مجلس أمناء الحوار الوطني يتابع تنفيذ الحكومة الجديدة لتوصياته    مدرب البنك الأهلي: لن أخوض مباراة زد قبل مواجهة سموحة    بسمة وهبة تتنقد تقصير شركة شحن تأخرت في إرسال أشعة ابنها لطبيبه بألمانيا    برواتب تصل ل11 ألف.. 34 صورة ترصد 3162 فُرصة عمل جديدة ب12 محافظة    ملفات شائكة يطالب السياسيون بسرعة إنجازها ضمن مخرجات الحوار الوطني    بنها الأهلية تعلن نتيجة المرحلة الأولى للتقديم المبكر للالتحاق بالكليات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الإثنين 1 يوليو 2024    13 فئة لها دعم نقدي من الحكومة ..تعرف على التفاصيل    برلماني يُطالب بإعادة النظر في قانون سوق رأس المال    مع بداية يوليو 2024.. سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم    التطبيق من 6:00 الصبح .. المواعيد الجديدة ل غلق وفتح المطاعم والكافيهات ب القليوبية    اتحاد العمال المصريين في إيطاليا يكرم منتخب الجالية المصرية في موندياليتو روما 2024    4 جنيهات ارتفاعًا في سعر جبنة لافاش كيري بالأسواق    رئيس هيئة نظافة وتجميل القاهرة يبحث مع العاملين مستوى النظافة بالعاصمة    بدء محادثات الأمم المتحدة المغلقة بشأن أفغانستان بمشاركة طالبان    الرئيس الكيني يدافع عن تعامله مع الاحتجاجات الدموية في بلاده    رودرى أفضل لاعب فى مباراة إسبانيا ضد جورجيا فى يورو 2024    زيلينسكي يحث داعمي بلاده الغربيين على منح أوكرانيا الحرية لضرب روسيا    انتخابات بريطانيا 2024.. كيف سيعيد ستارمر التفاؤل للبلاد؟    بحضور 6 أساقفة.. سيامة 3 رهبان جدد لدير الشهيد مار مينا بمريوط    يورو 2024 – برونو فيرنانديز: الأمور ستختلف في الأدوار الإقصائية    رابطة الأندية تقرر استكمال مباراة سموحة ضد بيراميدز بنفس ظروفها    موعد مباراة إسبانيا وألمانيا في ربع نهائي يورو 2024    عاجل.. زيزو يكشف كواليس عرض بورتو البرتغالي    بسيوني حكما لمباراة طلائع الجيش ضد الأهلي    بسبب محمد الحنفي.. المقاولون ينوي التصعيد ضد اتحاد الكرة    من هي ملكة الجمال التي أثارت الجدل في يورو 2024؟ (35 صورة)    امتحانات الثانوية العامة.. 42 صفحة لأقوى مراجعة لمادة اللغة الانجليزية (صور)    حرب شوارع على "علبة عصير".. ليلة مقتل "أبو سليم" بسبب بنات عمه في المناشي    مصرع 10 أشخاص وإصابة 22 فى تصادم ميكروباصين بطريق وادى تال أبو زنيمة    صور.. ضبط 2.3 طن دقيق مدعم مهربة للسوق السوداء في الفيوم    إصابة 4 أشخاص جراء خروج قطار عن القضبان بالإسماعيلية    شديد الحرارة والعظمى في العاصمة 37.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم    بالصور والأرقام | خبير: امتحان الفيزياء 2024 من أسئلة امتحانات الأعوام السابقة    التحفظ على قائد سيارة صدم 5 أشخاص على الدائري بالهرم    تحالف الأحزاب المصرية: كلنا خلف الرئيس السيسي.. وثورة 30 يونيو بداية لانطلاقة نحو الجمهورية الجديدة    بالصور.. أحدث ظهور للإعلامي توفيق عكاشة وزوجته حياة الدرديري    ربنا أعطى للمصريين فرصة.. عمرو أديب عن 30 يونيو: هدفها بناء الإنسان والتنمية في مصر    عمرو أديب في ذكرى 30 يونيو: لولا تدخل الرئيس السيسي كان زمنا لاجئين    «ملوك الشهر».. 