أمين «البحوث الإسلامية» للعاملين: للأزهر حق علينا أن نؤدي رسالته    القابضة للمياه توجه رسائل مهمة للمواطنين    وزير الخارجية: مصر تؤكد خطورة تأثير ظاهرة التغير المناخي على ندرة الموارد المائية    نيويورك تايمز: مسئولون إسرائيليون يعارضون التصعيد ضد لبنان    أطلقت من العراق.. لحظة انفجار مسيرة بمدينة إيلات جنوبي إسرائيل    أحمد موسى: لبنان يعيش مأساة كبيرة بسبب القصف الإسرائيلي    وزير الخارجية لنظيره البريطاني: ضرورة التوصل لوقف إطلاق النار بغزة    فليك يعلن تشكيل برشلونة لمواجهة خيتافي    أودينيزي يتأهل للدور الثالث في كأس إيطاليا    حبس مسجل خطر لسرقته أسلاك كهربائية من عقارات تحت الإنشاء ب15 مايو    أحمد عزمي ونجوم «انترفيو» ضيوف صاحبة السعادة|صور    «برغم القانون»..إيمان العاصي تتسبب في أزمة لمحمد محمود عبدالعزيز    أمين الفتوى يوضح حكم "قراءة الفنجان"    غدا.. جوميز وعمر جابر يحضران المؤتمر الصحفي لمباراة الأهلي    لمواليد «العذراء» و«القوس» و«الجوزاء».. ماذا يخبئ هذا الأسبوع لأصحاب هذه الأبراج؟    "الكهرباء": تركيب مصيدة قلب مفاعل للوحدة النووية الثالثة بالضبعة في هذا الموعد    واعظات الأوقاف يشاركن في مبادرة «خُلُقٌ عَظِيمٌ» بعدد من مساجد بني سويف    أهالى دراو بأسوان لقناة إكسترا نيوز: المياه آمنة ونشرب منها فى أي مكان    «زيرو تحرش».. عام دراسي بدون أزمات وانتشار الشرطة النسائية رسالة طمأنة لأولياء الأمور (فيديو وصور)    مدير الرعاية الصحية للتأمين الشامل بجنوب سيناء: نعمل على تلبية احتياجات المواطنين    نائب محافظ الدقهلية يجتمع بأعضاء اللجنة العليا لمواجهة حرق قش الأرز    خبير شؤون إسرائيلية : الحديث عن استهداف نصف قدرات حزب الله غير صحيح    وزير الصحة: ضخ 133 مليون عبوة أدوية طبية ل364 مستحضرا دوائيا    منذ بداية أغسطس حتى الآن.. خالد عبدالغفار: زيادة ضخ الأدوية محليا ب133 مليون عبوة ل364 مستحضرا دوائيا    على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى حول المياه    رئيس جامعة عين شمس يشهد توزيع شهادات دورات لغة الإشارة المصرية    تستغل ابنتيها القصر.. قرار عاجل من النيابة ضد التيك توكر "وحش الكون"    ترحيب واسع بدعم الرئيس السيسي لتوصيات الحوار الوطني.. تعزيز لحقوق الإنسان والإصلاح القانوني في مصر    خالد الجندى: عمليات التجميل والتحول الجنسى فعل شيطانى للحرب على بنيان الله    وثيقة سياسة ملكية الدولة.. مدبولي: هدفنا تعظيم الأصول والعروض غير المناسبة لا نقبلها    الجونة يتعاقد مع نجم الأهلي السابق    انطلاق الملتقى الثامن عشر لشباب المحافظات الحدودية بمسرح فوزي بأسوان    وزير التموين يجتمع مع رئيس البريد وممثلى شركة فيزا العالمية لبحث أوجه التعاون    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعمل على عزل بلدات وقرى الجنوب اللبناني    وليد فواز يكشف سبب خوفه من دوره في مسلسل «برغم القانون».. قللت وزني    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور؟    