دخلت مصر مرحلة جديدة من ثورتها، المجيدة في "25 يناير"، بالرغم من كل السلبيات والمآخذ التي نراها ويراها غيرنا، بدخول السباق على انتخاب رئيس الجمهورية، والتي بها يكتمل جزء من منظومة العمل الديمقراطي الذي صنعه ثوار يناير. خضنا تجربة انتخاب البرلمان، وجاء الإقبال فيها متفوقاً على كل التوقعات، وجاءت ببرلمان، نتفق أو نختلف حوله، فهو يمثل رغبة الناخبين، واليوم نستعد لاختيار رئيس لمصر، في مرحلة حرجة، ويقود مصر نحو منظومة التغيير. والمشاركة الشعبية على أوسع نطاق هي الأمر الفاصل والحاسم في تحديد من سيقود مصر في السنوات الأربعة المقبلة، لانتخاب رئيس يعبر عن مرحلة الثورة، رئيساً وطنياً حتى النخاع، لا ينحاز لفريق أو فئة ضد فئة، يحمل الوطن في قلبه وفي عينيه، وفوق مصالحه الخاصة. القضية ليست سهلة، وسنفاجأ بسيل من الترشيحات، مما يضيف صعوبات وتحديات أكبر أمام الناخبين، ويصبح الأمر أكثر صعوبة، في حالة فرض رئيس توافقي على الشعب، لترضية رغبة تيار، أو فريق نافذ في الدولة. وفي كلا الحالتين، فإنها هدف من يسعى إلى مفهوم الرئيس التوافقي، هو ضرب الديمقراطية، وإهدار حق رئيسي من حقوق شعب مصر، مع إهدار هدف من أهداف ثورة "25 يناير"، ولا يخرج الأمر في مجمله عن تمثيلية ديمقراطية، تتضح فيها أصابع متآمرين على الشعب. وخيوط المؤامرة واضحة، وامتداد لحالات مماثلة في المحيط العربي، وتحديداً في بلدان الربيع العربي، ولاحظوا هذا التحرك الخارجي، لتمرير مفهوم الرئيس التوافقي على الانتخابات في مصر، على غرار ما جرى في اليمن، وتونس، مع تغيير طفيف في الانتخابات المصرية، بوجود أدوار "كومبارس" لمرشحين، آخرين، لتجميل الشكل الديمقراطي المنقوص. لا نريد ثورة مشوهة بانتخابات رئاسية شكليّة، ونريد تدقيقاً في اختيار من سيحكمنا في بداية الجمهورية الثانية، ليقفز بمصر نحو عصر ينتفي فيه الفساد، وتتقزم فيه الطائفية، وتتناغم في سنواته أسماء المصريين بين محمد ومصطفى وأحمد وإبراهيم، وملاك وجرجس وبطرس وعيسى. جميعناً مطالبون بدور وطني في اختيار رئيس مصر القادم، بالزحف إلى صناديق الاقتراع، وفي عقل وقلب كل واحد منا نموذج للرئيس الذي يقود مصر في مواجهة أعداء الثورة، وكل من يريد السطو على مقدرات وثروات مصر ونجاحات ثوارها. مطلوب من كل فرد توصيف دقيق لرئيس مصر القادم، أن يكون شخصاً يصلح، ولا يفسد، يجمع ولا يفرق، نختاره، ولا يُختار علينا، يعيد مصر إلى مكانتها، ولا يرسخ التبعية، تحكمه المصلحة، ولا تحكمه المصالح، شعاره العدل والعدالة، يقيم دولة مدنية، وليست دولة دينية، لا ينزلق إلى الرجعية في السياسة، ولا إلى مفهوم الدين فقط في إدارة الدولة. مطلوب رئيس يحافظ على قيمنا، ويتفق عليه المصريون أو قل أغلبية المصريين، يحقق أحلام البسطاء، ولا يحقق أطماع النافذين، ينهي حالة التزاوج بين السياسة ورأس المال، وليعود الحكم للشعب، ويحقق أحلام كل المحرمين في بلدنا، وينفذ برنامجاً يحمل في مضامينه أن تصبح مصر منارة العروبة، وقلب أفريقيا النابض. رئيس يعيد لمصر كرامتها ومكانتها بين الأمم، تعتمد على نفسها، ولا تعتمد على معونات الغير، شرقاً أو غرباً، عرباً كانوا أو أميركان، يعيد مصر دولة تقود أمة في التطوير، والاستقلال، والرقي، ويعمل مع الشعب من أجل الشعب.