5 أبراج محظوظة في يوليو 2024 (تعرف عليهم)    محمد الباز يقدم " الحياة اليوم "بداية من الأربعاء القادم    في أول أعمال ألبومه الجديد.. أحمد بتشان يطرح «مش سوا» | فيديو    مدير دار إقامة كبار الفنانين ينفي انتقال عواطف حلمي للإقامة بالدار    من هنا جاءت فكرة صناعة سجادة الصلاة.. عالم أزهرى يوضح بقناة الناس    تعاون بين الصحة العالمية واليابان لدعم علاج مصابي غزة بالمستشفيات المصرية    علاج ضربة الشمس، وأسبابها وأعراضها وطرق الوقاية منها    ذكرى رأس السنة الهجرية 1446ه.. تعرف على ترتيب الأشهر    تيديسكو مدرب بلجيكا: سنقدم ما بوسعنا أمام فرنسا    وزير الري: الزيادة السكانية وتغير المناخ أبرز التحديات أمام قطاع المياه بمصر    رئيس الوزراء: توقيع 29 اتفاقية مع الجانب الأوروبي بقيمة 49 مليار يورو    أمين الفتوى: التحايل على التأمين الصحي حرام وأكل مال بالباطل    هل تعاني من عاصفة الغدة الدرقية؟.. أسباب واعراض المرض    فيديو.. حكم نزول دم بعد انتهاء الحيض؟.. عضو بالعالمى للفتوى تجيب    اعرف الإجازات الرسمية خلال شهر يوليو 2024    جامعة القاهرة تهنئ الرئيس والشعب المصري بثورة 30 يونيو    أبوالغيط يبحث مع وزير خارجية الصومال الأوضاع في بلاده    محافظ الإسكندرية يطلق حملة "من بدري أمان" للكشف المبكر وعلاج الأورام السرطانية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أسامة الغزالى حرب يكتب: نعم‏ لدينا‏ سياسات‏ بديلة
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 11 - 2008

إحدى‏ المقولات‏ التى‏ ترددت‏ مؤخرا‏ على‏ لسان‏ قادة‏ الحزب‏ الوطنى‏ فى‏ مؤتمره‏ الأخير‏ هى‏ أن‏ المعارضة‏ تعارض‏ فقط‏، «‏ولكنها‏ لا‏ تقدم‏ سياسات‏ بديلة‏ محددة‏» واشترك‏ فى‏ ترديد‏ هذه‏ المقولة‏، بصياغات‏ مختلفة،‏ قادة‏ الحزب‏ القدامى‏ والجدد‏.
 ‏حسنا‏! من‏ المفترض‏ فعلا‏ أن‏ أحزاب‏ المعارضة‏ فى‏ البلاد‏ الديمقراطية‏ تكون‏ لها‏ سياساتها‏ العامة‏ البديلة‏، وبرامجها‏ المفصلة‏، التى‏ تكون‏ على‏ استعداد‏ لتطبيقها‏ لحظة‏ توليها‏ الحكم‏، بل‏ غالبا‏ ما‏ يكون‏ لديها‏ أيضا‏ «‏حكومة‏ ظل‏» تشمل‏ أسماء‏ الشخصيات‏ القيادية‏ من‏ الحزب‏ المرشحة‏ لتولى‏ المناصب‏ الوزارية‏ والرئيسية‏ فى‏ الدولة‏.
 ‏ولذلك‏ فإن من‏ حق‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏، ومن‏ حق‏ الرأى‏ العام‏ كله‏ أن‏ يتساءل‏ فعلا‏ عن‏ السياسات‏ البديلة‏ التى‏ تطرحها‏ الأحزاب‏ السياسية‏ الأخرى‏. غير‏ أننى‏ -‏قبل‏ أن‏ أعرض‏ للحديث‏ عن‏ تلك‏ السياسات‏ البديلة‏- أود‏ أن‏ أطرح‏ بعض‏ الملاحظات‏، فهذا‏ التوجه‏ المتناسق‏ من‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏ مؤخرا‏ يعكس‏ -‏أولاً‏- إحساسا‏ مثيرا‏ للدهشة‏ بأن‏ السياسات‏ العامة‏ الحالية‏ للحزب‏ هى‏ إنجاز‏ كبير‏، وأنه‏ ليس‏ بالإمكان‏ أبدع‏ مما‏ كان‏! مع‏ أن‏ إخفاق‏ هذه‏ السياسات‏ هو‏ حقيقة‏ يلمسها‏ ويعيشها‏ الغالبية‏ الساحقة‏ من‏ المواطنين‏ المصريين‏: فى‏ المدارس‏ والجامعات‏ والمستشفيات‏ .. فى‏ المساكن‏ والطرقات‏، فى‏ داخل‏ مصر‏ وخارجها‏!
