«العدل»: "ألف قائد محلي" خطوة لتمكين الشباب في انتخابات المحليات    السادات و 6 أكتوبر وأصعب الخيارات    تدريب المعلمين الجدد بكفر الشيخ على مهارات التدريس الإبداعي    «الأخبار» عنوان الحقيقة    رئيس الوزراء: برميل البترول زاد 10% خلال أسبوع    «تعليم الكبار» و«قصور الثقافة» تطلقان مبادرة الهوية في محو الأمية    سقوط عشرات الصواريخ على مدينة صفد شمال إسرائيل    نقيب المهندسين يشارك في إحياء ذكرى انتصار أكتوبر واليوم التضامني مع الشعبين الفلسطيني واللبناني بنقابة الصحفيين    خاص| هل خرجت إسرائيل عن السيطرة الأمريكية بعد عام من الحرب على غزة؟    كوريا الشمالية تقطع السكك الحديدية مع جارتها الجنوبية    صفقة الزمالك المنتظرة تظهر في ودية بتروجت غداً    احتفالا بالعيد القومي.. وكيل «شباب الغربية» يطلق شارة بدء ماراثون الجري    حبس 8 عاطلين ومسجلين خطر لارتكابهم 14 واقعة سرقة بالمنيا    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في قضية رشوة «التموين»    انتشال جثة شاب غرق أثناء محاولة إنقاذ صديقه بالجيزة    وليد فواز عن دوره في «برغم القانون»: رد فعل الجمهور أدهشني| خاص    ب 19 مليون.. أحمد حاتم يتربع على المركز الأول بفيلم "عاشق"    غداً الأوبرا مفتوحة للجمهور    قبل الافتتاح اليوم.. تفاصيل مهرجان «نقابة المهن التمثيلية» المسرحي    بعد نجاحها البارز.. فتح باب التقدم لمسابقة الأزهر لحفظ القرآن الكريم    منشآت «الرعاية الصحية» بأسوان تستقبل وفدًا من منظمة الصحة العالمية والاتحاد الأوروبي    محافظ المنوفية يفتتح وحدة الأشعة المقطعية الجديدة بمستشفى منوف    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الخميس 10 أكتوبر 2024    «البحوث الإسلامية» يعلن أسماء الفائزين في المسابقة الثقافية للحج والعمرة.. التفاصيل    القيعي يدافع عن إدارة الأهلي في ملف الصفقات    الأوقاف تفتح باب التقدم لحركة تنقلات الأئمة ومقيمي الشعائر والمؤذنين والعمال بالمديريات الإقليمية    الوزراء يوافق على الإعلان عن مسابقات معلم مساعد لمن سبق لهم التدريس    وزيرة التنمية المحلية تشارك في منتدى "جسور المدن"    رئيس القطاع الديني يفتتح أولى دورات التعامل اللائق لعمال المساجد بالفيوم    النيابة الإدارية تحقق في واقعة اتهام مدرس بالتحرش بطالبة في الجيزة    «التعليم» تعلن تفاصيل امتحان شهر أكتوبر للصف الثاني الثانوي    خبراء: الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود والكهرباء وراء ارتفاع التضخم الشهري    محافظ أسوان يتابع أكبر حملة لإزالة التعديات على الأراضي الزراعية بقرية الضما    «أخرس الجميع».. فالفيردي يبدع في وصف مبابي    إصابة شخص بسبب سقوط سيارته من أعلى كوبري أكتوبر    الحكومة تلزم الوزارات والمصالح بموافاة المركز الوطني للبنية المعلوماتية بالبيانات الخاصة    الفائز بجائزة نوبل فى الفيزياء يحذر من مخاطر الذكاء الاصطناعى    إحالة طبيب ومشرفة عناية مركزة في "حميات طوخ" إلى التحقيق    الأقوى على مر التاريخ.. إعصار ميلتون يصل ولاية فلوريدا الأمريكية    بعد رحيله عن ليفربول.. يورجن كلوب يُحدد وجهته المقبلة    رحمة رياض تنضم لفريق لجنة تحكيم برنامج "X Factor"    مصر الخير تطلق 22 شاحنة مواد غذائية لأهالي شمال سيناء    "رحلة حامل".. تفاصيل مذكرة تفاهم ضمن مبادرة العناية بصحة الأم والجنين    أخبار الأهلي : صفقة تبادلية بين الأهلي وزد ..