محمد عبدالعزيز: الدستور حسم دور النيابة في تحريك الدعوى الجنائية وتوجيه الاتهام    بعد ارتفاع سعر الكتكوت إلى 45 جنيهًا.. تحرك عاجل من الحكومة (فيديو)    نتنياهو يوجه رسالة بالإنجليزية للشعب اللبناني    سماعات طبية لضعاف السمع.. وتطبيق للتواصل مع الخدمات    مدبولى: نهتم بتشكيل عقول النشء.. وعبد اللطيف: انفراجة فى عجز المدرسين    مستشار أممي: الطوارئ المناخية أبرز المخاطر المُهدّدة للعالم خلال العقد المقبل    مياه أسوان: استبدال خطوط الصرف الصحي والمياه في القرى المتأثرة بالمحافظة    الأزهرى: مفهوم التصوف مشوش ويحتاج لكشف المعنى الصحيح    الرئيس الإيراني يتهم إسرائيل بالسعي إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط    منتخب مصر للميني فوتبول أول المتأهلين لكأس العالم عقب الفوز على الكاميرون    فانتازي يلا كورة.. دياز وجاكسون "الكروت" الرابحة في الدوري الإنجليزي    مدير قطاع الأمن بمدينة الإنتاج الإعلامي يكشف التفاصيل الكاملة لحريق الحي الشعبي    تفاصيل الدية الشرعية المدفوعة من عباس أبو الحسن لأهالي السيدتين المتهم بدهسهما على المحور    القنصلية السعودية في الإسكندرية تحتفل بالذكرى ال 94 لتوحيد المملكة    إلهام شاهين تطمئن الجمهور على صحتها بعد حريق ديكور فيلم «الحب كله»: شئ مفاجئ (خاص)    إعلام إسرائيلي: بدء اجتماع المجلس الأمني والسياسي الإسرائيلي    تفاصيل الحلقة 7 من «برغم القانون».. إخلاء سبيل إيمان العاصي    خالد الجندي: بعض الناس يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبى    تعيين الدكتورة هدى مخلوف وكيلًا لكلية الطب لشئون خدمة المجتمع بجامعة أسيوط    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام    "المصريين": مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل تتويج لجهود الدولة    تروي ديني: دياز سيكون رجل ليفربول الأول بعد رحيل صلاح    رسالة خاصة من تريزيجيه ل أحمد فتحي بعد اعتزاله    محافظات ومدن جديدة.. تفاصيل منظومة إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم    إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    محكمة برازيلية تبقى على الحظر المفروض على "X" لعدم امتثالها لطلبات القاضى    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    الرئيس السيسي يهنىء قادة السعودية بذكرى اليوم الوطني    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    حبس سيدة بتهمة سرقة رواد البنوك بزعم مساعدتهم    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية أدبية يكتبها: أسامة غريب.. همّام وإيزابيلا [5] السحلاوى.. رجل قلعة الشمقمق
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 11 - 2008

لم تتوقف المحاولات المحمومة، التى بدأها آل الكوارشى من أجل إنقاذ فتاهم المدلل همام من حبل المشنقة، بعد أن اعترف المطجن البصاص بالجريمة ودور همام فيها.
وعلى الرغم من اليقين الذى كان لدى العامة أن الأمر كله عبارة عن تمثيلية، وأن البيكيكى لن يترك حليفه تفترسه السباع وسيجد له مخرجاً، إلا أن عائلة الكوارشى لم تكن تركن إلى هذا الاحتمال وكانت تخشى غدر السلطان الذى يعرفونه أكثر من غيرهم.