‏والملاحظة‏ الثانية‏، أنه‏ مع‏ ضرورة‏ أن‏ يكون‏ لدى‏ المعارضة‏ سياساتها‏ ورؤاها‏ البديلة‏، فإن‏ وظيفتها‏ الأساسية‏ تظل‏ -‏طالما‏ هى‏ خارج‏ الحكم‏- أن‏ تراقب‏ أعمال‏ الحكومة‏، وتكشف‏ نواحى‏ نقصها‏ وقصورها‏! -‏ثالثا‏- أنه يفترض من‏ الأحزاب‏ السياسية‏ جميعها‏ (‏سواء‏ كانت‏ معارضة‏ أو‏ حاكمة‏) أن‏ تسهم‏ بفعالية‏ -‏وبشكل‏ متكافئ‏!- فى‏ العملية‏ السياسية‏ فى‏ المجتمع‏، وأن‏ تتيح‏ المشاركة‏ السياسية‏ للمواطن‏، وأن‏ تكون‏ مدارس‏ للتربية‏ السياسية‏ والتثقيف‏ السياسى‏ للمواطنين، وكذلك‏ لتربية‏ الكوادر‏ والقيادات‏ السياسية‏.
فهل‏ أثار‏ أحد‏ من‏ الحزب‏ الوطنى‏ الدور‏ المقارن‏ الذى‏ تلعبه‏ الأحزاب‏ المصرية‏ فى‏ هذا‏ المجال؟‏ وهل‏ يقوم‏ الحزب‏ الوطنى‏ -‏مثلا‏- بتلك‏ الوظائف‏ على‏ نحو‏ بناء‏ ويخدم‏ التطور‏ السياسى‏ والديمقراطى‏ فى‏ مصر؟‏! إننى‏ أطرح‏ هنا‏ -‏بالمناسبة‏- هذا‏ السؤال‏، وأتمنى‏ أن‏ أسمع‏ إجابة‏ عنه‏!
‏الملحوظة‏ الرابعة‏، أن‏ قدرة‏ أحزاب‏ المعارضة‏ على‏ تقديم‏ «‏سياسات‏ بديلة‏» ترتبط‏ بتوافر‏ العقول‏ والخبرات‏ المتميزة‏ فى‏ المجالات‏ المختلفة‏ لديها‏، بل‏ وكذلك‏ قدرتها‏ على‏ جذب‏ تلك‏ العقول‏ والخبرات،‏ وأعتقد‏ أن‏ أحزاب‏ المعارضة‏ تمتلك‏ بالفعل‏ من‏ العقول‏ والخبرات‏ المصرية‏، ما‏ يمكنها‏ من‏ وضع‏ سياسات‏ بديلة‏ متميزة‏، بل‏ وأن‏ تجتذب‏ إليها‏ من‏ تستفيد‏ من‏ خبراتهم‏ من‏ العناصر‏ المستقلة‏.
