«تعليم الفيوم» تعلق على فيديو طرد طالبات الثانوي العامي بسنورس    أحمد راغب: دعوة الرئيس السيسي لعقد الحوار الوطني حكيمة وذكية واستباقية    ارتفاع سعر الريال السعودي بالبنوك في ختام تعاملات اليوم 23 سبتمبر    سفير الاتحاد الأوروبي: توقيع برنامج لإنهاء الهجرة غير الشرعية إلى مصر بمليارات الدولارات قريبا    محافظات ومدن جديدة.. تفاصيل منظومة إعادة تدوير مخلفات البناء والهدم    وزير الخارجية يلتقي نظيره الكرواتي خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة    مالك روما يقترب من شراء إيفرتون    رسالة خاصة من تريزيجيه ل أحمد فتحي بعد اعتزاله    السجن 3 سنوات لفران اعتدى على ربة منزل بالإكراه في الشرقية    سلامات يا «إيمى»    فتح باب التسجيل للنسخة الثالثة من منتدى مصر للإعلام    الجمهور يهاجم وليد فواز بسبب إيمان العاصي في مسلسل برغم القانون    غادة زين العابدين تكتب: الدواء ليس كأي سلعة    إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته    دانيا الحسيني: اليوم أسوأ الأيام على لبنان منذ أكثر من 20 عاما    خالد الجندي: بعض الأشخاص يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبي    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف محيط مستشفى مرجعيون الحكومي جنوبي لبنان    كاتب صحفي: مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل نجاح كبير    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    انطلاق ورشة "مدرسة السينوغرافيا" ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية المسرحي.. صور    السيطرة على حريق اندلع بهايبر ماركت في نصر النوبة بأسوان    المفتي يهنئ محمد الجندي بتوليه منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    الإعلان عن التشكيل المثالي للجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي.. موقف محمد صلاح    جوارديولا يكشف تفاصيل إصابة دي بروين ومدة غيابه عن مانشستر سيتي    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    تنازل وطلب براءة.. كواليس محاكمة الفنان عباس أبو الحسن | خاص    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    اليوم العالمي للغات الإشارة: هل تختلف بين البلدان؟    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدًا صينيًّا من مقاطعة "جوانجدونج".. ويؤكد: نعتز بالشراكة الناجحة ونسعي لاستقطاب المزيد    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    زكي القاضي: مشاركة منتدى شباب العالم ب«قمة المستقبل» يصب في صالح برامج التدريب    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رواية أدبية يكتبها: أسامة غريب همّام وإيزابيلا (8) .. المطجّن والكوارشى.. لقاء القتلة
نشر في المصري اليوم يوم 10 - 12 - 2008

قرأ السلطان البيكيكى رسالة فرناندو الثالث ملك قشتالة وليون، التى يطلب فيها زيادة مبلغ الجزية من ألف دينار يومياً لتكون ألفين، فضلاً عن طلبه بأن يقوم البيكيكى بتوريد محصول الزيتون بأكمله إلى قشتالة بعد جمعه كل موسم، وأصدر من فوره أوامره بمضاعفة الضرائب على عوام الناس ورفع أسعار الغلال.
 كما أرسل رجاله يصادرون محصول الزيتون تلبية لأوامر الأسياد فى طليطلة، فشحّت الأرزاق وقصم الغلاء ظهر العباد وزاد عدد المتبطلين، الأمر الذى أسخط الناس فأخذوا يفرون خارج البلاد هرباً من المجاعة التى بدت فى الأفق، فغرقت المراكب ببعضهم فى البحر أثناء عبورهم مضيق جبل طارق إلى مراكش، ولم يتحرج اَخرون من اللجوء للمعسكر القشتالى والعمل لدى الإسبان.
أما المسخرة الكبرى فكانت بعروض العمل، التى وصلت إلى علماء الأندلس ومهندسيها وحكمائها وصيادلتها من «الأشقاء» بإمارات خليج البيسان، وذلك استغلالاً لظروفهم البائسة تحت حكم اَل البيكيكى، وما كان من اضطرار العلماء وأفاضل الناس للرحيل حيث كانوا يعملون هناك كالرقيق تحت رحمة الوثنيين الكفار، الذين يهون إلى جوار ظلمهم ظلم الأعداء القشتاليين. وكان البيككى يتمايل طرباً كلما عرف أن العلماء والرعايا الهاربين من جحيمه يتعرضون للضرب بالسياط على يد أصدقائه من اَل مسعود!
