طالب المئات من سكان منطقة «خرطة أبوالسعود» بمصر القديمة، الواقعة خلف مسجد «عمرو بن العاص» بإنقاذهم من مياه الصرف الصحى، التى أغرقت مساكنهم، بعد أن تحطمت خطوط مواسير الصرف الصحى العمومية بالشبكة القديمة، أثناء العمل بمشروع إحلال وتجديد شبكة الصرف الصحى بالمنطقة، وقالوا إن الدخول من وإلى المساكن أصبح «مغامرة»، يستعين فيها الأهالى بالحجارة للمرور من فوقها، مع تهديد صحى دائم بسبب البرك التى تصنعها المياه التى أصبحت مرتعاً للحشرات والأمراض. ولم يقتصر الأمر على ما سبق، بل أدى تحطيم خطوط الصرف الصحى بالشبكة القديمة إلى خلط مياه الصرف بمياه الشرب، فضلاً عن التصميم الخاطئ للشبكة الجديدة - على حد وصف الأهالى - حيث قام العاملون بالمشروع بتصميم بالوعات الشبكة الجديدة فوق كابلات الكهرباء الداخلة للمنازل، دون الفصل بينهما بأى مواد عازلة. محمد عبدالستار، من سكان المنطقة، أكد أن منطقة «خرطة أبوالسعود» من المناطق الأثرية والسياحية، لوقوعها ضمن تجمع الأديان، إذ تقع مباشرة خلف مسجد «عمرو بن العاص»، وتحيط بها المساجد والكنائس من جميع النواحى، لذلك راعت الدولة تخطيطها بأسلوب هندسى وعمرانى يراعى طبيعتها، فجميع شوارعها تحمل أسماء لشخصيات وأحداث تاريخية. وأضاف: «دخل الصرف الصحى المنطقة لأول مرة منذ 50 عاماً، فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وتم تصميم شبكة الصرف للمنطقة بأكملها، ورغم التزايد المستمر لأعداد السكان فإننا كنا نستخدم الشبكة دون أدنى مشاكل». وتابع: منذ 6 أشهر فوجئنا بمجموعة من العمال، التابعين للحى، يقومون بحفر الشوارع، بحجة إعادة تجديد وإحلال شبكة الصرف الصحى بالمنطقة، لكن العمال استخدموا أسلوب غاية فى العشوائية، فقاموا بتكسير وقطع الأشجار المحيطة بمنازلنا، وفى ظل غياب الإشراف الهندسى على العمال قاموا بكسر خطوط الشبكة القديمة، فارتفع منسوب مياه الصرف بالشوارع، حتى اقتحمت المنازل، وأصبح الدخول والخروج منها بمثابة مغامرة، نستعين خلالها بالحجارة فى مداخل العمارات، للمرور من فوقها. «حياتنا تحولت إلى جحيم»، عبارة بدأ بها طارق التونى، أحد السكان، حديثه عن معاناة الأهالى من مشكلة الصرف، وقال: «حال المنطقة لم يعد يرضى عدوا ولا حبيبا، خاصة أننا لسنا معتادين على مواجهة مثل تلك المشكلة، شوارعنا تحولت إلى برك لمياه الصرف، تنبعث منها الروائح الكريهة طوال اليوم، خاصة فى ساعات الليل، فضلاً عن تكاثر الحشرات والديدان بداخلها، الأمر الذى يجبرنا على غلق النوافذ طوال الوقت، لتجنب دخول الحشرات.وكشف عماد فؤاد، من الأهالى، عن أن التصميم الخاطئ للشبكة الجديدة دفع عمال الحى لتركيب مواسير الصرف وغرف التفتيش فوق كابلات الكهرباء مباشرة، دون إضافة مواد عازلة، وهو ما يعرض المنطقة بأكملها للخطر. وقال: «حررنا أكثر من شكوى للحى بما يلحقه عمال المشروع الجديد من خسائر، فقد اعتادوا كسر مواسير مياه الشرب بالشوارع أثناء الحفر، حتى ضعف ضغط المياه بالمنطقة، واضطررنا إلى الاستعانة لأول مرة بمواتير لرفع المياه. وانتقد الدكتور سمير بدر، أحد السكان، جهل العاملين فى المشروع بأبسط القواعد الأساسية لتركيب مواسير الصرف الصحى، وهى أن تكون على عمق يناسب طبيعة المنطقة، فعلى الرغم من احتواء المنطقة على عدد كبير من مخازن شركة مطاحن جنوبالقاهرة، التى تنقل المقطورات إليها يومياً أجولة الدقيق، فقد تم تصميم المواسير الجديدة على عمق 75 سنتيمتراً فقط من الشارع، الأمر الذى أدى إلى تحطيمها، حتى قبل أن تعمل، بمجرد مرور سيارات النقل من فوقها. من جانبه، نفى اللواء أحمد على، رئيس حى مصر القديمة، ما ردده الأهالى، حول قيام العاملين فى المشروع بإتلافات أثناء العمل، مؤكداً أن المشروع يخضع لإشراف عدد من مهندسى الجهاز التنفيذى للصرف الصحى بالقاهرة، بهدف تحسين الصرف وضغوط المياه بالمنطقة، تماشياً مع الكثافة السكانية لها، وأكد أن الوصلات الجيدة للصرف سيتم ربطها بالشبكة القديمة، التى مازالت تعمل حتى الآن، ومن المقرر الانتهاء فعلياً من تنفيذ المشروع خلال 4 أشهر، بعد أن تم إنجاز نحو 60٪ منه.