ما كتبته تحت عنوان «وطن ضد الفيزياء» أثار شجوناً عند المهتمين بمستقبل البحث العلمى فى مصر ومنهم د. محمد بهى الدين عرجون، أستاذ هندسة الفضاء والطيران بهندسة القاهرة، مدير مشروع قمر «مصر سات -1»، الذى أرسل معلقاً على أهمية الفيزياء فى حياتنا وكيف نجعل أطفالنا وشبابنا يعشقونها؟. يقول الدكتور عرجون: «ملاحظاتى مستقاة من تجربتنا فى تصنيع القمر الصناعى المصرى الأول (مصر سات-1)، الذى أطلق فى 17 أبريل 2007، وقد جرت هذه التجربة فى أوكرانيا خلال الفترة من فبراير 2003 إلى أكتوبر 2006 أى نحو ثلاث سنوات ونصف السنة تقريباً أرسلت فيها مصر حوالى 60 مهندساً من أبنائها النابهين للمشاركة وتلقى جميع العلوم والمهارات المطلوبة لتصميم وتصنيع واختبار الأقمار الصناعية والمشاركة مع الخبراء الأوكران فى التصميم والتصنيع، بغرض نقل تكنولوجيا الفضاء والأقمار الصناعية إلى مصر، تمهيداً لأن نصنّع بأنفسنا القمرين الثانى والثالث مستعينين بهذه الخبرات التى تكونت فى القمر الأول، وهذا هو جوهر المشروع العلمى المسمى برنامج الفضاء المصرى، وقد ظهر لنا من خلال التجربة أن الأساس العلمى لمهندسينا فى مجالى الفيزياء والرياضة بحاجة إلى رفع وتعميق ليصل إلى المستوى الذى يستطيعون فيه أن يبتكروا ويبدعوا فى المجالات التكنولوجية الفائقة التى تحدثنا عنها، وما أود أن أضيفه هنا من واقع التجربة هو مثال حى يمكن أن يوضح بشكل عملى ملموس لأبنائنا الذين يحلمون بأن يكونوا علماء، ولآبائهم وأمهاتهم الذين يصبون لأن يكون أولادهم ذوى شأن- أهمية دراسة الفيزياء والرياضة وأهمية التركيز على هذه العلوم منذ التعليم الثانوى، وحاجة مصر إلى خبرات ومستوى معرفة معين فى هذه المجالات لتستطيع تحقيق أهدافها فى اكتساب وتطبيق التكنولوجيا المتقدمة، والمثال الذى أود أن أضيفه يتعلق بالمغناطيسية، وهى علم غامض، وغاية ما يعرفه الطالب عنها هو أنك تستطيع أن تلتقط بعض الدبابيس بهذا الجسم الحديدى الممغنط، وعندما التقينا بمراكز تصنيع الأقمار الصناعية وتكنولوجيا الفضاء كانت المفاجأة الحضارية والعلمية لشبابنا المهندسين، أنها علم رئيسى ومهم جداً لتحريك القمر الصناعى، كيف ذلك؟ فى الفضاء لا احتكاك ولا هواء فكيف تتحرك الأقمار إذن؟ بالمغناطيسية، يتحرك القمر عن طريق التفاعل بين جهاز يسمى محرك العزم المغناطيسى ومجال مغناطيسية الأرض، وعندما احتجنا لتصنيع هذا المحرك المغناطيسى لقمرنا المصرى ظهر أنه عبارة عن ملف كهربى (سلك عادى ملفوف آلاف اللفات) حول قلب من مادة مغناطيسية خاصة، وظهر لنا أن عقدة الموضوع وسر الصنعة فى هذه المادة أو السبيكة المصنع منها القلب المغناطيسى، وهذه المادة لا تصنّع فى مصر والجرام منها بآلاف الدولارات. هذه هى الفيزياء، معرفة هذه الموضوعات والعلوم والأجهزة فيزياء، كيف يمكن لمهندسينا أن يصمموا ويصنّعوا أجهزة توجيه وتحريك القمر الصناعى دون فهم لقوانين هذه الظاهرة الفيزيائية المهمة، وأيضاً، وأهم من ذلك كيف لطالب ثانويتنا العامة أن (يحب) دراسة هذه الموضوع و(مذاكرة) و(فهم) علم المغناطيسية إن لم يكن له به صلة حياتية عملية مثل أنه يؤثر كثيراً فى إمكانية تصميم وطنه لأقماره الصناعية.. إن خلق هذه الرابطة الروحية المعنوية بين الفيزياء وحياة الطالب ووطنه هو الذى يخلق بدوره الرغبة فى دراسة هذا الموضوع والتعمق فيه. مفتاح الإجابة عندى هو الصحافة العلمية والإعلام العلمى، الذى أرى أن مقالتك تقع فى صلبه».