ومع هذا لم تنقطع محاولاتهم وبالذات البندرية فى طلب مقابلة السلطان البيكيكى فى محاولة، لاستعطافه وتذكيره بما كان، كذلك تنبيهه من خلال الرسل، الذين تولوا سرد الخدمات التى أسداها آل الكوارشى للسلطنة وتأمين العرش، فضلاً عن الأموال التى أنفقها بسخاء لتعضيد ملكه والتمكين لحسان ولده الوحيد من بعده، خاصة أن الطامعين فى العرش لا حصر لهم ولا يقتصرون على الأمراء الطموحين فقط من داخل السلطنة، وإنما القشتاليون أنفسهم لا يمكن الركون إليهم لأنهم فى النهاية قد يتخلون عنه، تاركينه لأهل «قرمونة» يتولون حسابه.
وقد تضايق البيكيكى للتلميحات التى حفلت بها الرسائل وثارت حفيظته لما أحس أنه تهديدات تستتر بالنصح والاستعطاف، فأرسل اليهم محذراً ومذكراً بأن أموالهم هذه التى يتحدثون عنها هى أموال الرعيّة وأنه هو شخصياً الذى أتاحها لهم ومكنهم من نهبها.
بعد ذلك امتنع عليهم تماماً ورفض لقاء رسلهم وخشى من مغبة أن يفهم فارس المختوم حاكم إمارة الساحل البندقى الأمر على نحو خاطئ، فيغضب منه، وكان حريصاً على إرضائه، ليس هو فقط وإنما أمراء خليج البيسان، الذين كانوا جميعاً يعملون فى خدمة ملك أراجون ويؤدون إليه الجزية فى الميعاد.
لهذا فقد ترك السلطان البيكيكى قرمونة ليهرب من الضغوط وتوجه إلى شاطئ المحيط، حيث قصره الذى بناه له الكوارشى فى الأيام الخوالى وظل هناك يدير شؤون السلطنة من بعيد. وكانت للسلطان هواية عجيبة حار فيها الخدم وشماشرجية القصر.
كان معروفاً ولعه وغرامه الشديد بالطعام وبالذات صنف معين منه هو الأوز المشوى وكان يقوم فى حديقة القصر أمام المحيط بتنحية الخدم وتجهيز الحطب وتتبيل الأوز والقيام بعملية الشى بنفسه وتنسم رائحة الشواء، ولم تمنعه سنوات عمره المديد التى تعدت المائه من تناول أوزة مشوية كاملة فى إفطاره إلى جانب العسل والزبد والفطائر!
لم يركن الكوارشية إلى السلطان وحده فى سعيهم لإنقاذ همام وتحركوا فى كل اتجاه وتم نثر المال بلا حساب، ويقال إن الذى لم يحقق ثروة من أموال الكوارشى فى تلك الفترة لن يُكتب له الثراء أبداً!.
أخذت المحاولات أشكالاً عدة وتم العمل فى أكثر من سبيل، وجرى تقسيم الأتباع فى مجموعات كانت أهمها المجموعة التى توجهت إلى قلعة «الشمقمق» فى أعلى الجبل، تلك القلعة التى تطل على المدينة من حالق وقد بناها الشمقمق للهروب من ملاحقة السلطان البيكيكى الذى كان يخشاه ويتصوره طامعاً فى العرش،
وبعد مقتل الشمقمق على نحو غامض قام رجل ذو بأس شديد بالاستيلاء على القلعة وأبرم تفاهماً سريعاً مع السلطان البيكيكى، كُلفت هذه المجموعة من رجال الكوارشى بالاتصال بهذا الرجل القوى المعروف، كأحد أشد أبناء الليل دهاء وأوسعهم مقدرة وحيلة وهو «السحلاوى» قاطع الطريق المشهور وصاحب الغارات التى ينقض فيها على سكان الوادى ثم يصعد ورجاله عبر الدروب التى حفروها وصولاً لقلعة الشمقمق الحصينة، وكثيراً ما كان يقتسم الغنائم مع جندرمة السلطان البيكيكى، إذا ما اعترضوا طريق عودته.
