اختفت أخبار موقع الضبعة فى الساحل الشمالى من وسائل الإعلام، ولم يعد أحد يسمع عنها شيئاً، إلا قليلاً، وقد يكون هذا الاختفاء راجعاً إلى أن الرئيس قد حدد الموقع ليكون مكاناً لأول مفاعل نووى مصرى ينتج الطاقة الكهربائية، وبالتالى، فإن الجدل الطويل الذى كان قد دار حول صلاحية الضبعة، كأرض، لأهداف أخرى كثيرة، بخلاف توليد الكهرباء، صار، الآن، بلا معنى! ولسوء الحظ، فإنه قد جرى تخوين كل مَنْ قال إن الموقع، على الساحل يمكن أن يكون ميداناً متسعاً لمشروعات منجزة عديدة، وإن المفاعل النووى يمكن أن يجد مواقع بديلة بلا حصر، وليس هناك شك فى أن الذين اعترضوا على إقامة المفاعل فى الضبعة، لم يكونوا أبداً ضد المفاعل، كمفاعل فى حد ذاته، وإنما كانوا، وربما لايزالون، يرون أن مصر تسكن 4٪ من مساحتها الإجمالية، وأن المفاعل، والحال هكذا، يمكن أن يجد بسهولة، موطئ قدم، بل مواطئ، فى أى قطعة أرض من ال96٪ الباقية من مساحتنا، وأن الضبعة إذا كانت تصلح لإقامة مشروع سياحى عليها، أو غير سياحى، فما المانع، مادام المفاعل يمكن أن يقام فى أى موقع آخر.. وأن.. وأن.. إلى آخر ما قيل، وكان الشك فيه، وفى أصحابه، مقدماً على كل شىء! الآن.. وقد قرر الرئيس وانتهى الأمر، لم يعد فى إمكان أحد، أن يرشح الضبعة لأى مشروع بديل مما كان قد جرى طرحه، ولا يجرؤ أى صاحب أعمال، الآن أيضاً، على طرح بدائل مجدية هناك، ومع ذلك فإن هناك أملاً، حتى ولو كان ضئيلاً، فى أن يفكر الرئيس مبارك فى الأمر على نحو مختلف. فالرئيس، قطعاً، يعرف أن الملك عبدالله، عاهل السعودية، قد أقام جامعة للتكنولوجيا تحمل اسمه على أرض بلاده، ويوم أقيمت قال إنه ظل يحلم بها 25 عاماً، وهى جامعة لا مثيل لها، تقريباً، فى المنطقة، ويخصها الملك برعاية فريدة، ويحرص على أن تكون لها الأولوية فى اهتمامه دائماً. ويعرف الرئيس، يقيناً، أن قطر أنشأت على أرضها ما يسمى مدينة العلوم، وأن فيها خمسة فروع لأهم جامعات الولاياتالمتحدة، ولا تجد السلطة هناك وسيلة لدعم المدينة، إلا وتنتهزها، من أول وضع الدكتور زويل فى مجلس أمنائها، وانتهاء بإغراء أعظم أساتذة العالم بالمجىء إليها. والسؤال الذى أتمنى أن يصل إلى أسماع الرئيس هو: لماذا يا سيادة الرئيس لا تكون الضبعة موقعاً لجامعة أو مدينة من هذا النوع؟! ولماذا لا تكون، إذا تطلب الأمر، جامعة دولية تساهم فيها دول الاتحاد من أجل المتوسط - مثلا - مادام الموقع يطل على البحر المتوسط مباشرة، ومادمنا نحن نتمتع بعضوية الاتحاد، بل إن رئاسته المشتركة لنا حالياً؟!.. لماذا لا يتبنى الرئيس، فكرة كهذه، فتصبح فكرته، وهى، على كل حال، فكرة تليق بمصر، وتليق مصر بها، ولن نواجه أى صعوبة، وقتها، فى تدبير موقع بديل للمفاعل الأول، بل والعاشر أيضاً، وسوف يحيا الساحل كله، وقتها أيضاً، طول العام، بدلاً من أن تدب فيه الحياة، الآن، لشهرين فقط، ثم ينام باقى السنة.. فالجامعة، فى حالة كهذه، سوف تكون دولية، وسوف يكون النشاط فى الموقع، على قدر السمعة والمكانة، والحجم الذى سوف تكون عليه جامعة من هذا النوع.. ما المانع يا سيادة الرئيس؟!