تعرف على التفاصيل    ضربة للريدز.. أليسون يغيب عن ليفربول بسبب الإصابة    جامعة بنها تنظم قافلة طبية متخصصة في أمراض العيون بقرية بطا    لماذا رفضت منال سلامة دخول ابنتها أميرة أديب مجال الفن؟    وكيل زراعة الإسكندرية يتفقد منطقة آثار أبو مينا ببرج العرب لرصد المشاكل    ممثلة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين: نساء غزة يواجهن فظائع لا يمكن تحملها    بشرى سارة على صعيد العمل.. حظ برج الثور اليوم الأربعاء 9 أكتوبر 2024    سحب 1343 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الرمادي: اعتذرنا للزمالك لعدم بيع بيكهام.. وأخطأنا في رحيل خالد صبحي للمصري    تمنى وفاته في الحرم ودفنه بمكة.. وفاة معتمر مصري بعد أداء صلاة العشاء    مسئول أممى: الجيش الإسرائيلى يهاجم لبنان بنفس الأساليب التى يستخدمها فى غزة    المشاط: المنصات الوطنية ضرورية لترجمة الاستراتيجيات إلى مشروعات قابلة للتمويل وجاذبة للاستثمارات و"نُوَفِّي" نموذج عملي    أمين الفتوى: الوسطية ليست تفريط.. وسيدنا النبي لم يكره الدنيا    هدنة غزة.. «رويترز» تكشف عن خطوة مفاجئة من قيادات حزب الله والسبب لبنان    الدعاء وسيلة لتحسين العلاقة بالله وزيادة الإيمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إسرائيل تعتدى.. ومصر تدفع الثمن

ها هى الحرب البشعة على غزة تضع أوزارها، ولو مؤقتا، ويتبدد غبارها الأبيض والأسود، فتنجلى الحقائق، وتظهر النتائج، ويعرف كل طرف حصاد ما زرع.
وما يؤسف ويدعو للغيظ أن أطرافاً كثيرة قد ربحت، ولم يخسر سوى مصر والمدنيين الفلسطينيين الأبرياء فى قطاع غزة، لكن عزاء هؤلاء هو أن للحرية ثمنها، وأن شعوب الأرض جميعاً دفعت من دمها وأمنها ومالها وجهدها كى تجبر الاحتلال على أن يحمل عصاه الغليظة ويرحل، وأن ألفاً ومائتين استشهدوا من الفلسطينيين هم فى النهاية قلة قياساً إلى أكثر من مليون جزائرى لقوا المصير نفسه فى حرب التحرير، وأكثر من مائة ألف فيتنامى فاضت أرواحهم الطاهرة حتى تخرج بلادهم منتصرة على الولايات المتحدة.
أما مصر فتخسر ولا شىء يعوضها عما تفقده، ولا أحد يتخذ إجراءات حاسمة وحازمة فى سبيل وقف هذا النزيف.
ففى الساعات الأولى من الحرب كان الإعلام العربى كله يعرض صورة وزير خارجيتنا وهو يمد يده لوزيرة خارجية الكيان الصهيونى، وكانت عبارته التى ألقى فيها باللوم والتبعة على حماس تسكبها الفضائيات فى آذان الجميع، فتطاول علينا من تطاول واتهمنا بالتواطؤ مع العدو، أو على الأقل العلم بما كان ينوى فعله والصمت على ذلك.
وفى الساعات الأخيرة للحرب بدت مصر فى موقع المتهم فى نظر إسرائيل، لأنها إما رتبت لتهريب أسلحة إلى حماس، أو غضت الطرف عن هذا، أو عجزت عن تأمين حدودها وإغلاق الأنفاق التى تصل بين رفح المصرية وأختها الفلسطينية.
وهذا الاتهام قد يُحسّن من صورة مصر فى نظر كل من هاجمها فى بداية المعركة، لكن ليس لدى الحكومة أى استعداد لتبنى هذه المسألة، نظرا للنتائج الخطيرة التى ستترتب على ذلك، ولذا فكل من يتحدث من المسؤولين الرسميين حول الموضوع ينفى أى إشارة من قريب أو بعيد إلى مساعدة مصر لحماس كى تحوز ما استعملته فى القتال من أسلحة بدت، كما وكيفا، أكبر مما كان فى حسبان الإسرائيليين.
