كلام مرسى عطا الله، رئيس مؤسسة الأهرام مع الزميل مجدى الجلاد، رئيس تحرير «المصرى اليوم» كان خطيرًا يستحق وقفة طويلة على محطة الانتظار لتجميع تفاصيل الحوار. مرسى كان شجاعًا وهو يفجر ألغام الجلاد التى جاءت فى أسئلته النارية، فرسمت شظاياها صورة لمقاتل عنيد قاد أول حركة فى الإصلاح الإدارى والمالى والمهنى داخل قلعة عريقة مثل مؤسسة الأهرام بغرض أن يعيدها إلى عرش الصحافة يوم أن كانت مصدرًا لوكالات الأنباء العالمية فى أخبارها الرسمية عن مصر. الحوار مع عطاالله أمتعنى لأنه كشف عن الأسباب التى دعت الدولة إلى أن تغض البصر عنه بالمخالفة للقانون.. فهو ليس الوحيد الذى غضت عنه البصر بعد السن القانونية فقد سبق أن غضت البصر أكثر من 10 سنوات عن رؤساء المؤسسات السابقين والذين أنهكوا مؤسساتهم بديون وصلت إلى 6 مليارات جنيه دون أن يحاسبهم أحد.. ولأنهم محسوبون على النظام فقد أسقطت عنهم هذه الديون رغم اعتراضات الجهاز المركزى للمحاسبات، على اعتبار أنها مال عام لا يجوز إهداره. الوضع مع مرسى عطاالله يختلف عن الوضع مع رؤساء المؤسسات السابقين.. فهو هنا يمثل طوق النجاة الذى ألقت به الدولة فى عنق «الأهرام» بعد أن تعرضت لحالة من الانهيار، فالدولة تعرف أن ملف «الأهرام» كان معقدًا، وأن الهيكل المالى والإدارى يتعرض إلى هزة، وأن العاملين ضجوا من التفاوت الرهيب فى الأجور والحوافز بينهم وبين أجور الصفوة من المحظوظين، من هنا اعتبرت أن مرسى عطاالله فى مهمة عمل داخل «الأهرام» لتنفيذ خطته الإصلاحية والتى ظهرت بشائرها، إذن مهمة مرسى عطاالله لم تنته بعد وربما تكون شعبيته داخل «الأهرام» كانت سببًا فى أن تغض الدولة البصر عنه فى الوقت الحالى.. وعلى حد تعبير السيد صفوت الشريف أن عطاالله نجح فى إعادة ترتيب البيت حتى أصبح سندًا للضعيف وهو الآن يتعامل مع الجميع بأسلوب مهنى راق. كلام السيد صفوت الشريف لا يعطى حصانة له للإبقاء عليه فى موقعه بالمخالفة للقانون، فهناك فرق بين قيادة إعلامية فى مهمة إنقاذ، وبين رئيس مؤسسة فى موقع قانونى خاطئ حيث أكد لى السيد رئيس مجلس الشورى أن التغييرات آتية آتية لأننا نحترم القانون. ويجمعنى لقاء مع حسين عبدالعال، مدير عام مطابع «الأهرام» والذى أعرف عنه أنه يتمتع بقمة الأصالة والعطاء فقد كنت حريصًا على معرفة رأيه بعد قراءة الحوار.. وللحق جاءت شهادته تقول.. إن ما جاء فى الحوار هو جزء بسيط عن إنجازات الأستاذ مرسى عطاالله فى «الأهرام» لأن الرجل حقق للأهرام الكثير، يكفى الاستقرار النفسى بين العاملين بعد تعديل جدول الحوافز والأجور وزيادة نصيب الفرد فى الأرباح.. والالتزام فى سداد الديون والوفاء بحصة الدولة فى الضرائب. الشىء الذى لم يتناوله حسين عبدالعال فى شهادته قضية الانتماء التى طرحها مرسى عطاالله فى حواره مع مجدى الجلاد.. والتى أصبحت شعاره داخل «الأهرام»، لقد فاجأنا بأنه أصدر قرارًا بمنع الصحفيين والكتاب من العمل خارج الأهرام.. أفهم أن يكون القرار مقصورًا على الصحفيين وليس على الكتاب.. لأننى أرى أن الكاتب من حقه أن يكتب فى أى مكان لأن رأيه ملك له وليس ملكًا لصحيفته، ولكن الخبر هو ملك للصحيفة وليس لصحيفة أخرى.. فليس من المعقول أن أمتلك خبرًا وأفضل صحيفة أخرى على صحيفتى. لقد أعجبنى عطاالله أن يتبنى قضية الانتماء فى حواره.. لأن الانتماء فى العمل الصحفى هو تجسيد لشخصية «الصحفى البيه» حسب مقولة أستاذنا رحمه الله مصطفى أمين.. وليعرف عطاالله وغيره من رؤساء التحرير أن ظروف المعيشة التى يعيش فيها صغار المحررين كانت سببًا فى فقدانهم الانتماء لصحفهم.. وأذكر كاتبنا المرحوم الأستاذ سعيد سنبل وهو يقول: قد يأتى اليوم الذى يبيع فيه صغار الصحفيين شبابيك وأبواب مؤسساتهم بسبب الحاجة. صحيح أن مرسى عطاالله أدرك هذه المأساة فرفع قيمة بنط الحوافز من 200 جنيه إلى ألف جنيه وأصبح الصحفى المبتدئ لا يقل دخله عن ثلاثة آلاف جنيه، لكن هذا النظام فى «الأهرام» وحده والفضل لرجل موقعه فى العد التنازلى ولا يعلم مصيره غدًا. لذلك أقول لكاتبنا الكبير.. اترك أصحاب الرأى طالما لا تملك المساحات التى تحمل آراءهم.. ثم اتركهم يعبرون عما فى صدورهم ولا تحجر عليهم تحت ما يسمى بالانتماء.. مجدى مهنا رحمه الله كان ينتمى لبيته روزاليوسف ولم يصبح نجمًا إلا من خلال عموده اليومى فى «المصرى اليوم».. فهناك فرق بين صاحب الرأى.. وبين صانع الخبر. القضية الأخرى التى أريد من كاتبنا الكبير أن يتبناها هى إحالة صحفى أو صحفية إلى المحكمة للفصل بسبب الغياب.. هذا لم يحدث لا فى زمن إبراهيم نافع ولا فى زمن إبراهيم سعده.. فالصحفى على أيامهما كان يجد احترامه ولم تمتد أصابع الشؤون الإدارية إلى مستقبله.. مع أن مرسى عطاالله لا يختلف عنهم احترامًا ووقارًا. [email protected]