فى تلك الأثناء كان همام الكوارشى يقبع بسجن الأدغم ينتظر الحكم عليه بعد أن شارك المطجن البصاص جريمة قتل المغنية إيزابيلا.
 كان ملكاً متوجاً داخل السجن يعمل الجميع على تنفيذ أوامره كلها عدا الخروج، وخارج السجن قام والده الكوارشى الكبير بطرق كل الأبواب بحثاً عن سبيل لفك أسر وليده. وكانت البندرية شقيقة همام تزوره كل يوم وبصحبتها أطايب الطعام والشراب حاملة إليه أخبار المساعى المبذولة من أجله.
 كل من فى السجن كان يترقب قدوم البندرية فى زياراتها اليومية.. آمرو السجن والحراس والمساجين. كانت تدخل من بوابة السجن تخطر فى خطوتها الوقورة، فتفوح فى جنبات السجن وممراته رائحة عطورها المميزة، ومن بين القضبان كانت النظرات النهمة تتبعها مطلقة الخيالات الحبيسة للأحلام المستحيلة.
 وكان قائد سجن الأدغم يهش لها مرحّباً كلما أتت ومعها المائدة العامرة بأشهى الأصناف، التى كان همام يتناول منها القليل، والباقى يكون من نصيب القائد ورجاله.
وبناء على تعليمات البندرية التى اعتادت أن تقضى معظم النهار معه، قام همام فى صباح أحد الأيام بإرسال بعض الحراس العاملين فى خدمته يطلب استدعاء المطجن إليه فى غرفته. وكان طوال الأسابيع الماضية لا يطيق أن يسمع سيرته، وقد رفض دائماً محاولات المطجن لقائه.
فوجئ المطجن البصاص بالحارس يصطحبه للقاء همام وتساءل عن السبب. وقد غشيت شمس باحة السجن عينيه أثناء عبوره، وهوالذى لم يبصر الضوء منذ حل بسجن الأدغم. دخل المطجن البصاص إلى غرفة الكوارشى فهاله ما رأى.. أرائك مريحة وبُسط أعجمية وفراش وثير ووسائد من ريش النعام ورجال يحملون المراوح يحفون به ويتبعونه أينما تحرك، كأنما لم يفارق الرجل قصره.
 وأبصر المطجن أصناف الطعام والفاكهة فلم يستطع أن يتمالك نفسه وهجم على المائدة فى وحشية كأنه ضبع ضارٍ، فأشار همام للحراس أن يرفعوا الطعام، فما كان من المطجن إلا أن جثا على ركبتيه على الأرض يستحلف مخدومه السابق أن يُخلّى بينه وبين الطعام، لأنهم فى زنزانته لا يقدمون له سوى الحشائش التى تنبت شيطانياً فى الغابة القريبة، والتى ما إن يسد بها جوعه حتى تكاد تفتك بأحشائه كل ليلة.
 قال له همام: نتحدث أولاً ثم يأتى الطعام بعد ذلك، فأقسم المطجن أنه لم يعد يفهم ما يسمعه من فرط الجوع والهزال.. فتركه همام يشبع نهمه للطعام ثم صارحه بسبب استدعائه قائلاً: لقد غدرت بى أيها المطجن الخائن واعترفت بكل ما كان بيننا بعد أن افتضح أمرك ولوأنك لم تأت بسيرتى لربما استطعت بنفوذى أن أنقذك ، لكنك خنتنى وغلبك طبعك، وكنت قد وعدتك بالنعيم فحملتنى معك إلى جهنم. أوقف المطجن استرساله مقاطعاً: جهنم!.وأين هى جهنم هذه؟ إذا أردت أن تراها وتشم ريحها فتعال إلى القبر الذى وضعونى به.
 أنت سيد المترفين حتى فى السجن يا ابن الكوارشى. فانفعل همام فى غضب: السجن هوالسجن يا غبى، ونهايتى قد تكون الإعدام مثلك.