والواقع‏، أن‏ النظام‏ السياسى‏ المصرى‏ فى‏ عقوده‏ الخمسة‏ الأخيرة‏ .. أفلح‏ فى‏ استبعاد‏ وتهميش‏ العديد‏ من‏ العقول‏ والخبرات‏ المصرية‏ فى‏ مجالات‏ الاقتصاد‏ والعلوم‏ الاجتماعية‏ والطب‏ والهندسة‏ والعلوم‏ الطبيعية‏ لأسباب‏ كثيرة‏ لا‏ محل‏ للإفاضة‏ فيها‏ هنا‏، وبالتالى‏ حرم‏ الشعب‏ المصرى‏ من‏ أفكار‏ وإسهامات‏ العديدين‏ من‏ أبنائه‏ النوابغ‏ الذين‏ اختاروا‏ الهجرة‏ للخارج‏ أو‏ العزلة‏ بالداخل‏!‏
وأخيرا‏ً.. علينا‏ أن‏ نلاحظ‏ أن‏ قادة‏ الحزب‏ الوطنى‏ عندما‏ هاجموا‏ «‏المعارضة‏» وافتقادها‏ لسياسات‏ بديلة‏، إنما‏ كان‏ واضحا‏ أنهم‏ يقصدون‏ كل‏ من‏ يعارض‏ الحزب‏ الوطنى‏، ويعبر‏ علنا‏ عن‏ تلك‏ المعارضة‏، وهو‏ ما‏ يشمل‏ ليس‏ فقط‏ الأحزاب‏ السياسية‏ «‏الشرعية‏»، وإنما‏ أيضا‏ القوى‏ والحركات‏ السياسية الأخرى‏ ومنظمات‏ المجتمع‏ المدنى‏ والصحف‏ المستقلة‏ والشخصيات‏ العامة‏ .. وبداهة‏، فإن المطلوب‏ منهم‏ أن‏ يقدموا‏ السياسات‏ العامة‏ البديلة‏ هم‏ فقط‏ الأحزاب‏ السياسية‏، التى‏ كانت‏ -‏فى‏ الواقع‏- الأقل‏ قسوة‏ فى‏ نقدها‏ للحكومة‏ ولسياساتها‏ ورموزها‏!‏
فإذا‏ عدنا‏ إلى‏ سؤال‏ قادة‏ الحزب‏ الوطنى‏ هل‏ تملك‏ أحزاب‏ المعارضة‏ سياسات‏ بديلة‏ (‏إيجابية‏) تتجاوز‏ النقد‏ (‏السلبى‏) لسياسات‏ الحكومة؟‏! أقول‏ على‏ الفور‏ نعم‏ تمتلك‏! فهناك‏ ابتداء‏ برامج‏ هذه‏ الأحزاب‏ التى‏ تتضمن‏ -‏بداهة‏- رؤيتها‏ للمشاكل‏ الأساسية‏ ولسياسات‏ المناهج‏ الكفيلة‏ كلها‏.
 ‏وفيما‏ يتعلق‏ بحزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ -‏تحديدا‏- فإن‏ برنامجه‏ المعلن‏ (‏فى‏ حوالى‏ 160 صفحة‏) يتضمن‏ -‏بالإضافة‏ إلى‏ مبادئ‏ وأهداف‏ الحزب‏- سياسات‏ بديلة‏ تتعلق‏ بكل‏ من‏: السياسة‏ الداخلية، والاقتصاد‏، والتعليم‏ والبحث‏ العلمى، والصحة‏ والإسكان‏ والثقافة‏ والصحافة‏ والإعلام‏ والبيئة‏ والرياضة‏ والأمن‏ القومى‏ والسياسة‏ الخارجية‏، فضلا‏ عن‏ ملاحق‏ إضافية‏ عن‏ الإصلاح‏ الدستورى‏، وإحياء‏ مشروع‏ توشكى‏، ومواجهة‏ المشكلات‏ الصحية‏ الخطيرة‏ والعاجلة‏ فى‏ مصر‏ ورعاية‏ ذوى‏ الاحتياجات‏ الخاصة‏.
‏والتربية‏ المدنية‏ للمواطن‏ المصرى‏، وأخيراً‏ رؤية‏ خاصة‏ عن‏ السياسة‏ المصرية‏ تجاه‏ السودان‏! وسوف‏ أكون‏ سعيدا‏ للغاية‏ لو‏ علمت‏ أن‏ أحدا‏ من‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏ اهتم‏ بالاطلاع‏ على‏ هذا‏ البرنامج‏ والتعليق‏ عليه‏!