بعد رحلة وعرة صعد الرسول الموفد من قبل الكوارشى الكبير ورجاله وبصحبته رسالة من مخدومه قام بتسليمها لحراس البوابة..وبعد زهاء ساعة تم السماح لهم بالدخول والمثول بين يدى السحلاوى.
كان السحلاوى من أعجب الشخصيات المؤثرة فى تلك الفترة. كان أمير المرتزقة بلا منازع، ولم يكن له ولاء لأى أحد، ومع هذا كان قادراً على جعل الجميع يظنونه صديقاً. تعامل مع القشتاليين ونجح فى إنقاذ أسراهم بالمال والحيلة وأحياناً بالقوة المسلحة.
كما عمل فى خدمة الأمراء العرب والأعيان الفاسدين من الموحدين وأبنائهم، وكان شبيهاً بأمراء وسلاطين زمانه، الذين تنقلوا فى حياتهم بين قتال الإسبان حيناً ثم القتال فى صفوفهم ضد العرب حيناً اَخر. وكان من الممكن أن يعمل اليوم فى خدمة ذلك الأمير، ثم ينقلب عليه إذا تلقى عرضاً أكثر سخاء.
وكان يظهر اليوم فى بلنسية وغداً تجده فى ميورقة ثم يكر عائداً إلى إشبيلية، يجند الأتباع ويجمع شهود الزور من كل البقاع ويرسم فى الأذهان حقيقة تختلف عن الحقيقة! ومن أشهر عملياته التى تحدثت عنها ممالك الأندلس خدعته الكبرى للأمير العربى «ابن هود» الذى تطلع إليه الناس لنجدتهم من ضغط الإسبان والسقوط المتتالى لمدائنهم الواحدة تلوالأخرى.
وكان ابن هود يهم بقتال القشتاليين على مقربة من قرطبة بعد ان أعد لهم أكثر من خمسة وثلاثين ألف مقاتل، ولم تكن حشود القشتاليين تؤلف قوة ذات شأن، لكن كان يوجد فى جيش ابن هود فارس قشتالى منفى بأمر مليكه يدعى» لورنسوخواريز»، وكان ابن هود يثق به تماماً ويعمل بنصحه، فلما نزل ابن هود فى «إستجة» وهويعتزم قتال القشتالين، تسلل هذا الفارس إلى المعسكر الإسبانى وتقدم بنفسه إلى خيمة الملك وطلب مقابلته لأمر خطير، فاقتيد إليه،
ولما شرح له مهمته وانه يريد أن يخدع ابن هود ويخوفه من قوة الجيش القشتالى وعدده، عفا عنه الملك وأجزل له العطاء ووعده برعايته، وعاد لورنسوإلى ابن هود وحذره من الاشتباك مع القشتاليين، فاستمع الرجل إلى نصحه وقرر أن يتخلى عن نجدة أهل قرطبة الذين تُركوا لمصيرهم، وبهذا أنقذ جيش القشتاليين من الدمار. ويقول العارفون إن لورنسوخواريز هذا لم يكن سوى السحلاوى نفسه!.
وكان الكوارشى الكبير يعرف عنه أكثر مما يعرف الاَخرون وقد تعامل معه فى أكثر من عملية فى السابق وبعض هذه العمليات كانت لحساب السلطان، لهذا فهو يعلم جيداً أنه ثعبان لا أمان له، وأنه قد يبيعك ويتفق مع عدوك فى أى لحظة، لهذا لم يقبل أن يزوجه من ابنته البندرية وخشى من غدره واكتفى بمنحه المال فقط. والاَن فإن حرج الموقف وخطورته لم تدع له خياراً سوى التماس العون من ذلك الوغد الزنيم.
قرأ السحلاوى رسالة الكوارشى الكبير وكتب رداً عليها طلب فيه إمهاله حتى يعد العدة ويضع الخطة المناسبة، وطلب صندوقين من الدنانير الذهبية قبل أن يشرع فى العمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.