حركة تغييرات موسعة لقيادات مديرية الشؤون الصحية بكفر الشيخ    المؤتمر: تعديلات البرلمان على صندوق مصر السيادي خطوة مهمة    رئيس وزراء فلسطين: دعوة ماكرون لفرض حظر سلاح على إسرائيل خطوة إيجابية    صحة غزة: جيش الاحتلال قتل 986 كادرا طبيا.. ودمر 130 سيارة إسعاف منذ 7 أكتوبر    لجنة الانضباط تتوعد جوميز بعقوبة جديدة    جوميز يعطي الضوء الأخضر لرحيل ثنائي الزمالك    «لقينا كيس أسود وعروسة عليها دبابيس».. أقوال مصور فيديو سحر مؤمن زكريا | خاص    الغموض والإثارة يسيطران على برومو «عنها» ل أحمد مالك ( فيديو)    وصفة صحية ومفيدة في نزلات البرد.. تعرقي على طريقة شوربة الخضار    أحمد سالم: بوبيندزا لم يتواصل مع الزمالك حتى الآن.. ونفاوض العديد من اللاعبين    مرتجي: رحيل كولر بعد خسارة السوبر الإفريقي؟ «يعيش أزهى لحظاته في الأهلي»    قمصان: حديث بعض الأشخاص أثر علينا ضد الزمالك.. وقص إمام عاشور شعره غير مهم    انطلاق مؤتمر «أكتوبر العمران» في نسخته ال4 بالعاصمة مسقط    محمود شاهين عن جدل حفل زفافه: محدش يعرف علاقتي بربنا إيه    هانئ حسين مباشر يكتب: ومن قال إننا إنتصرنا    ماكرون: فرنسا تبذل كل ما في وسعها للتوصل لوقف إطلاق النار بغزة    التربح من الأخبار ب 5 ملايين جنيه.. أقوال اللاعب مؤمن زكريا في واقعة السحر    اللواء محمد عبد المنعم: 25 ملايين سوداني دخلوا دائرة الفقر من أصل 48    شروع في ذبح شخص يشعل مشاجرة بعين شمس    غداً.. محاكمة «هاكرز» بالنصب على المواطنين بقصر النيل    اللواء أيمن عبدالمحسن: مصر حذرت من المساس بالسيادة الصومالية    هنا الزاهد وسلمى أبوضيف وإنجي كيوان تجتمعن في أبو ظبي .. ما القصة؟    الغموض والإثارة يسيطران على برومو "عنها" ل أحمد مالك    إلهام شاهين ترد على جدل تصريحاتها حول القضية الفلسطينية: قلبي موجوع    هل يجوز تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الأزهر دائماً يدعم السلام المبني على القوة    خاص| وزير الإسكان العُماني: نستثمر في الإسكان المستدام لمواجهة التغيرات المناخية لمدة قرن    فوائد حبة البركة، تقوي جهاز المناعة وتحمي من الاكتئاب والقلق    حقيقة المرأة التي هدمت إمبراطورية صبحي كابر.. «أم محمد» تكشف تفاصيل أزمة بيع المطعم الشهير (فيديو)    إطلاق معسكرات تدريبية ورياضية لمتطوعي حياة كريمة في 3 محافظات    الاحتلال الإسرائيلي يستعد لتنفيذ عملية برية جديدة في لبنان    بالأسماء.. حركة تغييرات وتجديدات بين قيادات الصحة في كفر الشيخ    توتو سبورت: إصابة زاباتا بقطع في الرباط الصليبي.. وبالوتيلي أحد المرشحين لتعويضه    3 أبراج فلكية الأكثر تعاسة في أكتوبر.. هل أنت منها؟    بالفيديو.. أحدث ظهور ل جوري بكر مع ابنها في بورسعيد    قدمت ابنتها لراغبي المتعة.. جنايات القاهرة تودع حيثيات حكمها المشدد على شريكة سفاح التجمع    خارجية أمريكا: نريد رؤية تطبيق قرار 1701 على الحدود الإسرائيلية اللبنانية    مدير صحة القليوبية يتابع العمل بالوحدات الصحية: إحالة المقصرين للتحقيق    بالزي الفرعوني.. استقبال مميز للطلبة في كلية الآثار بجامعة دمياط    وزير الصحة: انخفاض معدل الإنجاب فى 2021 من 2.8 ل2.5 مليون    5 مرشحين في أول أيام التقدم لانتخابات "الصحفيين" بالإسكندرية    وزير الصحة أمام مجلس النواب: تكليف من الرئيس