الوحدات الإدارية داخل المبانى السكنية صداع فى رأس مصر، سرطان يأكل البنية التحتية يقضى على المرافق والخدمات، لا المصاعد راحت تعمل ولا السلالم تتحمل ولا حتى نظم إطفاء حديثة أو قديمة أو مخارج للطوارئ والكوارث التى اعتدنا حدوثها، مرة بفعل ماس الكهرباء اللعين، ومرات بفعل الإهمال وضيق التصور وقصور التخطيط للمستقبل. المبانى السكنية التى تحولت بعض وحداتها إلى مكاتب إدارية راحت تئن من استنزاف طاقتها التى أعدت فى الأساس لتتحمل أسراً وأطفالاً، وليس موظفين وأصحاب مصالح وباعة جائلين، الأعداد تضاعفت مئات المرات، مواسير الصرف الصحى باتت تنفجر على الجدران، ومياه الشرب لا تصل إلى البيوت إلا بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية، والجراجات بالكاد تكفى موظفى وحدة إدارية واحدة، ودرج السلالم تحول بفعل «نحت الأقدام» إلى لوحة حجرية عتيقة، وخراطيم المصاعد ومولدات الكهرباء تتهاوى تحت وطأة الأحمال الزائدة، وبين هذا وذاك.. يصرخ خبراء التخطيط العمرانى للتنبيه بهذه الكارثة التى تؤرق حياة المصريين، وتهدد أمانهم الاجتماعى، وتقضى على أبسط حقوقهم الآدمية فى منزل آمن هادئ تأتيه مرافقه وخدماته كما ينبغى، وجراج للسيارة وباب يغلق دونهم لا يدخل منه إلا من يعرفونه أو على الأقل يعرفه حارس العقار. الحلول لهذه الأزمة ليست مستحيلة، ولأننا نتبنى الدعوة لإخلاء المبانى السكنية من الوحدات الإدارية. كان لزاماً أن نطرح أيضاً حلولاً وسيناريوهات قابلة للتحقيق، من بينها الرجوع إلي المخططات الأولية للمدن وإيجاد أماكن بينية تكون مركزاً للمكاتب الإدارية، ولا مانع بالطبع من وجود عمارات كاملة تشغلها المنشآت الإدارية، لأن الخدمات جزء لا يتجزأ من متطلبات السكن.