساً، ونسى هؤلاء أيضاً، أن المعاقين لم يحصلوا من الأصل على نسبة ال5%، من الوظائف العامة، طبقاً للقانون! هذه هى الرسالة، وهى تستنكر - كما ترى- استبعاد المعاقين من البرلمان.. وكأنها تعيب على البرلمان ألا يضم أمثال طه حسين وسيد مكاوى وغيرهما، وأصحابها لا يعرفون، أيضاً، أنه كان بالإمكان تعيين طه حسين وزيراً منذ 60 سنة، بينما المعاقون الآن ليس بينهم وزير ولا نائب، فلا يوجد وزير معاق، ولا يوجد نائب معاق.. والمعنى أن الدولة تتحدث عن المعاقين كل يوم، من وراء قلبها! نأتى للملاحظات.. وأولها ما يتعلق بنائبات الكوتة.. فلا أحد قد أحس بأن شيئاً قد حدث فى المجلس، ولا أحد قد شعر بفرحة ظهور 64 نائبة جديدة، غير المجلس القومى للمرأة، مع أن دخول هذا العدد، الضخم نسبياً، كان يتطلب إقامة الأفراح والليالى الملاح، وبرغم هذا لا يوجد ما يدل على تمثيل المرأة.. والسبب أنها لم تكن انتخابات بل كانت تعيينات.. فحكموا على تجربة الكوتة بالفشل من أول طلعة! الأصل أن تجربة الكوتة كانت تنجح.. والأصل أنها كانت تدفع فى طريق اشتغال المرأة بالسياسة، لتطالب بحقوقها، والأصل أنها تشجع على خروجها من عزلتها، ولكن الذى حدث أنها عادت محبطة، وهى تعرف أن التعيينات كانت قد صدرت من مجلس المرأة قبل الانتخابات.. وبالتالى قد لا ينعكس ذلك على تجربة الكوتة فقط، بل قد يتعدى ذلك إلى الكفر بكل ما تسمعه، عن حقها فى ممارسة حقوقها السياسية! أما الظاهرة التى صاحبت تجربة الكوتة فهى اصطحاب الأزواج والأبناء معها إلى المجلس، فى أول زيارة عند استخراج كارنيه العضوية، وراحت النائبات يتجولن فى البهو الفرعونى.. يشاهدن التحف المعمارية الأثرية.. ويتجولن فى قاعات المجلس.. الطريف أيضاً أن بعض النائبات كن حوامل.. مثل نائبة سوهاج هويدا جابر.. وقد يكون ذلك فرصة تاريخية، لإنشاء أول حضانة بالبرلمان! هناك أيضاً ظاهرة أخرى تتعلق بنواب ال50% من العمال والفلاحين.. وأتصور أن هذه هى الفئة التى تأخذ النسبة المقررة على الورق، وإن سرقها قوم آخرون، معظمهم لواءات شرطة، ورجال أعمال، ورؤساء مجالس إدارات شركات.. والخلاصة أنه لا المعاقون قد حصلوا على نسبة تمثيلهم، ولا الفلاحون قد حصلوا على شىء.. وأصبح مجلس الشعب كله فئات.. وهذه هى نوائب البرلمان التى أعنيها! أخيراً: عندنا فى مصر نائبات كوتة «نعم».. وعندنا حضانة برلمانية متوقع إنشاؤها «جايز».. وعندنا لا يمكن ترشيح طه حسين، لو كان حياً، ولا يمكن ترشيح الحاج عوضين، ولا يمكن أن ينجح، فقد سرق نسبة الفلاحين الذين سرقوا الوطن.. والسبب أنه لم تكن فى مصر انتخابات حقيقية، وإنما تعيينات.. بقرار من فوق.. لا نعرف حتى الآن صاحب القرار الفوقى!