خرج د. عبدالرحيم شحاتة، محافظ القاهرة السابق، وزير الإدارة المحلية السابق، من الظل الذى يعيش فيه ليهاجم الحكومة السابقة التى كان يترأسها د. عاطف عبيد. ولا يهمنى إذا كان شحاتة يهاجم أو يمدح، إلا من زاوية أن ارتدى ثوب الشجاعة بعد الأوان. فقد نشرت «المصرى اليوم» منذ أيام قليلة لرجل الإدارة المحلية المخضرم تصريحات يهاجم فيها حكومة عبيد، التى كان هو نفسه عضواً فيها. يقول شحاتة إن حكومة عبيد رفضت بشدة نقل مصانع الأسمنت من جنوبالقاهرة إلى شرقها بالقرب من محافظة السويس. واتهم المحافظ والوزير الشجاع، أصحاب رؤوس الأموال بأنهم وراء رفض الحكومة هذه الخطوة الجبارة، التى كانت ستنقذ أطفال حلوان والمعادى من الأمراض الصدرية. قال - لا فض فوه -: لقد عرضت على أصحاب المصانع بناء مصانع جديدة على أحدث صيحة فى شرق القاهرة لتكون بديلا عن مصانعهم الحالية، خاصة أن المادة الحجرية التى تدخل فى صناعة الأسمنت، الموجودة فى السويس أفضل من مثيلتها فى حلوان، لكن اقتراحى تم رفضه. وقال إن معظم أطفال جنوبالقاهرة مصابون بأمراض الربو والرئة المتحجرة. وأضاف أن مصانع الأسمنت تقع على مساحة ثلاثة آلاف فدان من أملاك محافظة القاهرة، كان يمكن استغلالها سياحياً وسكانياً بعد نقل مصانع الأسمنت. وكشف سيادته عن أن الفلاتر التى تستخدمها مصانع الأسمنت حاليا ليست لها فائدة، فهى لا تمنع الضرر الذى يقع على سكان المنطقة، وأن جنوب العاصمة يتحول إلى ضباب من الأتربة وغبار الأسمنت بعد غروب الشمس. لقد خرج شحاتة من مكمنه الذى يعيش فيه، وابتلع حبوب الشجاعة وخرج ليقول كلاماً، يجب أن يحاسب هو نفسه عليه. فالسيد المسؤول عن الإدارة المحلية فترة طويلة، فشل فى تنفيذ سياسات أو لنسمها تصورات أو اجتهادات، لأن السادة أصحاب رأس المال الذين خصخصوا البلد والذين يسيطرون على البورصة - حسب كلامه - رفضوا توجهات سيادته! إذن ماذا نسمى مسؤولا لا يستطيع تنفيذ سياساته؟! ونسأله: لماذا سكت، ولماذا لم تستقل، وإذا كنت خائفاً على الكرسى وقتها، فما الذى جعلك تتكلم الآن؟! لقد مكث شحاتة محافظاً للقاهرة مدة طويلة، فكان ذلك من سوء حظ القاهرة، فقد ازدادت الأحوال فيها سوءاً، تفاقمت مشكلة المواصلات، ندرت الشقق، اختفت المقابر، زادت العشوائيات تدهوراً.. إلخ. وقد ترك سيادته القاهرة تئن من مشاكلها بعد أن مارس فيها كل أنواع التجريب، وكانت هناك شلة من التنفيذيين والمجالس المحلية تحيط به، يمكنها أن توجه سياسات سيادته، وكذلك لم يكن يجرؤ على أن يعارض عاطف عبيد، رئيس الوزراء، الذى أمره بأن يجرّف أرض مركز شباب الجزيرة لصالح أحد رجال الأعمال العرب - من أصحاب رؤوس الأموال الذين يشكو منهم الدكتور شحاتة - ووقتها صمم الرجل الشجاع على موقفه وجرف الأرض بالفعل، ولولا تصدى مجموعة من السيدات الفضليات من الزمالك ممن يعملن فى مجال الجمعيات الأهلية، لما كان هناك مركز شباب الجزيرة، الذى اقتطع الرئيس جمال عبدالناصر مساحته من نادى الجزيرة، حتى يكون هناك ناد لأولاد الشعب، مثلهم مثل نادى أولاد الذوات. لقد كان شحاتة وراء مأساة شركات النظافة الأجنبية، التى تركها فى مشاكل مع المحافظة لولا صبر المحافظ الحالى د. عبدالعظيم وزير وخبرته القانونية والسياسية التى جعلته يسيطر على مجريات الأمور مع هذه الشركات، لكى تمارس نشاطها فى نظافة العاصمة بما تستحقه القاهرة أكبر عواصم أفريقيا والشرق الأوسط. لا أعرف لماذا سكت د. شحاتة ولم يبادر بإنقاذ صحة أطفال المعادى وحلوان من تراب الأسمنت والأمراض الفتاكة، كيف طاوعه ضميره وانصاع لإرادة رأس المال، كيف يقبل على نفسه، وهو وزير ومحافظ مصرى عينه الرئيس مبارك، أن يبلع قراراته أو سياساته ولا يستطيع تنفيذها بحجة أن حكومة عبيد اعترضت.. وكيف يقبل على نفسه أن يستمر فى حكومة ترفض سياساته ولا تتوافق معها؟!. للأسف يا سيادة الوزير المحافظ، إن شجاعتك جاءت متأخرة، جاءت بعد أن تواريت فى الظل ولم تعد تخاف على منصبك، شجاعتك ظهرت بعد أن أهدر رجال الأعمال آلاف الأفدنة على القاهرة، بعد أن أصابت الأمراض الصدرية مزيداً من أطفال المعادى وحلوان الأبرياء. عليك يا سيادة الوزير المحافظ أن تحاول الاستغفار عن ذنوبك تجاه هؤلاء الأطفال الأبرياء وتجاه مصالح مصر التى وقف ضدها رجال الأعمال.