لابد أن نتفق أولا أن الفرح هو «حق» إنسانى للجميع، ولا يملك أحد حرمان غيره منه، بل ولا تجب «مصادرة» هذا الحق، وعلينا السعى «باستماتة» لزيادة رصيدنا منه حتى ننتصر فى معارك الحياة المختلفة، فالشعب الحزين لن يصنع نصراً أبدا. والفرح هو شعور بقدر «رائع» من البهجة الممزوجة بالرضا والانتعاش مما يولد طاقات «إيجابية» عند من يفرح فتتضاعف «حيويته» وتتجدد وتطرد ما لحق بها من غبارات بل وغباوات لا تخلو منها أى حياة بشرية. ومن حق النظام الحاكم علينا أن نشكره لرغبته فى أن يفرح الشعب، ونوجه عنايته إلى أن هناك أموراً أخرى، مما سيثير دهشته البالغة، ستضاعف من فرحة الشعب أكثر من مباريات كرة القدم، التى يفرح اللاعبون بها حيث يحصلون على الأموال والشهرة، بينما الشعب «يكتفى» بالمشاهدة، كما يحصل اللاعبون فى الحكومة «ومن يحيطون بها» على كل شىء ويواصل الشعب الاكتفاء بالمشاهدة، وإن كانت بدون فرحة بالطبع، ويتناسون ما كنا نعرفه ونحن صغار للغاية، وما كان يقوله لنا الآباء والأمهات: لا تلعبوا إلا بعد الانتهاء من واجباتكم الدراسية. وللحق فإن كلاً من الحكومة والشعب المصرى «لا يحق» لهم اللعب لأنهم لم يؤدوا واجباتهم تجاه أنفسهم ونحو الطرف الآخر. فقبل أن تلعب الحكومة «لتفرح» لابد لها أن توفر الكرامة «الآدمية» لأبناء شعبها، فلا يموتون من اليأس والإحباط وهم يرون بلادهم تتراجع بحدة غير مسبوقة فى جميع المجالات، وبدلاً من مواجهة الفشل المزرى فى إدارة البلاد، نجد الإعلام الرسمى يصنع أعداء خارجيين، ليصرف الشعب عن مداواة أوجاعه «الحقيقية»، ويقوم ب«تخديرهم» بأفراح كاذبة لتتحول إلى أمراض «مزمنة» ستلتهم كلاً من الشعب والحكومة بأسرع مما يتخيل الجميع. ولن نتحدث عن «أهلنا» فى الدويقة، ولا عن شبابنا الذى «اختار» المغامرة بحياته ويموت غرقا «هرباً» من حياة غير عادلة فى «الوطن» المنشغل بكرة القدم والمنصرف عن تأمين كرامة أبنائه فى الداخل ليكون لهم «ثمناً» خارج الوطن. ولكن سنذكر أن خلال انشغالنا «بتوابع» مباراة مصر والجزائر ظهر د. فاروق الباز، فى قناة الجزيرة، ليقدم الوثائق على تعرض دلتا النيل خلال السنوات القادمة للغرق، ونحن «غارقون»، فى أوحال الغيبوبة. كما زادت تحركات تركيا وإيران، واختارت أوروبا رئيساً للاتحاد الأوروبى وحكومتنا وإعلامها الرسمى حائر كيف يوزع مدافعه تارة نحو الجزائر وأخرى نحو السودان وهلم جرا، كما لم يقم الشعب المصرى بأداء واجباته حتى يكون من حقه «الفرح» واللعب، فقد تراخى وسمح للترهل بانتهاك «رغباته» فى النهوض بحياته، واكتفى بترديد أغانى الثورة ونصر أكتوبر، وقام بإهانتها بربطها بأقدام لاعبى الكرة وأنزل العلم من عليائه حيث مكانه «المحترم» ليرفعه على الانتصارات العلمية و«ألقى» به فى الاستاد. وأرجو ألا نسمع من يقول: الشعب «غلبان ونفسه يفرح»، حتى لا نصل لدرجة إسعاده بتقديم حلوى ملوثة أو قطعة حشيش!