السيسى بالتوسع في المدن الطبية المتكاملة    وزارة الزراعة تنفى إغلاق حديقة الزهرية بالزمالك وتؤكد: مفتوحة أمام الجمهور    الأزهر للفتوى: الإنفاق في الخير لا يشمل المال بل النية والعاطفة    نائب محافظ كفر الشيخ يتفقد فعاليات مبادرة «بداية جديدة» بقرية الجرايدة    القوات الأوكرانية: وقوع إصابات بجانب المطار العسكري في ستاروكونستانتينوف    «النواب» يوافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي    شمروخ: إطلاق الشريحة الإلكترونية والهوية الرقمية ومكالمات الواي فاي قبل نهاية العام    صحة لبنان: استشهاد 2083 شخصًا منذ بدء العدوان الإسرائيلي    افتتاح معرض «إرادة شعب» في متحف الحضارة لتخليد ذكرى انتصارات أكتوبر    منها توطين 23 صناعة جديدة.. أهم إنجازات "ابدأ"    «الرعاية الصحية» تعلن نجاح جراحتين لزراعة القوقعة في مجمع الإسماعيلية الطبي    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    مرشح "الأوقاف" في مسابقة ماليزيا للقرآن الكريم يُبهر المشاركين والمحكمين    انتشال جثة طفل غرق في ترعة النوبارية بالبحيرة    الحالة المرورية اليوم بشوارع وميادين القاهرة الكبري الإثنين 7 أكتوبر    بمستهل تعاملات الأسبوع.. سعر الذهب فى مصر يتراجع 5 جنيهات    الدكتور حسام موافي ينتقد الإسراف في حفلات الزفاف: "ستُسألون عن النعيم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحاكمة!

قد تكون التهم التى يحاكم عنها الرئيس السابق مبارك، مشتملة على جرائم كبرى مثل مسئوليته عن مقتل 850 متظاهرا، وإصابة نحو ستة آلاف، واستغلال النفوذ للتربح، وتهريب المليارات للخارج، والإفساد السياسى، لكن ذلك كله تحتويه منظومة سياسات واجراءات، وسلوكيات، كانت تقود عمليا الى هدم الدولة.
وهل يختلف ما فعله نظام مبارك، عن الواقعة الشهيرة، عن تجنيد المخابرات الأمريكية لمسئول رفيع المستوى باحدى دول أوروبا الشرقية، عهدوا اليه بمهمة وحيدة، هى ان يستغل موقعه فى منصبه رفيع المستوى، فى وضع ترتيبات تضمن اختيار من يعين فى منصب بالدولة بمواصفات: الخواء الفكرى، والتسطيح العقلى، والأمية السياسية، وضآلة الخبرة، والمهارة، وإن ذلك هو الذى سيقود الى هدم الدولة وانهيارها، وهو بدوره وبمواصفاته تلك، سيقوم باختيار معاونيه ممن هم على شاكلته، مما يسرع بالانهيار والهدم.
لقد تقوقع نظام مبارك حول هدف البقاء الأبدى، فى الحكم، وهو مما تلفظ به أمام مجلس الشعب، معلنا بقاءه فى الحكم حتى آخر نبض فى قلبه.
وأضيف الى هذه الغاية، هدفا آخر وهو توريث الحكم لابنه، وكان رجال النظام المختارون بمواصفات دقيقة، قد تشربوا فلسفته عن وعى تام.
ولذلك لاحظنا فى السنوات العشر الأخيرة ان هذه المواصفات كانت الحاكمة، فى اختيار قادة قطاعات الدو،لة فى مختلف مجالاتها، وبالتنسيق بين جمال مبارك، وجهاز أمن الدولة ومن أشخاص لديهم استعداد صريح لدور «التخديم» على توريث جمال مبارك.
وارتبط ذلك بخروج الرئيس السابق على المصلحة العليا للوطن، بتهميش مفهوم الأمن القومى، وبحيث فقد شرعية بقائه، لأنه بذلك يكون قد تخلى عن مسئوليته فى حماية الدولة وشعبها ومصالحها العليا، والعمل على تعظيم مكانتها فى الداخل، ومصالحها فى الخارج، واستبدل مبارك هذا المفهوم بمبدأ أمن النظام، والذى يعنى توجيه كل امكانات الدولة وجهودها نحو هدف وحيد وهو حماية الرئيس ونظامه.
