يتناول الكتاب جهاد الخازن كاتب مقال «عيون وآذان» فى الصفحة الأخيرة من «الحياة»، لكن «بؤس الصحافة ومجد الصحافيين» يرجع سنوات للخلف حينما كان الخازن رئيس تحرير لكل من جريدتى «الحياة» و«الشرق الأوسط»، فى أوقات مختلفة. كانت ملكية هذه الجرائد تحاط بالكثير من اللغط، فالحياة انتقلت ملكيتها عام 1988 إلى الأمير خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع فى المملكة العربية السعودية سابقا، أما «الشرق الأوسط» فقد لعب دورا محوريا فى تأسيسها كمال أدهم، رئيس المخابرات السعودية الأسبق، وهذا الموضوع له ذكر فى موضع آخر.. يقول جهاد الخازن إن فكرة «الشرق الأوسط» خاصة بهشام حافظ وحده، ولا علاقة للمملكة بها، وإن كان يقول، «اختار - (هشام حافظ) - اللون الأخضر للجريدة، لكن الأهم أنه انفق مالاً ليس معه».. بهذه الجملة غير الدقيقة والغامضة يتهرب جهاد الخازن من ذكر المساهمين الحقيقيين فى الجريدة اللندنية. فجهاد- حسب الكتاب- يسعى طوال الوقت للادعاء باستقلالية «الحياة»، وكذلك يدعى الأمر نفسه ل«الشرق الأوسط». لكن جهاد يكد ليخفف الصفة الرسمية للمالك «فهو مواطن سعودى»، حسبما يقول رئيس التحرير الأسبق، وملكية هذا المواطن السعودى للصحيفة تسير على نفس المنوال الذى يمتلك فيه مواطن أسترالى التايمز اللندنية، وآخر كندى لجريدة «الديلى تلجراف» حسبما جاء فى الكتاب. لا يعتبر جهاد الخازن موضوع الملكية مؤثراً على «الحياة» أو «الشرق الأوسط»، لكنه لا ينفى «تجنب المواضيع الحساسة المتعلقة بالدين والنساء والجيش»، رغم ذلك يقول «لا أحد يملى علينا ما ننشر»! إلا أن ما يطارد جهاد الخازن، بعيدا عن إشكالية الاستقلال المادى، هو «الصفة الرسمية»، ويرجع ذلك إلى علاقاته الوثيقة بالسلطة، حيث يكتب فى «عيون وآذان» عن جميع رجال السلطة فى العالم العربى بأوصاف من نوعية «الصديق» أو «الأخ»، أو «الإخوان فى قيادة حزب الله»، أو «الأخ سعد الحريرى، وهو صديق شخصى عزيز». الخازن يبدو كزعيم عربى، فقد توسط- على سبيل المثال- للرئيس العراقى الحالى جلال طالبانى حتى يزور سوريا. حينما يحضر الخازن الجمعية العامة للأمم المتحدة فإنه يستقر بالفندق نفسه الذى يسكنه الرئيس الامريكى، وحينما كان يمارس مهام تحريرية فى عام 1973 كان يرسل الأخبار من جناح «الصديق زيد الرفاعى، رئيس وزراء الأردن فى حينه»، لكن الخازن لا يتوقف عن القول باستقلاله حيث يقول: «عندى من المال لأصرف على السلاطين»! من ناحية أخرى يتسم الخازن بمعرفة وشغف بالتراث، ويمتلك حساً أدبيا مرهفاً، وتعليقات ساخرة. أما مقالاته فهى فى الغالب «قراءة جيدة لصحف غربية خفت قيمتها منذ الإنترنت، وتقنيات الترجمة المباشرة». كما لا تخلو مقالاته من ملاحظات لا يلقى الصحفيون لها بالاً مثل «حديثه عن كثرة المؤتمرات»، ولكنه لا ينفى أهميتها، «سواء كان الرعاة حكاماً أو رجال مال أو منظمات أو حكومات أجنبية». اللافت أن الخازن حضر أحد منتديات الدوحة، وكلامه عن «مارتن إنديك»، ووصفه إياه ب«مدير مركز سابان لسياسة الشرق الأوسط فى مؤسسة بروكجنز»، دون أن يلتفت إلى «نشاط المركز الصهيونى»، أو قول حاييم سابان، مؤسس المركز، بعد حرب إسرائيل على لبنان إنه لا يخشى على مستقبل إسرائيل، وإن ما يخافه هو جيرانها، كما أن سابان لديه الثقة التامة فى هذه الدولة فهى «دولة شامخة، ولا أود أن أبدو عنصريا إلا أننا أمة موهوبة. نحن أمة عظيمة».