«إنت عبيط ولا إيه» هكذا أجاب أحد المواطنين على هنيدى فى فيلم «جاءنا البيان التالى»، حين سأله: «السنة الجديدة بتمثلك إيه؟». المواطن الذى برر انفعاله بأنه تجاوز الأربعين من عمره، ومافيش «ست»، مافيش «حب»، مافيش «عيال»، مافيش «عربية». على نفس طريقة الفيلم فاجأنى عبدالله أحمد «41سنة»، حين سألته «أين ستقضى ليلة رأس السنة؟»، حيث أجاب: «إنت أكيد يا أستاذ بتهزر، ولو مش بتهزر يبقى اسمحلى أقولك إن سؤال حضرتك مستفز»، عبدالله الذى كان يمشى سريعاً بأحد شوارع القاهرة، رفض - بأدب شديد - استكمال حواره معى، معللاً ذلك بأنه «عايز يلحق أتوبيس 154 اللى رايح البساتين». وداخل أحد المحال التجارية التى تزينت بشجرة الكريسماس، أجاب مصطفى محمد «21سنة» على نفس السؤال الذى رفض «عم عبدالله» الإجابة عنه، مصطفى الذى يتقاضى 350 جنيهاً شهرياً نظير عمله 10 ساعات يومياً بالمحل، أجاب: «أنا ما أخدتش بالى إن فيه رأس سنة غير لما صاحب المحل جاب الشجرة دى»، ويكمل: «أكيد هأقضى ليلة رأس السنة فى بيتنا». أما أحمد محمد «21 سنة»، طالب بكلية الصيدلة، فيجيب بسخرية «يا أحتفل برأس السنة يا أسقط فى امتحانات العملى». وفى أحد مواقف السيارات، يقول مجدى عبدالرسول «42 سنة» موظف بالقطاع العام «يا أستاذ الخمسين جنيه اللى ممكن نصرفها فى رأس السنة، الواد ياخد بيها حصة فى الثانوية العامة أحسن»، ويكمل مجدى كلامه: «إحنا لسه خلصنا من العيد الكبير، علشان نحتفل برأس السنة». وبنظرة أخرى يقول محمد عبدالمقصود «38 سنة» السائق بهيئة النقل العام: «أنا والله ماكنتش أعرف إن ليلة رأس السنة قربت، بس إن شاء الله وأنا مروح يوميها هأبقى أجيب 2 كيلو فاكهة ولا شوية سودانى، ونلم حواليهم العيال». وداخل إحدى الصيدليات يجيب عن سؤالى هشام أمين «36 سنة»، «تعال هنا ليلة رأس السنة، وإنت هتلاقينى هنا عندى وردية بالليل». أما طارق عبدالغفار «24 سنة» أجاب ساخراً «أكيد مش هأقضيه فى المريديان، ولو عرفت ألمّ العيال صحابى وننزل نقعد على القهوة يبقى كده تمام أوى». وبنظرة دينية، يرى أحمد سامح «27 سنة» أن الاحتفال بليلة رأس السنة حرام، ويقول: «كفاية علىّ أحتفل بالأعياد اللى قال عليها ربنا». وفى أحد الشوارع الداخلية المتفرعة من شارع الهرم، تحدث عم حسين «51 سنة» من على كرسى خشبى أمام كشك صغير «والله يا بنى شارع الهرم بالليل غير بالنهار، ويوم الخميس غير باقى أيام الأسبوع، وربنا يسامحنا على اللى الواحد هيشوفه ليلة رأس السنة» وعند سؤاله «هتقضيها فين؟» أجاب بابتسامه «هأقضيها نايم». ويرى د. محمود زكى، أستاذ علم الإجتماع بجامعة حلوان أن احتفالات رأس السنة تعكس التفاوت الطبقى الموجود فى المجتمع المصرى، فالوعى الطبقى الذى تتوارثه كل فئة، هو الذى يشكل طبيعة الاحتفال. ويضيف أن الاحتفال المبالغ فيه بليلة رأس السنة نتيجة طبيعية لعولمة الفكر، وانسياقنا وراءها دون أى وجه استفادة، ويقول إنه لامانع من الاحتفال البسيط الطبيعى، مع ضرورة الاستفادة من فكرة «سنة راحت وسنة جت» فى تقييم أهدافنا، والمشكلات التى تواجهنا، ومحاولة تجنب كل ماهو سيئ، ويقترح «جلسة مع الأولاد والأسرة فى البيت، لتوضيح هذا المضمون لهم».