وهو ما ينتقص من امكانات حماية أمن الدولة.
وكانت النتيجة المترتبة على ذلك، هى توحش هذا الجهاز الذى مد أذرعه فى جميع أرجاء الدولة، يتحكم، ويملى إرادته، ويعين، ويزيح، ويبطش، الى المدى الذى وصل الى قتل عمدى للمتظاهرين سلميا فى ميدان التحرير، واستخدام القناصة، وتوظيف البلطجية محترفى الاجرام.
وعمل النظام على تفريغ مؤسسات الدولة من أى وجود فعلي، يشهد بأن هناك دولة مؤسسات، بدءا من تزوير الانتخابات، وايجاد برلمان تهريحى زائف. لا يمثل الشعب، الى تدخل فج فى أعمال القضاء، والصحافة، التى عمل على الضغط عليها لتكون أبواقا تنطق بما يريده من أكاذيب ومخاطبة الشعب بلغة، تبدو وكأن رجال الرئيس يتصورون أن المصريين شعب من السذج عديمى الفهم، يمكن التلاعب بعقولهم، فكانت خطبهم تنضح بما استحكم فيهم من عنجهية وتعال، وتزييف للواقع، بما فى ذلك حديثهم المتكرر عن أن مصر تعيش أزهى عصور الديمقراطية.
لقد بدا عليهم وكأنهم هم الورثة الشرعيون لأول وثيقة وضعها الاستعمار البريطانى، للسيطرة على مصر، وإهدار كرامة شعبها، فعقب هزيمة الثورة العرابية عام 1882، أوفدت بريطانيا الى مصر، لورد دوفرين سفيرها لدى الدولة العثمانية، وممثلها الدبلوماسى فى القاهرة، ليضع وثيقة تضمن انكسار المصريين، وعدم تكرارهم ثورة عرابى مرة أخرى.
وقدم دوفرين وصيته مطالبا بعدم الأخذ بالنظام النيابى فى مصر، والابتعاد عن الديمقراطية.
ولعلى أضيف الى ذلك ما جاء فى دراسات استراتيجية اسرائيلية قبل عشر سنوات، اتفقت على أن أشد ما يقلق اسرائيل، ان يتغير ميزان القوى بينها، وبين مصر وإن ذلك سوف يحدث فى حالتين: الأولى ان تحكم مصر حكما ديمقراطية حقيقيا، والثانية ان تتحقق فيها تنمية اقتصادية تنهض بالدولة.
لكن مصر كانت تخضع لحكم يتخذ قرارات معادية للتقدم، معرقلة لاى فرصة لتحولها الى دولة منتجة، وأن تبقى دولة مستهلكة للمحافظة على عمولاته هو ورجاله من الاستيراد.
إن الرئيس السابق حين تقوقع حول ذاته، وأمسك بكل السلطات فى يده، متحكما فى البلاد والعباد، وعمل جاهدا على تكاثر فرق المنافقين الذين راحوا يدقون على آذانه معزوفات التملق، وترديد مقولاتهم عن انه ليس فى مصر من هو أهل للحكم سواه، فحدث فى عقله خلط بين الحقيقة والضلال، وتصور أنه صاحب فضل على المصريين، وليس مكلفا بخدمتهم، وزال فى عقله الخط الفاصل بينه وبين الدولة، وصار هو والدولة فى نظره شيئا واحدا، عندئذ يحق له أن يفعل بها ما يشاء.
ولم ينفصل الرئيس المخلوع عن شعبه فحسب، بل كان هناك أيضا انفصاله الذهنى والعقلى عن العالم، بتطوراته، ومفاهيمه، ونظرياته المتغيرة، وحدث على يديه شحوب الدور الاقليمى لمصر. وأغمضت عيناه عن تجارب دول تتقدم وتنهض وهى التى كانت لا يتوافر لها ما تملكه مصر من موارد مادية وبشرية، فلم يستوعب ما يحدث فيها أو يستفيد منه.
وظلت علاقاته واتصالاته الخارجية، تنحصر فى كونها تحركات علاقات عامة.
ان أبعاد المحاكمة متسعة وشاملة، وتضم فوق كل التهم الموجهة اليه، سلوكيات رجل ونظام، كانت كل أفعاله مضادة لكل ما فيه مصلحة شعبه، معوقة لكل فرصة للتقدم، هادمة للدولة ذاتها، ليحل محلها كيان لا يدار بالطرق التى تدار وتحكم بها الدول.
المزيد من مقالات عاطف الغمري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.