وفى‏ نوفمبر‏ من‏ العام‏ الماضى‏ 2007 أصدر‏ حزب‏ الجبهة‏ تقييما‏ موضوعيا‏ شاملا‏ لما‏ تحقق‏ وما‏ لم‏ يتحقق‏ من‏ برنامج‏ الرئيس‏ مبارك‏ الانتخابى‏ الذى‏ أعلنه‏ عام‏ 2005 أعده أحد القيادات البارزة وطبع‏ منه‏ ألفا‏ نسخة‏ وزعت‏ على‏ قيادات‏ الحزب‏ الوطنى‏، وعلى‏ كافة‏ الشخصيات‏ العامة تتزامن‏ مع‏ المؤتمر‏ العام‏ الرابع‏ للحزب‏ فى‏ 2007 ولم‏ يلتفت‏ أحد‏ من‏ الحزب‏ الوطنى‏ على‏ الإطلاق‏ لهذا‏ الجهد‏ العلمى‏ المتميز‏!
‏وبداهة‏، فإن‏ رد‏ الفعل‏ هذا‏ جعلنا‏ نحجم‏ عن‏ تكرار‏ التجربة‏ ونتشكك‏ تماما‏ فى‏ أى‏ توجه‏ من‏ الحزب‏ الحاكم‏ للتفاعل‏ الجاد‏ مع‏ المعارضة‏ الموضوعية‏!. ومازالت‏ لدينا‏ نسخ‏ من‏ هذا‏ التقرير‏ على‏ استعداد‏ لإرسالها‏ لمن‏ يهمه‏ الأمر‏!
وفى‏ هذا‏ العام‏ وتحديدا‏ فى‏ 15 أبريل‏ -‏أى‏ بعد‏ الانتخابات‏ العامة‏ العادية‏ الأولى‏ للحزب‏ فى‏ 29 مارس‏ 2008 بخمسة‏ عشر‏ يوما‏ فقط-‏ عقد‏ الحزب‏ ندوة‏ عن‏ «‏الاقتصاد‏ المصرى‏ فى‏ مواجهة‏ التحديات‏»، شارك‏ فيها‏ -‏إلى‏ جانب‏ د‏. سلوى‏ سليمان‏ «‏أستاذة‏ الاقتصاد‏ بجامعة‏ القاهرة‏ وعضو‏ المكتب‏ التنفيذى‏ للحزب‏» كل‏ من‏ د‏. أحمد‏ جلال‏، وعبدالخالق‏ فاروق‏، ود‏. محمد‏ السيد‏ سعيد‏، ود‏. محمد‏ عبدالسلام‏، ومحمود‏ عبدالعزيز‏، ود‏. هبة‏ حندوسة‏، ووزعت‏ أعمال‏ ومناقشات‏ تلك‏ الندوة‏ على‏ كل‏ من‏ يهمه‏ الأمر‏ فى‏ الحزب‏ والحكومة‏!
‏وإذا‏ تركنا‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ وتلفتنا‏ إلى‏ ما‏ يجرى‏ على‏ الساحة‏ العامة‏ فى‏ مصر‏، فقد‏ كان‏ آخر‏ الجهود‏ فى‏ ذلك‏ الشأن‏ المؤتمر‏ الذى‏ عقده‏ مجموعة‏ من‏ الشخصيات‏ العامة‏ فى‏ مصر‏ والتى‏ ينشط‏ معظمها‏ فى‏ حركات‏ احتجاجية‏ (‏مثل‏ كفاية‏ و‏9 مارس‏ ... إلخ‏) فى‏ نقابة‏ الصحفيين‏ يوم‏ السبت‏ الماضى‏، ثم‏ فى‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ يومى‏ الأحد‏ والإثنين‏ 9 و‏10 نوفمبر‏ تحت‏ عنوان‏ «‏نحو‏ سياسات‏ بديلة‏»
 ‏وناقش‏ المؤتمرون‏ سياسات‏ عامة‏ بديلة‏ مقترحة‏ لسياسات‏ الحزب‏ الوطنى‏ فى‏ مجالات‏: التعليم‏ والتشغيل‏ والفقر‏ والعدالة‏ الاجتماعية‏، والاستثمار‏ والخصخصة‏ والصناعة‏، وفى‏ مجالات‏ المواطنة‏ والديمقراطية‏، والسياسة‏ الصحية‏، وسياسة‏ الإسكان‏ والمرافق‏، والسياسة‏ الزراعية‏.. شارك‏ فيها‏ جميعا‏ بعض‏ من‏ أفضل‏ عقول‏ مصر‏ على‏ الإطلاق‏ فى‏ كل‏ المجالات‏!
