الردح سهل وقاموس الشتائم يحفظه أى بلطجى على قارعة الطريق، ولكن المناقشة العقلية والجدل العلمى عمل صعب ومجهد لا يستطيعه إلا مجتهد جاد، وعندما يصف رجل دين أزهرى رجلاً تجاوز التسعين بأنه سيئ الأدب وفكره فكر مراحيض، فنحن قد دخلنا مجال ردح الأزقة وخناقات الحوارى، وعندما هدد هذا الشيخ الأزهرى الفاضل المؤدب بذبح من وصفه بسوء الأدب والفكر المراحيضى فنحن أمام بلطجة قطاع طرق ولسنا أمام حوار فقهى من شيخ المفروض فيه عفة اللسان وسعة الصدر والكلام بالحسنى والتأسى بأخلاق النبى، عليه الصلاة والسلام. الشيخ الأزهرى المؤدب هو خالد الجندى، وقد وصف جمال البنا بهذا الوصف الذى ينتمى إلى قاموس الصرف الصحى، استغل خالد الجندى قناته لعمل استفتاء حول استضافة جمال البنا فى فضائيته الأزهرية، وهذه الاستضافة لم يطلبها الأستاذ البنا أصلاً ولم يسع إليها، أى أن الاستفتاء هو جر شكل ليس إلا، ثم جاء حواره مع موقع "اليوم السابع" ليضع رتوش لوحة الشجار المفتعل والردح من طرف واحد ليتطاول فيه الشيخ الفاضل خالد الجندى على جمال البنا ويصفه بأنه سيئ الأدب ويصف فكره بأنه فكر مراحيض!!، والجندى كان قد هدد البنا من قبل فى برنامج "البيت بيتك" وقال لو كان البنا أزهرياً لذبحته وكأننا فى مشاجرة أمام السلخانة، وسبب تطاول الجندى على البنا بالذات دونًا عن كل مخالفيه فى الرأى، أن البنا- وهذا من واقع معرفتى الشخصية به عن قرب- رجل عف اللسان وفى غاية الأدب، خفيض الصوت، لا يعرف من قاموس الشتائم أى لفظ جارح، ولذلك يتجرأ عليه المؤلفة جيوبهم وأنصاف الأميين وأشباه الفقها من أكلة الفتة، ويستغل معدو البرامج أدب الأستاذ البنا ودماثة خلقه، عند استضافته، فى مناظرات ينصحون فيها المنافس بأن يتهجم ويسب ولا يهمه ويطمئنونه بأن الرجل صوته هامس لا يصد هجوماً، وكان آخر برنامج تم فيه هذا التطاول هو برنامج "الكمين" الذى شتم فيه نائب رئيس تحرير "عقيدتى" جمال البنا ووصفه بالجاهل فلم يستطع الرجل الرد إلا بمجرد الانسحاب من البرنامج. يكفى جمال البنا أنه، حتى الآن، رجل متوسط الحال يسكن فى حى شعبى ويصرف على كتبه من ميراث أخته ولا يسكن فى قصر المهندسين بميدان لبنان أو شاليه بالساحل الشمالى، شقته فى بيت قديم بالإيجار تسكنه الكتب وتزحف على جدرانه وأرضياته المراجع والمجلدات حتى المطبخ، لا يقتنى سيارة حتى الآن ولا يستطيع شراء حتى دركسيون من إحدى سيارات المرسيدس المضمخة برائحة سيدة بوابة ماسبيرو مجنونة الدعاة، لم يقتن محمولًا إلا منذ شهور، لم يجمع ثروة من أميرات السعودية أو زواجات عرفية أو عمرات سبع نجوم، لا يلبس ساعة رولكس ذات رائحة وهابية أو نكهة نسوية، لا يمتلك أى علاقة مع لواءات مباحث أمن الدولة، كل جريمته أنه يمتلك مشروعاً فكرياً لتجديد الفقه وتنقيح السنة مما سيفقد المؤلفة جيوبهم السبوبة التى يتربحون منها ليصبحوا مليارديرات زمن البترودولار. عيب يا شيخ خالد يا رجل يا فاضل يا صاحب قناة "أزهرى".