ومع هذا فتل أبيب لا تصدق ما ترويه مصر عن سيناريوهات وصول السلاح إلى غزة، والدليل على ذلك أن وسائل إعلام الكيان الصهيونى تتحدث جهارا نهارا عن خط تهريب يبدأ من إيران إلى السودان ثم إلى سيناء عبر البحر، ويقوم أفراد من قبيلة الترابين التى تقطن سيناء بحمله عبر الأنفاق إلى القطاع.
عند هذا الحد فالأمر لا يمس مصر الرسمية، لكن إسرائيل تشكك فى جهل مصر لهذه العملية، وتقول إن الأمن المصرى الذى يتمتع بقدرات عالية يعرف كل شىء ويصمت.
وكالعادة لم تهتم إسرائيل بالرواية المصرية التى تؤكد تهريب الأسلحة عبر البحر، وليست مستعدة أبدا لقبول سيناريو آخر يبين أن جزءا كبيرا من هذا السلاح جاء من داخل إسرائيل نفسها، فتجار السلاح لا وطن ولا عهد ولا ذمة ولا انتماء.
وتستعيد الأذهان هنا ما قاله الرئيس ياسر عرفات ذات مرة من أن بوسعه أن يحصل على السلاح من جهات داخل إسرائيل ذاتها لو أراد، وذلك حين اتهمته تل أبيب بأنه صاحب شحنة الأسلحة التى كانت تحملها السفينة «كارين» القادمة من إيران وضبطتها تل أبيب بمساعدة المخابرات القطرية.
كما لا تريد إسرائيل أن تصدق أن حزب الله تمكن من إيصال هذه الأسلحة إلى القطاع عبر أراضى إسرائيل بمساعدة عملاء من اليهود والعرب.
ولأن الكيان الصهيونى يشك فى الجميع، ويتصرف على أساس أن كل من يحيطون به هم أعداؤه، مهما قدموا له من تنازلات أو تطمينات، فقد سارعت ليفنى لتلتقى نظيرتها رايس فى واشنطن قبل أن تغادر منصبها، غير مأسوف عليها، لتوقعا سويا «مذكرة تفاهم» لمنع السلاح عن غزة، لا تعرف مصر عنها شيئا، ولم تستشر فيها، رغم أنها هى المعنية بها، قبل أى طرف آخر، حتى إسرائيل نفسها.
والغريب أن هذا تم فى وقت كانت مصر لاتزال تمد يدها ب «مبادرة» لوقف القتال فى غزة، أيدها مجلس الأمن فى قراره رقم 1860 واتخذ منها إجراء واضحا لتنفيذ هذا القرار.
هذه المذكرة التى ترمى إلى حرمان الشعب الفلسطينى من كفاح مسلح مشروع للاحتلال، تلقفتها إسرائيل لتغطى بها على فشلها فى تحقيق الأهداف العسكرية فى ميدان غزة الصامد بعد ثلاثة أسابيع كاملة من القصف جوا وبحرا وبرا، وبأفتك الأسلحة، ولتورط بها مصر فى معركة سياسية وأمنية قادمة مع إسرائيل وحلفائها، نابعة من ضغوط متوقعة على بلدنا كى يقبل بخيارين كلاهما مر، الأول هو تواجد قوات أجنبية، أمريكية خاصة، على حدود سيناء مع غزة، والثانى قيام مصر بدور الشرطى لحماية أمن إسرائيل، بعد أخذ تعهدات عليها بأن تكون مسؤولة عن أى قطعة سلاح تدخل إلى غزة.
هذا الابتزاز الإسرائيلى ما كان له أن يكون لو أحسنت مصر الرسمية اتخاذ الموقف المناسب منذ اللحظة الأولى للحرب. لكن الفرصة لا تزال قائمة فى معاقبة إسرائيل على تعنتها أمام الدبلوماسية المصرية وخداعها لها، وأمامنا خيارات فسيحة سترد لها الصاع صاعين، مثل تنفيذ الحكم القضائى بوقف تصدير الغاز، وطلب تعديل «اتفاقية السلام»، وسحب ما تسمى «مبادرة السلام العربية»، وتحقيق المصالحة الفلسطينية بأى طريقة وفى أقرب فرصة،
ثم الانحياز الكامل لخيار المقاومة بشقيها المدنى والمسلح، واستغلال جرائم الحرب فى غزة وفتح جريمة القتل الجماعى للأسرى المصريين فى حروبنا ضد الكيان الصهيونى، وبدء حوار بناء حول تفعيل معاهدة الدفاع العربى المشترك.. فهل لنا أن نفعل أى شىء من هذا قبل فوات الأوان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.