منذ أن قامت ثورة 25 يناير2011 بأهدافها النبيلة الأربعة (عيش – حرية- عدالة اجتماعية- كرامة إنسانية)، والجميع يتوقع تحقيق هذه الأهداف. ورغم مرور أكثر من ثلاثة سنوات لم يتحقق ولو هدف واحد منها، بل إن بعض المسئولين يتسابقون بإحياء الماضي متعاونين في ذلك مع أصحاب المصالح والموالين لهم من المستفيدين ومن بعض الإعلام الموجه أو التابع، ومن المشتاقين والراغبين في التهام قطعة من التورتة ومحاولة تشويه الثورة والقضاء على الشباب. الذين قاموا بالدعوة للثورة وتوجيه الرأي العام بأن ما حدث في يناير 2011 كان انتكاسة ولم تكن ثورة، وأنها مؤامرة لحساب جهات أجنبية. ثم عاد للظهور من جديد في معظم وسائل الإعلام رموز الحزب الوطني، كذلك قاموا بتكوين عدة أحزاب وقاموا بتأييد المشير السيسي في الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، وذلك في حركة استباقية لحجز مقاعد لهم في مواقع السلطتين التنفيدية والتشريعية، وخصوصا وهم يملكون الأموال التي نهبوها طوال ثلاثين عاما تسلطوا فيها على البلاد والعباد. بل إن بعضهم من أيام الاتحاد الاشتراكي الأب الروحي للحزب الوطني معتمدين على أن موجة المشير السيسي هي الأعلى وهم دائما مع الرايجة. وأيضا يعتقدون أن ذاكرة الشعب المصري مثل ذاكرة السمك، وأن الشعب المصري نسي أن هؤلاء هم سبب البلاء وأنهم المسئولون عن الحالة المتردية التي تعيش فيها البلاد الآن. فالدولة المصرية لم تواجه أزمات طاحنة مثل التي تواجهها الآن، فالانفلات الأمني الحالي لم نشاهده قبل ذلك، ولولا المعونات من السعودية والإمارات والكويت التي تصلنا تباعا، لكان قد تم إعلان إفلاس الدولة، والعملية التعليمية انهارت، والرعاية الصحية في خبر كان، والسياحة شبه متوقفة، وسد النهضة الإثيوبي يهددنا بالعطش وبوار الأرض. علاوة على الأزمات اليومية التي تواجه المواطن المصري والتي يتعذر حصرها، وعلى سبيل المثال غياب الأمن وتلال القمامة في الشوارع وفي الميادين، والمرور في الشوارع شبه متوقف والمواصلات العامة قليلة، إلى جانب فوضى المواصلات الخاصة. والمدرسة أصبحت شبه مدرسة، والطلبة تعتمد على الدروس الخصوصية وعلى موضة السنتر الذي أصبح بديلا للمدرسة، والجامعات التي أصبح الطالب الداخل إليها مقتول والخارج منها مولود، والطامة الكبرى هي أسعار مواد الغذائية التي أصابها السعار، وكذلك باقي أسعار المعيشة اليومية، وأيضا أسعار مواد البناء التي ارتفعت بجنون حتى أن سعر الطن من الأسمنت بلغ ثمانمائة جنيه والسعر العالمي لطن الأسمنت يتم استيراده بنصف الثمن رغم أن مصر تنتج هذا الأسمنت، وكدلك الحديد وباقي مواد البناء. هذه الحالة التي وصلت إليها مصر سببها الأساسي من حكموا مصر طيلة ستة عقود مضت، فهل هذا هو الماضي الذي يريدون إحيائه. وليست رموز الحزب الوطني ومن والاهم هم الفئة الوحيدة التي تريد إحياء الماضي بل إن بعض المواطنين الذين يدعون الانتماء للتيار الناصري المتعدد الأحزاب يراهنون هم الآخرين على أن المشير السيسي هو النسخة الحديثة من عبد الناصر، ويحاولون أيضا إحياء الماضي رغم اختلاف الظروف وتغيرالزمن والأحوال. أما ما يثير الدهشة فهو حزب الوفد المخطوف بعد أن تم حرق المبنى والمعني في أول أبريل 2006، والذي سارع بتأييد السيسي ووضع جميع مقرات الحزب في المحافظات تحت أمر وتصرف المشير السيسي كمقرات لحملته الانتخابية وذلك حتى يضمن نصيبه من المواقع في الحكومة أو مجلس النواب، فحزب الوفد الجديد صار من أحزاب الموالاة وهو ملك يمين أي نظام وتحت أمر أي حاكم وخصوصا بعد أن تخلص من معظم الوفديين واستبدلهم بأعضاء آخرين من كل كليلة واستغنى عن ثوابت الوفد الأصيلة وأصبح حزب "سمك لبن تمر هندي". ومنذ عاد الوفد الجديد في الثمانينيات، كان أيضا يحاول إحياء الماضي بكثرة احتفالاته سنويا بذكري وفاة سعد والنحاس في محاولة لإحياء الماضي. أما أكثر تيار يحاول إحياء الماضي فهو تيار الإسلام السياسي الذي أصبحت فصائله المختلفة عويصة على أي محلل سياسي أن يقوم بإحصائها، فالبعض منها يريد إحياء الماضي القريب بل والقريب جدا، والبعض منها يحاول إحياء الماضي البعيد والآخر يريد إحياء الماضي السحيق. وهذه الأمثلة من الأطياف السياسية تحاول بشتى الطرق إحياء الماضي، أما الجديد فهو قرار مجلس الوزراء المصري باستخدام الفحم بديلا عن مشتقات البترول في تشغيل محطات الكهرباء، فهذا ليس إحياء للماضي فقط، بل هو الماضي بشحمه ولحمه بالرغم من أننا سنستورد الفحم من الخارج. يا سادة يا مسئولين ألم تتعلموا أن عصر الفحم قد انتهي منذ أكثر من قرن من الزمان، إنني لا أستبعد أن يصدر مجلس الوزراء قريبا قرارا باستخدام البخار في تسيير القطارات وعجبي. يا سادة يا مسئولين العالم يتقدم إلى الأمام بخطى سريعة. وأصبح من العسير أن يتم ملاحقة سرعة التقدم وثورة المعلومات والتكنولوجيا الحديثة، ومنها النانو تكنولوجي والفمتو ثانية وسيل عرمرم من التقدم العلمي المبهر، وأنتم تعودون إلى الخلف در بسرعة شديدة، محاولين اللحاق بالعصور السحيقة حتى الوصول بنا إلى العصر الحجري للإنسان. يأيها السادة المسئولين عودوا إلى صوابكم. فالماضي لن يعود، الماضي لن يعود مهما حاولتم إحيائه، وعقارب الساعة لن تعود إلى الوراء. ومصر باقية رغم أنفكم ورغم جهلكم . أنتم زائلون. وشعب مصر في النهاية سينتصر عليكم، والعلم سيفوز والجهل سيزول. اللهم احمي مصر من الجهلة والمتخلفين واقضي عليهم يارب العالمين، إنك سميع مجيب الدعاء يارب العالمين.