الأرصاد تكشف حالة الطقس في مصر غدا الخميس 26 سبتمبر 2024    كنوز| 54 عاما على غياب زعيم في ذاكرة المصريين    محافظ الدقهلية ييستلم دفعة من المواد الغذائية لتوزيعها على الأولى بالرعاية    الأهلي يحفز اللاعبين قبل السوبر الأفريقي    الفنان والمنتج شادي مقار عن مسلسل برغم القانون: اكتسبت وزن من أجل المصداقية    سكرتير عام مطروح المساعد للأهالي: التصالح هو ميراثك للأجيال القادمة    وزير النقل اللبناني: لا توجد مشكلات لوجيستية بمطار بيروت.. وملتزمون بقوانين الطيران العالمية    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    وزير الدفاع: التحديات الإقليمية تفرض علينا أن نكون على أهبة الاستعداد    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    بمشاركة أكثر من 40 دار نشر.. افتتاح النسخة الأولى من معرض نقابة الصحفيين للكتاب    إجراء 267 ألف تدخل طبي في مستشفيات التأمين الصحي الشامل    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    ضبط نحو (14) ألف قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    إمام عاشور يكشف مفاتيح الفوز على الزمالك ودور اللاعبين الكبار في تألقه    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    إصابة 7 أشخاص فى مشاجرة بين عائلتين بقنا    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال مبارك وعادل إمام

صنع عادل إمام مجده الفنى على أكتاف الفقراء وبأيديهم، حين زحفت الملايين منهم إلى الشاشات البيضاء لترى أفلامه، لكن المشخصاتى الساخر، الذى نسى موقعه ولبس ثوبًا غير ثوبه، يخون جمهوره، ويقف حيث يكره الناس، ليبحث هذه المرة عن مجد جديد، أو ربما يريد أن يثير ضجيجًا سياسيًا حوله، بعد الصمت الذى يخيّم على حياته الفنية، التى بدأت منذ مدة رحلة التراجع.
لا ننكر أن «إمام» أضحكنا، وتعلقت أبصارنا بأفلامه، وإن بقى بينها وبين عقولنا حجاب. فالمضحكاتى العجوز لم يقنعنا أبدًا بأنه صاحب قيمة وقامة فنية عالية، تطاول أساتذة كبارًا تركوا بصمات قوية فى تاريخ السينما المصرية، لكننا تسامحنا معه، ونسينا قصة الفن والإبداع لحساب القهقهة، وها نحن نجنى ثمرة تسامحنا، الذى لم يكن سوى تساهل أحيانًا مع الفن الهابط، والأفلام التى تنتصر للانحطاط، وتعلى من شأن الفهلوة، وتكرس الاستبداد.
أقول إن «إمام» ليس فنانًا كبيرًا، لسبب بسيط، لا أرجعه هذه المرة إلى أنه لم يحصل على جائزة كبيرة، ولم يقنع مخرجًا عالميًا كبيرًا، بل بحدس بسيط وحس أبسط، أرى أن المشخصاتى الذى يؤدى الحركات نفسها فى الأدوار المتناقضة لا يمكن أن يكون ممثلًا من أساسه. ف»إمام» يفعل وهو يلعب دور اللص نفس ما يفعله وهو يلعب دور الشرطى، ولم يتغير أداؤه، إلا قليلًا وفى أفلام تعد على أصابع اليد، منذ أن كان «كومبارس» يقف كسيرًا وراء العمالقة وحتى أصبح ملك الترسو.
يتعالى «إمام» على أصحاب «النصوص» التى صنعت له مجده، الخفيف فنيًا والثقيل جماهيريًا، وينسى أحوال أبطال أفلام «المنسى» و»الغول» و»حب فى الزنزانة»، ويقف فى الواقع إلى جانب من أذلوهم وقهروهم، وبدلًا من أن ينطق بما ينتصر لأشواق الناس إلى الحرية والكفاية والعدل، أو يقف ما وقفه بطل فيلمه «النوم فى العسل» يلعب هذه المرة دور بطل فيلمه «طيور الظلام»، المحامى المرتشى المتواطئ مع الاستبداد، المتصالح مع الفساد، والمتخاصم مع شعب مغلوب على أمره، الأنانى الطامع الباحث عن مصلحته بأى ثمن.
