وجدت نفسى فى ويمبلدون بإنجلترا، وهو أشهر أحياء لندن على الإطلاق، حيث تقام بطولة ويمبلدون الشهيرة للتنس منذ أكثر من مائة عام، ويستقبلها شباب وفتيات ورجال ونساء المدينة لإظهارها كأنجح وأروع بطولة للتنس فى العالم، حتى أصبحت تمثل المكانة الأدبية والمعنوية «البرستيج» لعشاق هذه اللعبة الذين يجدون فيها متعة فى الممارسة وتحقيق أحلامهم ومتعة فى المشاهدة، لقد عدت بذاكرتى حيث عملت محترفاً للاسكواش بنادى ويمبلدون الذى يجاور ملاعب التنس وأقمت إقامة دائمة فى هذه المدينة وعشت النهار والليل البارد، وقد اخترت الإقامة مع عائلة إنجليزية حتى أقترب من هذا المجتمع وأتعرف على عاداته وتقاليده ولغته لإثراء شبابى وإثراء حياتى من خلال الاندماج مع الأجناس والأديان والناس الذين وهبهم الله خالق الكون إلى البشرية، وجدت سكان هذا الحى يتسابقون فى مثل هذا الموعد من كل عام فى شهر يونيو على استضافة زوار المدينة فى منازلهم لتبادل الثقافة والمعرفة والمساهمة فى إنجاح هذه البطولة، حيث يعود هذا النجاح على كل أسرة وكل فرد، وتعيش ويمبلدون بلاعبيها وأبطالها وضيوفها حالة من الزهو والكبرياء فى ترسيخ وإنجاح هذا التقليد الذى تباركه الذات الملكية فى جميع النهائيات. لقد تفجرت تحت سماء ويمبلدون وعلى أرضها أحلام العمالقة الذين لا ينساهم التاريخ وسيظلون فى عقل وقلب عشاق التنس رموزاً تتوارث حكاويهم الأجيال، بورج وجيمى كونرز وناستازى وبلى جين كينج وماكنرو والجوهرة السمراء المرحوم آرثر آش، أول بطل يحمل البشرة السمراء يقتحم لعبة البيض ويعتلى عرشها ويعشقه جمهورها الأبيض، لقد عشت شبابى وسط جمهور وشعب هذه المدينة واستمتعت وتعلمت الإدارة وروح الكفاح فى مناخ الصفاء النفسى، وكنت أحاول كل عام أن أنقل اللقطات النادرة لأعرضها فى برنامجى الشهير «مواقف وطرائف» الذى اغتالته يد آثمة فى التليفزيون ربنا ينتقم لى منها، إن أروع شىء فى هذه البطولة هو كل شىء، موهبة الأبطال وخفة ظلهم فى كثير من المواقف والبنات الفاتنات ببشرتهن البرونزية والابتسامات البيضاء فى المدرجات. طبعاً هتسألونى يا جلال إيه أهم الطرائف فى ويمبلدون اللى عجبتك؟ لقد حدث ذلك عندما كانت الكرة تجوب أرجاء الملعب وتدك الأرض دكاً مصحوبة بآهات اللاعبين فى كل ضربة والتركيز وصل إلى أقصى مدى على جميع مقاعد المشجعين وفى لحظة لا يمكن تخيلها هبطت حمامة بيضاء شابة عذراء مملوءة بالنضارة والحيوية والشقاوة على أعلى شبكة التنس، وهنا توقفت المباراة وصمت الحكم من المفاجأة ولم يجد فى قانون التنس شيئاً عن هذا الموقف يحكم به، وانتابت الجمهور حالة من الفرح والضحك والصراخ والتشجيع للحمامة أن تستمر على ما هى عليه، وعندما حاول أحد اللاعبين الاقتراب برفق، مطالباً الحمامة بالرحيل، حيث سرقت الكاميرات منه، نزل حبيبها وعاشقها ليهبط بجوارها ويمطرها بالقبلات الحقيقية غير المزيفة، فاشتعلت المدرجات مرة أخرى، إنه إحياء التقليد العريق فى بطولة ويمبلدون بمواقفها وطرائفها. إنها الثقافة الرياضية فى تنظيم إنجلترا لبطولة عالمية لم يصل إلى الفوز بها فى تاريخها إلا مرة واحدة إنجليزى هو «فرت برى» صفقوا معى لهذا المعنى، من ويمبلدون.