مع اقتراب موسم الصيف فى كل عام، يتبارى المعلنون على فرد صفحات كاملة فى كبريات الصحف اليومية، للإعلان عن منتجعات وقرى سياحية جديدة على الشاطئ الشمالى الغربى لمدينة الإسكندرية. موضة المصايف اليوم تجاوزت منتجع مارينا الذى أضحى موضة قديمة، وستايل أولد فاشون بعد ظهور منتجعات الهاى لوكس بداية من سيدى عبدالرحمن والعلمين إلى مرسى مطروح، حيث مياه البحر ذات اللون اللازوردى، ومئات الكيلومترات من الرمال الناعمة البيضاء. جمال تلك الشواطئ التى لا مثيل لها فى العالم جذب إليها شركات الاستثمار السياحى العربية والأجنبية، التى لا تكاد تأتى إليها إلا ونسمع أنها رحلت دون الاتفاق على أى مشروعات لإنشاء قرى وفنادق سياحية على مستوى عالمى جدير بجمال تلك الشواطئ الخلابة، باستثناء شركة «إعمار» الإماراتية التى وقعت عقوداً ثم دخلت فى مشاكل كثيرة حاولت الانسحاب على إثرها. الكارثة الكبرى التى لا يتم الإعلان عنها من جانب الجهات الرسمية المصرية المسؤولة، أن هناك 20 مليون لغم وجسم خطر مدفونة تحت رمال منطقة العلمين منذ الحرب العالمية الثانية. من ناحية أخرى، فإن الصليب الأحمر، وهو الجهة المنوطة فى مشكلة الألغام والذى فى حوزته الخرائط الدولية لمواقع زراعة الألغام فى بلدان العالم المختلفة، أعلن أن الخريطة التى تحدد مواقع الألغام فى الأراضى المصرية مفقودة! السؤال الذى يفرض نفسه هنا، ما مصير تلك القرى السياحية، التى يشرع القطاع الخاص المصرى فى بنائها على طول السواحل من العلمين إلى مرسى مطروح دون أن يكون لديه أو لدى الحكومة المصرية خرائط توضح أماكن الألغام بها؟! الخطر الجسيم فى هذا الشأن يكمن فى أن الحكومة المصرية لجأت إلى تمليك هذه الأراضى للقطاع الخاص للاستغلال السياحى مقابل قيامه بنزع الألغام، وهى الخطوة التى عبر عنها أحد الخبراء العسكريين المصريين بقوله إنه يصعب تنفيذها باطمئنان، حيث إن هذه الألغام وُضعت فى مساحات شاسعة من الأراضى، حيث تعرضت خلال الخمسين سنة الأخيرة لعوامل تعرية بيئية وتغيرات مناخية وسيول جارفة، تجعل من بعض الخرائط الموجودة حالياً عن أماكن الألغام قليلة الجدوى. خلاصة الكلام، أنه تحت هذه الظروف والأوضاع فإن بناء القرى السياحية على هذه الأراضى الساحلية مغامرة محفوفة بالمخاطر فى ظل غياب الخرائط وقيام القطاع الخاص بنزع الألغام بطريقة عشوائية، ثم كيف له أن يتحمل تكلفة استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة لإزالتها، وهل تكون تلك التكلفة الباهظة السبب وراء عرض بعض القصور والفيلات على شواطئ سيدى عبدالرحمن والعلمين بأسعار تتراوح بين السبعة ملايين والاثنى عشر مليوناً من الجنيهات؟ من ناحية أخرى، على أى نحو نفسر ذلك التقصير المخجل من جانب الحكومات المصرية المتعاقبة على مدى 62 عاماً، عن القيام بدورها فى تطهير الأراضى المصرية من خطر 23 مليون لغم أرضى وجسم خطر قابل للانفجار فى أى لحظة وتحت أى ظروف لاإرادية؟! [email protected]