كان عادل إمام صنيعة الإعلام وضحيته، فالأقلام التى مدحت تربُّعه على عرش «شباك التذاكر» لسنوات طويلة، هى التى ألبسته رداءً واسعًا عليه، فتاه فيه، وغطس ولم يطف، وذلك حين أطلقت عليه لقب «الزعيم» فصدَّق الرجل نفسه، واستسلم لخيال جامح، انتهى به إلى أن يعتقد فى إمكانية أن يلعب دور نصر حامد أبوزيد، وهو مفكر أعتقد أنه قد يكون من الصعب على «إمام» أن يدرك ما تعنيه أى فقرة من فقرات كتبه، بل زاد على ذلك بنفيه المتتابع فى كل وقت وحين أن يكون متطلعًا إلى منصب وزير الثقافة،
وهذا بالنسبة لكل ذى عقل فهيم وبصيرة نافذة من قبيل الكوميديا السوداء، لكنه بالنسبة لعادل إمام مجرد حيلة جديدة لإثارة ضجيج غير فنى، حول فنان أفل نجمه، وينصرف عنه جمهوره تدريجيًا، لأنه يكرر نفسه باستمرار.
لقد بدأت قصة «الزعيم المزعوم» حين تحدث عن «التطبيع» مع الكيان الصهيونى، بلغة لم يدرك معانيها ولا مراميها، فلما قوبل بنقد لاذع تراجع واعتذر تحت ستار «العذر بالجهل»، لكنه عاد فى الأسابيع الأخرى ليطلق من شاشات وصفحات، تعالى عليها طويلًا، كلمات أخرى عن قضايا كانت- ولا تزال- بعيدة تمامًا عن اهتمامه، وآخرها وأهمها مناصرته لتوريث الحكم فى مصر.
فى المبتدأ، ليس بوسع أحد أن يصادر على اختيار أى أحد، فنان أو سمكرى، لكن كل شخص مسؤول عما انحاز إليه، وللآخرين حق المناقشة، لا سيما إن كان الحديث عن شخصية عامة مثل عادل إمام. فالرجل لم يعد يتحدث إلى الإعلام فى الفن، بل بات يدلى برأيه فى السياسة، وهذا أيضًا حقه، لكنه تجاوز ذلك إلى تسفيه رأى كل من يختلف معه.
عادل إمام أسكره كلام من لا يقدّرون أمانة الكلمة ولا قداستها فظن أنه «قائد رأى» ممن يؤخذ كلامهم على محمل الجد، وراح يتولى الدعاية المباشرة لجمال مبارك، وهو يظن أن البسطاء الذين كانوا يسارعون فى الماضى لمشاهدة أفلامه، ويصفقون له حين يضرب بيد واحدة خمسة رجال أشداء، سوف ينساقون وراء تأييده لجمال، ويصفقون أيضا، ويقولون بملء أفواههم: «اخترنا جمال على مذهب الإمام عادل».
لا يدرك عادل بفطرته أو قريحته، أو أى منهما، أن البسطاء لا يروق لهم فيلم «التوريث»، لأنهم لم يروا من جمال مبارك ما يجعلهم مطمئنين إلى إمكانية تحسن أحوالهم مع رجل ينحاز إلى رجال الأموال والأعمال وكبار الملاك، ويتحمس لبيع كل ما تقع عليه عيناه من أملاك الشعب، رجل ولد وفى فمه ملعقة من ذهب، ولم يجلس يومًا بين جماهير «الترسو» التى تصفق لمحولجى السكة الحديد (بطل فيلم المنسى) وهو يقاوم من أجل إنقاذ امرأة من بين أيدى الأباطرة الجدد.
ما انتهى إليه عادل إمام كان متوقعًا، فالمشخصاتى الذى يقاطع مهرجانًا اعتراضًا على حضور ناقدة هجته فنيًا، ويضع طيلة حياته بينه وبين الناس حجابًا غليظًا، ويعيش دومًا مشمولًا برضا السلطة ورعايتها، لن يقف أبدًا مع المناضلين فى سبيل الحرية والعدل، ولا مع البسطاء الذين شيّدوا تاريخه الفنى ببعض ما ادخروه من أقواتهم، بل سيكشف كل أوراقه المخبوءة ويطلق كل أصواته المكبوتة، ويسبح بحمد من يتوقع أو يتمنى أن يكون «السلطان الجديد»، ليمارس بطريقة مختلفة «اللعب مع الكبار».
ويعتقد الفنان الكبير فى السن أن المصريين المتسامحين سُذَّج وأغبياء، وأنهم سيغفرون له موقفه هذا، لكنه سيدرك عما قريب أن رهانه كان خاسرًا، عندما يعاقبه الناس، فتصبح إيرادات أفلامه القادمة فى ذيل القائمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.