شن الكاتب البريطانى روبرت فيسك هجوماً عنيفاً على مصر، قال فى مقال نشرته صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أمس إن «عجز مصر عن مواجهة المعاناة فى قطاع غزة، يرمز لضعف نظامها السياسى» أضاف فى المقال الذى نشرته الصحيفة على موقعها الإلكترونى تحت عنوان: «الدولة العطنة فى مصر ضعيفة جداً»، إنه كانت هناك أيام «يقلق» فيها الغرب من الجماهير العربية، وخروج الملايين من العامة إلى شوارع القاهرة والكويت وعمان وبيروت رداً على سفك الدماء فى الشرق الأوسط، وتساؤلات حول «قدرة الرئيس الراحل أنور السادات على كبح جماح غضب شعبه». وتابع: «إنه اليوم، وبعد ثلاثة عقود من حكم الرئيس مبارك، فإن المصريين والكويتيين والأردنيين يمكنهم الصراخ فى شوارع عواصمهم، ولكن بعد ذلك سيتم إسكاتهم بواسطة عشرات الآلاف من رجال الشرطة السرية والميليشيات الحكومية التى تخدم الأمراء والملوك والحكام كبار السن فى العالم العربى». وأشار فيسك إلى مطالبة المصريين بفتح معبر رفح وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وحتى إرسال الأسلحة لحركة «حماس»، وقال: «الاعتراف بأن مصر لا تستطيع فتح الحدود السيادية دون الحصول على إذن من واشنطن، يقول لك كل ما تريد أن تعرفه عن عجز الحكام فى الشرق الأوسط». أضاف: «إن أى زعيم عربى يقوم بقطع العلاقات مع إسرائيل سيكون عرضة لسحب المساعدات العسكرية والاقتصادية الغربية»، مستطرداً أن مصر ستكون «مفلسة» دون إعانات. وقال فيسك إن العار الحقيقى فى مصر ليس فى كيفية استجابتها للمذبحة فى غزة، وإنما فى «الفساد الراسخ» فى المجتمع المصرى، حيث إن فكرة الخدمات من صحة وتعليم وتوفير الأمن للمواطنين «لم تعد موجودة». وأضاف أن مصر أصبحت أرضاً «الوظيفة الأولى للأمن فيها هى حماية النظام»، أرض يتم فيها «ضرب المعارضين» من قبل الشرطة، و«يعترض فيها الشباب على نظام مبارك الذى لا ينتهى - والذى من المحتمل أن يمرر إلى خليفة مثل ابنه جمال». وقال إن حالة القلق والإحباط فى مصر «مظلمة» مثلها مثل الحالة فى فلسطين، مشيراً إلى أنه «وسط كل هذا على المصريين أن يعيشوا فى ظل معاناة يومية بسبب البنية التحتية المتهالكة». ومن جانبه علق الدكتور أحمد ثابت، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية، على ما قاله روبرت فيسك قائلاً: «ما قيل واقع فعلى ينطبق على النظام، لأنه لا يستطيع فتح المعبر إلا بموافقة واشنطن للعديد من الأسباب الخاصة به، سواء على المستوى السياسى أو الاقتصادى. وأضاف ثابت قائلاً: «النظام المصرى يعلم جيداً أن عليه توخى الحذر فى أى قرار يتخذه بشأن القضية الفلسطينية أو معبر رفح، وعليه الرجوع إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أولاً للحصول على رأيها فيما ينوى فعله، لأنه يعلم جيداً أن بقاءه وحمايته رهن رضاء واشنطن عنه»، مشيراً إلى أن «الولاياتالمتحدةالأمريكية هى التى تضمن للنظام المصرى شرعيته الخارجية فهى التى تغطى على العديد من تجاوزاته. وحول قيام الشرطة بحماية النظام قال ثابت: «بالفعل تحمى الشرطة النظام المصرى، ليس على المستوى الأمنى فقط، ولكن على المستوى السياسى فهى العصا التى يضرب بها النظام كل معارضيه سواء فى الشارع أو فى الأحزاب». وأكد ثابت «أن مصر لن تستطيع أن تتخذ أى موقف تجاه معبر رفح ولا القضية الفلسطينية، لأن مصر أصبحت بمثابة سيدة عجوز لا تقوى على تصريف أمورها بنفسها، مشيراً إلى أن النظام لا يستطيع التعامل بكفاءة مع أى نوع من أنواع الكوارث سواء على المستوى المحلى أو العربى، مشدداً على أن مصر لن تفتح معبر رفح إلا بعد حصولها على إذن واشنطن». وعلق الفريق مجدى عمر (نائب رئيس المخابرات الأسبق) على ما كتبه يسأل قائلاً: «الكلام غير موضوعى فى العديد من النقاط، خاصة فيما يخص فتح معبر رفح، لأن فتح المعبر يعتبر قرراً سياسياً، وهذا القرار يخضع لاتفاقية دولية وقعت عليها مصر، تقضى بعدم اتخاذ أى قرار بشأن المعبر إلا فى حضور ثلاثة أطراف، هى السلطة الفلسطينية، ومصر، وممثل عن الاتحاد الأوروبى»، مشيراً إلى أن «مصر فتحت المعبر أكثر من مرة خلال الأيام الماضية لاعتبارات إنسانية وليست سياسية». وقال عمر: «إن مصر أصبحت بالفعل كالسيدة العجوز المصابة بالمرض السياسى، فهى لا تستطيع اتخاذ القرارات بمفردها، لكن هذا لا يمنعنا من القول بأن مصر تلعب دور الحياد، فهى لا تفضل أى طرف على الآخر، وهذه هى السياسة المصرية منذ فترة طويلة». وعن علاقة مصر بحركة فتح، قال: «قد يبدو للجميع أن مصر منحازة لفتح، ولكن هذا سببه هو أن مصر تعرف كل أعضاء وحركة فتح منذ فترة طويلة، ولقيادات الحركة علاقات قوية بالقيادة السياسية والأمنية فى مصر، أما حركة حماس فهى حركة شبه وليدة، ويتم التعامل معها من هذا المنطلق».