قرر "خواكين ألمونيا" الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، إعادة فتح تحقيقه، والذي امتد لخمس سنوات، حول ترتيب البحث على الغوغل، حيث تستكمل وزيرة المالية الدنماركية السابقة "مرغريت فيستاجير" هذه المهمة بعد ألمونيا. وقالت صحيفة ال"غارديان" البريطانية، أن غوغل أصبح اليوم المهيمن الأكبر على أجهزة الكمبيوتر الشخصية، والمحمولة والهواتف واللوحات الرقمية، على غرار ما كانت عليه شركة مايكروسوفت قبل عقد من الزمان، حيث يحتل موقعا منيعا، على مستوى البحث، ف90 % من استعلامات المستخدمين تمرّ عبر الغوغل في أوروبا. وباعتبار مايكروسوفت أحد المشتكين الرئيسيين ضدّ غوغل لدى المفوضية الأوروبية في بروكسل، فإنه الآن على أتمّ الاستعداد لاستخدام السلطات التنظيمية للجنة المفوضية للتصدّي لمنافسه. وتتمثل استراتيجية غوغل على إرسال رئيسه "إيريك شميت" في بعثات دبلوماسية إلى بروكسل، للعمل على التوصل لحل، إذ يكمن الخلاف على مستوى البحث الطبيعي، خلافا للنتائج المدفوعة مسبقا التي تظهر على الجانب الأيسر، أو في الجزء العلوي من صفحة الغوغل، فبدلاً من إنتاج سلسلة من الوصلات الزرقاء في الرد على الاستفسارات، يقوم غوغل بالإجابة على الأسئلة بنفسه، ويشكو منافسو غوغل أنّ هذه الطريقة تحوّل حركة المرور على الانترنت بعيداً عن المواقع المتخصصة التي تقدم نفس المعلومات، على غرار "أوبين تابل" أو "تريب أدفايزور". وكان غوغل قد اقترح تغيير الطريقة التي تقدم بها نتائج البحث، ووافق ألمونيا بمقترح الحل الذي يشمل مربعين، أحدهما يحتوي على المعلومات الخاصة بغوغل، والآخر يعرض المعلومات الخاصة بمنافسيه، مع أماكن المزاد لأعلى مُزايد، وتبين البحوث التي قامت بها مايكروسوفت أن هذه التغييرات لا تمنع الهيمنة البارزة لمربع روابط غوغل الذي يجتذب نقرات 99 مرة أكثر من منافسيه. وقد نجح منهج غوغل البنّاء والاسترضائي في إقناع ألمونيا، في البداية، ولكن في شهر فبراير 2014، آلت مصادقته على الحل الثالث الذي اقترحته مجموعة الشركات الأميركية إلى إثارة ضجة واسعة، ليس فقط بين منافسي غوغل، ولكن من الحكومتين الفرنسية والألمانية. وبفضل تشجيع شركات الاتصالات والإعلام الأوروبية، سارع السياسيون بانتقاد قرارألمونيا، ففي فرنسا، قاد "أرنو مونبورغ" وزير سابق للاقتصاد هذه المعارضة بمساندة نظيره الألماني "سيغمار غابريال"،و كتب مونبورغ إلى ألمونيا مطالبا إياه بإعادة التفكير في المسألة، وقال مونبورغ في شهر مايو الماضي "لا نريد أن نصبح مستعمرة رقمية لعمالقة الإنترنت العالميين، فسيادتنا نفسها توجد اليوم على المحك". ويعتبر غوغل في بعض المناطق الأوروبية أكثر طغيانا من مايكروسوفت الجديد، بل هو عميل للاستعمار الأميركي، ويعتقد مونبورغ أن فيسبوك والأمازون يجمعان البيانات الخاصة بالمواطنين الأوروبيين، وهما من قواعد البيانات التي يمكن استغلالها لتحقيق مكاسب تجارية معفاة من الضرائب، أو منحها لخبراء الاستخبارات في واشنطن. ويعد "ماتياس دوفنر" من بين أبرز منتقدي غوغل، وهو مالك مجموعة إكسيل سبرينغر التي تنشر صحيفة "بيلد" أكثر الصحف شعبية في ألمانيا، فعندما بادرت "أنغيلا ميركل" بدعمها لجونكر للحصول على منصب رئيس المفوضية الأوروبية، أشارت كلّ أصابع الاتهام إلى دوفنر، واقتناعا منه بحصوله على الدعم السياسي بلوكسمبرغ لفرض عقوبات أكثر صرامة على غوغل، يُقال أنه استخدم نفوذ صحيفته لتغيير رأي ميركل. وفي رسالة مفتوحة مُوجّهة إلى شميت، كتب دوفنر في أبريل الماضي مُحذّرا من أن "القهر الذاتي الطوعي لا يمكن أن يكون كلمة العالم القديم الأخيرة، على العكس، يمكن أن تصبح رغبة الاقتصاد الرقمي الأوروبي في النجاح سلاحا في أيدي السياسة الأوروبية"، الموقف الذي يجعل من أخطبوط البيانات الأميركي، العدو اللدود لأوروبا. وترغب بروكسل في تفكيك هياكل شركات الضريبة المنخفضة، وتمت الآن إعادة فتح التحقيق حول غوغل، إضافة لتحقيق آخر حول منصة اللوحات المتنقلة، وضرورة تثبيت صانعي الهواتف لمتصفح الإنترنت كروم وغيرها من الخدمات.
