أعلن مسؤول الموارد المائية بالبنك الدولى، ديفيد جراى، أن البنك مستعد لتمويل أى مشروعات تقترحها دول حوض النيل لتفعيل التعاون التجارى والاستثمارى بينها، مبدياً ترحيب البنك باتفاق المشاركين فى اجتماعات مجلس وزراء المياه بدول حوض النيل على أهمية تفعيل التعاون بين الدول الأعضاء، من خلال البدء فى آليات تنفيذية لزيادة التبادل التجارى معها فى كل المجالات، وتشجيع الاستثمار المصرى فى دول حوض النيل، وعدم اختزال العلاقات معها فى موضوعات المياه، وتحويل مبادرة حوض النيل إلى مبادرة شاملة للتعاون وبناء الثقة بين شعوب الحوض. من جهة أخرى، كشف خبير دولى فى السياسة الدولية للمياه عن أنه على مدار الخمسين عاماً الماضية تم استخدام ورقة المياه كمادة خصبة للابتزاز السياسى من القوى الدولية ضد مصر، لتغيير مواقفها من الأحداث الدولية لصالح القوى الكبرى التى تهيمن على السياسات الدولية للمجتمع الدولى. وقال الخبير الدولى – ل«المصرى اليوم»، على هامش اجتماعات دول حوض النيل بمدينة الإسكندرية –: «خلال بدايات تنفيذ مشروع السد العالى فى الستينيات بمساندة الاتحاد السوفيتى قام مكتب الاستصلاح الأمريكى المعروف اختصاراً ب USBR، بعمل العديد من الدراسات لصالح إثيوبيا فى مجال المياه، من شأنها فى حالة تنفيذها التأثير على حصة مصر من مياه نهر النيل». وأضاف الخبير – الذى رفض ذكر اسمه –: «الغرب قام فى الفترة نفسها عشية حصول العديد من دول حوض النيل على استقلالها عن التاج البريطانى، بالإيعاز لدى هذه الدول بأن تتحلل من الاتفاقات السابقة بين مصر وهذه الدول لتنظيم موارد النهر». وأوضح أنه خلال نهايات فترة السبعينيات وبعد توقيع مصر اتفاق السلام مع إسرائيل برعاية أمريكية، وتحول مصر إلى حليف قوى للولايات المتحدةالأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، قام الاتحاد السوفيتى بمساندة إثيوبيا خلال فترة رئاسة مانجستو هيلا مريام، للضغط على مصر لقيامها بإلغاء معاهدة الصداقة معها وتحالفها مع أمريكا، وذلك من خلال تجديد الدراسات التى قامت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال فترة الستينيات، بهدف مساعدة إثيوبيا فى بناء قدراتها المائية ومنع مياه النيل عن مصر، وتهديدها لمصر فى ذلك الوقت بإقامة العديد من السدود المائية لمنع مياه النهر من الوصول إلى مصر، مما أدى إلى ردود عنيفة من الرئيس الراحل أنور السادات وتلويحه بالحرب من أجل مياه النيل، بينما قام الرئيس الإثيوبى فى ذلك الوقت مانجستو بالتأكيد على أن نهر النيل سيتحول إلى اللون الأحمر، قاصداً الدماء، إلى أن هدأت حالة التوتر بعد هذه التصريحات مؤقتا. ولفت إلى أن مصر مدركة تماما أن المشكلة فى منطقة حوض النيل ليست متعلقة بنقص المياه، ولكنها تكمن فى إدارة هذه الدول للموارد المائية «الضائعة» – حسب تعبيره - لديها، مشيراً إلى أن إجمالى ما يسقط من أمطار على الهضبتين الاستوائية والإثيوبية يزيد على 1600 مليار متر مكعب من المياه، لا يصل إلى مصر والسودان من هذه المياه سوى 84 مليارا، تحصل مصر بموجب اتفاقية النيل التى أبرمتها مع السودان عام 1959 على 55.5 مليار متر مكعب من المياه والباقى لصالح السودان. وأوضح أن دول حوض النيل تحصل على منافع كبيرة من موارد النهر لا يمكن مقارنتها بحصص مصر والسودان من المياه، وتستخدمها فى زراعة الأشجار الخشبية والغابات الطبيعية والاستزراع السمكى والمراعى الطبيعية المستخدمة فى تربية الحيوانات بكميات كبيرة تفيض عن حاجة الاستهلاك المحلى أو مناطق المحميات الطبيعية أو الزراعات المطرية للعديد من المحاصيل الزراعية بتكاليف تكاد معدومة، مؤكداً أن المشكلة الرئيسية لهذه الدول طبقا للبيانات الواقعية تكمن فى التخلص من الماء الزائد الذى يشكل التخلص منه أزمة كبيرة تحتاج لإمكانيات لا تتوافر حتى للدول الكبرى.