‏والمثير أن‏ هذا‏ المؤتمر المهم‏،‏ وما‏ طرحه‏ من‏ سياسات‏ وأفكار‏، لم‏ يحظ إلا‏ بالقدر‏ اليسير‏ من‏ التغطية‏ الإعلامية‏ فى‏ بعض‏ الصحف‏ المستقلة‏! أما‏ الصحف‏ «‏القومية‏» (!) على‏ ما‏ أعلم‏ فلم‏ تنشر‏ عنه‏ شيئا‏ على‏ الإطلاق‏.‏
على‏ أى‏ حال‏، لست‏ هنا‏ فى‏ معرض‏ استعراض‏ ما‏ تقدمه‏ الأحزاب‏ المصرية‏، والقوى‏ والحركات‏ السياسية‏ المصرية‏ من‏ سياسات‏ بديلة‏ لسياسات‏ الحزب‏ الوطنى‏ الراهنة‏، ولكن‏ ما‏ يستحق‏ التأكيد‏ عليه‏ هو‏ أن‏ تلك‏ الأحزاب‏، استنادا‏ إلى‏ خلفياتها‏ الأيديولوجية‏ الفكرية‏ المختلفة‏ إنما‏ يسهم‏ كل‏ منها‏ فى‏ تسليط‏ الضوء‏ على‏ جانب‏ أو‏ آخر‏ من‏ القضايا‏ العامة‏، وبالتالى‏ فإن‏ قيامها‏ من‏ مواقع‏ مختلفة‏ بنقد‏ السياسات‏ العامة‏ يسهم‏ بلا شك‏ فى‏ إعادة‏ التوازن‏ لتلك‏ السياسات‏ وتلافى‏ أوجه‏ القصور‏ فيها‏ وبدون‏ الحاجة‏ إلى‏ تقديم‏ بديل‏ كامل‏!
وعلى‏ سبيل‏ المثال‏ فإن‏ تركيز‏ حزب‏ معين على‏ فكرة‏ الحق‏ فى‏ السكن‏ للمواطن‏ من‏ خلال‏ إلقاء‏ الضوء‏ على التوسع السرطانى‏ فى‏ العشوائيات‏، يختلف‏ عن‏ تركيز‏ حزب‏ آخر‏ على‏ البعد‏ الاجتماعى‏ الواجب‏ مراعاته‏ عن‏ مواجهة‏ مشكلة‏ الإسكان‏، أو‏ عن‏ تركيز‏ حزب‏ ثالث‏ على‏ ضرورة‏ إتاحة‏ الفرصة‏ للمواطن‏ العادى‏ لبناء‏ مسكنه‏ بطريقة‏ اقتصادية‏ سليمة‏ من‏ خلال‏ قروض‏ ميسرة وشروط‏ سهلة‏ ... إلخ‏.
‏وبعبارة‏ أخرى‏ فإن‏ تلك‏ التوجهات‏ المختلفة‏ للأحزاب‏ السياسية‏ تسهم‏ -‏بشكل‏ غير‏ مباشر‏- فى‏ ترشيد‏ وتقويم‏ السياسات‏ التى‏ يطرحها‏ الحزب‏ الحاكم‏.‏
غير‏ أنه‏ -‏ بدون‏ أى‏ محاولة‏ لتقديم‏ المبرر‏ لتقاعس‏ أحزاب‏ سياسية‏ عن‏ القيام‏ بدورها‏- لابد‏ أن‏ نأخذ‏ فى‏ الاعتبار‏ -‏مرة‏ أخرى‏- الظروف‏ غير‏ المواتية‏ التى‏ تعمل‏ فيها‏ أحزاب‏ المعارضة‏ فى‏ مصر‏، والتى‏ تعوقها‏ دون‏ أداء‏ وظائفها‏ المفترض‏ قيامها‏ بها‏، ومن‏ بينها‏ اقتراح‏ السياسات‏ العامة‏ البديلة‏.
