«أفغانستان وليس العراق هى الجبهة الرئيسية فى الحرب على الإرهاب».. تلك هى رؤية الرئيس الأمريكى الجديد باراك أوباما الذى أصدر مؤخراً قراراً يفوض «البنتاجون» فى إرسال 17ألف جندى إضافى إلى أفغانستان «لمواجهة العنف المتزايد للمتمردين». ورغم أن أوباما جعل حل المسألة الأفغانية الباكستانية فى مقدمة أولويات أجندته السياسية، فقد ألمحت صحيفة «The Observer» البريطانية إلى أن «بلاد قبائل البشتون» التى يجاهد الرئيس الأمريكى الجديد لترويضها، قد تصبح «فيتنام جديدة» له. ففى قراءتها لجولة المبعوث الأمريكى الخاص إلى باكستانوأفغانستان ريتشارد هولبروك التى قام بها مؤخراً فى المنطقة، أشارت «The Observer» إلى أن هولبروك جاب كل المناطق الحدودية الممتدة من أواسط أفغانستان إلى نهر الإندوس فى باكستان، والتى أطلقت عليها اسم بشتونستان (بلاد قبائل البشتون). واعتبرت الصحيفة أنه لا أحد يشك فى أن تلك المنطقة تشكل الصداع الأكبر لسياسة أوباما الخارجية، موضحة أن هولبروك توصل فى جولته إلى قناعة مفادها أن الأوضاع هناك أقسى من تلك السائدة فى العراق. وعددت الصحيفة أسباب تلك الرؤية داخلياً وإقليمياً ودولياً. فعن الوضع الداخلى، قالت الصحيفة إن تحالف المتمردين، الذى يشكل حركة طالبان فى أفغانستان ،تمكن من فرض سيطرته على جزء كبير من جنوب وشرق أفغانستان. وفيما يخص الوضع الإقليمى، حيث الود مفقود بين باكستان والهند وأفغانستان، تبدو علاقات كابول بنيودلهى وثيقة، وهو ما يعد سبباً ونتيجة منطقية لعدائهما المشترك تجاه باكستان. وأخيراً، وعن الوضع الدولى، تقول «The Observer» إن المنطقة المحيطة بالجبال الحدودية التى تسيطر عليها قبائل البشتون، تعتبر مركزاً رئيسياً لما سمته الصحيفة «التطرف الإسلامى الدولى»، وخلصت الصحيفة إلى القول بأن تحقيق الاستقرار فى ذلك البلد المضطرب هو الأولوية الحالية. من ناحيتها، رأت صحيفة «The Guardian» البريطانية أنه ربما يكون من السابق لأوانه القول بأن المهمة فى أفغانستان قد فشلت، ولكن الوقت لم يعد مبكراً للقول بأنه لم يتم إحراز نجاح. واعتبرت الصحيفة أن حكومة حميد كرزاى فى أفغانستان فاسدة ومشوشة وضعيفة. وتضيف الصحيفة أن المخدرات تعد المحرك الأساسى للاقتصاد الأفغانى، كما ترى أن وحدات «الناتو» المكلفة بالقضاء على -أو على الأقل احتواء- مسلحى طالبان مخجلة، فهى تتواجد فى مناطق لا تعانى نزاعاً. وحول تكلفة الحرب فى أفغانستان، تقول «The Guardian» إن 2.5مليار جنيه استرلينى يعد تكلفة باهظة بالنسبة لاقتصاد بريطانيا الذى يكافح للتغلب على الركود. وتختتم الصحيفة بدعوتها لبذل جهود دبلوماسية لنزع فتيل العداوات التى تعرقل عملية البحث عن حلول فى المنطقة، سواء كانت بين إيرانوالولاياتالمتحدة أو روسياوالولاياتالمتحدة، أو باكستان والهند. وترى«The Guardian» أن تحقيق تقدم لابد أن يبنى على وضع طموحات أكثر تواضعا والتخطيط لعمليات عسكرية أكثر تمييزا بين المسلحين والمدنيين، إلى جانب الانفتاح على الدخول فى مفاوضات، فضلاً عن اعتماد استراتيجية تسعى جاهدة لتهيئة الظروف للانسحاب، بينما تستبعد الاندفاع فى تحقيق ذلك. من جهة أخرى، استعادت صحيفة «Pravda» الروسية الذكرى ال20 لانسحاب آخر جندى سوفيتى من أفغانستان فى 15 فبراير، مذكرة بأن الاتحاد السوفيتى فقد نحو 14 ألف شخص خلال حرب استمرت 10 أعوام، من 1979 إلى1989. واعتبرت الصحيفة الروسية أن الولاياتالمتحدة هى من أوقع الاتحاد السوفيتى فى شرك تلك الحرب الضروس، موضحة أنه على الرغم من أن زعماء حزب الشعب الديمقراطى فى أفغانستان- الذين وصلوا إلى السلطة فى أبريل 1978-كانوا موالين للاتحاد السوفيتى، فإن مناصبهم فى الدولة لم يكن من الممكن وصفها بأنه يعتمد عليها، وأضافت «Pravda» أن الأصوليين الإسلاميين أبدوا مقاومة مسلحة ضد الحزب منذ صيف 1987، بمساعدة من الولاياتالمتحدة وبريطانيا وعدد من الدول الإسلامية والصين، معتبرة أن المساعدة الأمريكية للمتمردين كانت أحد أهم العوامل التى ساعدت فى نشر قوات الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان. من جانبها، تناولت صحيفة «The New York Times»الأمريكية الانتقادات الموجهة لكرزاى، موضحة أن الولاياتالمتحدة لم تعد تنظر إليه كبطل وأنه لم يعد مرغوبا فيه، مستشهدة بقول أوباما إن كرزاى «شخصية لا يمكن الركون إليها» وإنه «زعيم غير فعال»، بينما اعتبرت وزيرة الخارجية الأمريكية أن كرزاى يمارس سلطاته فى «دولة مخدرات»، فى الوقت الذى يخشى فيه الأمريكيون أن تلحق الهزيمة بهم فى حربهم على أفغانستان، مما قد يدفعهم إلى تجاوز كرزاى والتعامل مباشرة مع الحكام والمحافظين فى الضواحى والمناطق الريفية. وداخليا، قالت الصحيفة إن كرزاى يواجه تمردا متزايدا، وإن الناس يلقون عليه باللائمة بشأن الوضع الاقتصادى المتدهور، مستعينة باستطلاعات رأى أجريت مؤخرا، وكشفت عن أن 85% من الأفغانيين يرغبون فى انتخاب رئيس آخر، فى الوقت الذى يتوقع فيه أن تجرى الانتخابات فى 20أغسطس المقبل.