 فقال البصاص: الإعدام سيكون من نصيبى وحدى أما أنت فستخرج مرفوع الرأس وتعود إلى حياتك التافهة من جديد وستجد السلوى فى أحضان أليكساندرا ومارثا وميراندا وغيرهن من الجوارى الروميات، ولن تعدم من رجال الجندرمة من هم مستعدون لقتل عشيقاتك الخائنات، وستعود ضحكاتك تهز قصر البيكيكى وأنت تثمل بصحبة حسان، ثم يحملونك إلى قصرك مع بزوغ النهار.
قال همام: رغم نبرة الحقد البادية فى صوتك فقد كنت أتمنى لوأن ما تقوله صحيح، لكنى لا أضمن شيئا مما قلت ولا أريد أن أترك شيئاً للمصادفات، لهذا أريدك أن تساعدنى.
 فهتف المطجن: أساعدك؟ وهل مثلك يحتاج لمساعدتى، أتظننى لا أعرف ما يقوم به السحلاوى من أجلك؟ أتظن أخبار الشيخ عجينة الذى حشا أبوك فمه بالمال، وخطبته على المنبر الجمعة الفائتة التى دعا الله فيها أن ينصر عبده المظلوم همام بن عليش الكوارشى وأن يمحق المجرم الأثيم المطجن البصاص..أتظن الأخبار لم تصلنى؟.لقد كان المصلون يرددون وراء النذل دعاءه لك ودعاءه علىّ.
 والحراس يسعدون بتسميمى بهذا الحديث ويقتلوننى كل يوم بنقلهم أخبار والدك وبذره المال على الطريق لكل من يدعولك بالنجاة..ناهيك عن الرسائل التى تحملها لك البندرية كل صباح عما يحدث بالخارج. وهنا احتد همام وعلا صوته: لا شأن لك بالبندرية يا حيوان وإياك أن تتحدث عنها مرة ثانية.قال المطجن وقد أُخذ بانفعال همام: أنا لم أذكرها بسوء يا ابن الأكابر وأنت تعلم إجلالى لها منذ كنت أعمل فى خدمتكم. قال الكوارشى: نعم وأعلم أيضاً أنك نسيت نفسك ذات يوم وحدثتنى بطلب يدها.
قال المطجن: وأنت رفضت وانتهى الأمر. قال همام: كان لا بد أن أعرف أن مجرماً مثلك يضمر الشر لنا ولا يبغى بنا خيراً. قال البصاص: دعك من ترهاتك وأخبرنى ماذا تريد؟ قال: أريدك أن تسحب اعترافك بشأنى وتقول إننى لم أحرضك على قتل إيزابيلا.
 قال البصاص: وماذا يكون سبب قتلى إياها يا عبقرى..هل كنت أشاركها الغرام بك فقتلتها لأفوز بحبك؟. فصاح الكوارشى: تحشّم يا سافل وتذكر إلى من تتحدث.. أنا همام بن عليش الكوارشى سيد أشبيلية كلها، هل ظننت يا بصاص الشوم أننى لا أعرف أخبارك فى محبسك القذر ولا قصة الكنز التى تسوقها للحراس؟ إنهم قد خففوا عنك التعذيب قليلاً، طمعاً فى المال لكنهم سيفتكون بك بعد أن تعجز عن إيصالهم لكنزك المزعوم.
قال المطجن: يمكننى أن أغيّر أقوالى لصالحك وأبرئك من التهمة فى حالة واحدة. فأمسك همام أنفاسه.. واستطرد المطجن: لكنى أريدك منك أمرين: بعض المال الذى يسهل حياتى بالسجن، ووعداً إذا ما كتبت النجاة لكلينا أن تزوجنى بأختك البندرية!. جز الكوارشى على أسنانه قبل أن يصرخ فى الحرس: خذوه من أمامى واسحلوه على الأرض من هنا حتى محبسه.
كانت الدماء تنبثق من المطجن والحرس يسحلونه، بينما ضحكاته تتعالى من فمه الخالى من الأسنان وهو يردد: سآخذك معى إلى الجحيم يا ابن الأكابر..هاهاهاهاهاهاهاهاها!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.