‏وربما‏ يكفى‏ هنا‏ أن‏ نعيد‏ التذكير‏ بحقيقتين‏ أولاهما‏: التدخل‏ المباشر‏ وغير‏ المباشر‏ من‏ بعض‏ أجهزة‏ الدولة‏ فى‏ شؤون‏ الأحزاب،‏ وزرع‏ أشخاص‏ بعينهم‏ أو‏ تشجيعهم‏، أو‏ على‏ الأقل‏ السكوت‏ عن‏ أعمالهم‏، لتخريب‏ الأحزاب‏ من‏ الداخل‏! والممارسات‏ فى‏ هذا‏ المجال‏ واضحة‏ كالشمس‏، وليست‏ أحداث‏ «‏حزب‏ الغد‏» الأخيرة‏، إلا‏ آخر‏ الأمثلة‏!
‏وفى‏ هذا‏ المناخ‏ فإن‏ قدرة‏ الحزب‏ على‏ تقديم‏ سياسات‏ عامة‏ بديلة‏ تكاد‏ تقترب‏ من‏ الصفر‏، فى‏ وقت‏ ينشغل فيه بقضية وجوده‏ على‏ قيد‏ الحياة‏ أصلا‏!‏
الحقيقة‏ الثانية‏ هى‏ المعالجة‏ الإعلامية‏ الحكومية،‏ المنهجية‏ والمنظمة،‏ والرامية‏ دوما‏ إلى‏ تجاهل‏ أى‏ نشاط‏ بناء‏ للأحزاب‏ المعارضة‏، وتضخيم‏ مشاكلها‏.
 ‏وعلى‏ سبيل‏ المثال‏، فإن‏ المؤتمر‏ السابق‏ الإشارة‏ إليه‏ عن‏ السياسات‏ البديلة‏ والذى‏ عقد‏ بمقر‏ حزب‏ الجبهة‏ الديمقراطية‏ يومى‏ 9 و 10 نوفمبر‏ الماضيين‏ لم‏ يجد‏ أى‏ تغطية‏ إعلامية‏ من‏ الصحف‏ الحكومية‏ على‏ الإطلاق‏، فى‏ حين‏ حظى‏ نبأ‏ استقالة‏ أحد‏ القيادات بأمانة‏ حزب‏ الجبهة‏ بالقاهرة‏ بالنشر‏ الفورى‏ فى‏ صفحة‏ الدولة‏ بجريدة‏ الأهرام‏!
هذا‏ النهج‏ جعل‏ المواطن‏ المصرى‏ لا‏ يطالع‏ فى‏ الصحف‏ إلا‏ الأخبار‏ السلبية‏ والمحبطة‏ عن‏ الأحزاب‏ من‏ انشقاقات‏، واستقالات‏، وخلافات‏ .. ويواكبها‏ زرع‏ لمقولة‏ يتم‏ الإلحاح‏ عليها‏ صباحا‏ ومساء‏، وهى‏ أن‏ الأحزاب‏ ضعيفة‏ ولا‏ أمل‏ فيها‏!
 ‏وفى‏ واقع‏ الأمر‏ فإن‏ أى‏ نظام‏ مستبد‏ غير‏ ديمقراطى‏، لا‏ يحلم‏ بأكثر‏ من‏ هذا‏، أى‏ أن‏ يؤمن‏ الشعب‏ أنه‏ لا‏ أمل‏ فى‏ الأحزاب‏ السياسية‏! لأن‏ ذلك‏ معناه‏ - فقط‏ - أنه‏ لا‏ جدوى‏ ولا‏ أى‏ أمل‏ فى‏ ديمقراطية‏ ولا‏ يحزنون‏! أما‏ بقية‏ الإجابة‏ عن‏ السؤال‏: هل‏ هناك‏ سياسات‏ بديلة‏ لسياسات‏ الحزب‏ الحاكم؟‏ فهى‏ فى‏ المقال‏ القادم‏ بإذن‏ الله‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.