تراجع حاد في عدد العاملين داخل إسرائيل بعد توقيع اتفاقية أوسلو، أظهرتها مخرجات ورشة عمل صادرة عن معهد الأبحاث والسياسات الاقتصادية أمس الأول الاثنين، والتي بلغت حتى نهاية عام 1992 نحو نصف مليون عامل، إلى أقل من 90 ألفاً مع نهاية النصف الأول من العام الجاري. وكشفت الورشة التي جاءت بعنوان (الاقتصاد الفلسطيني بعد 20 عاماً على أوسلو) أن أكثر من 400 مليون دولار أمريكي كانت تدخل إلى السوق الفلسطينية سنوياً، والتي تشكل مداخيل العاملين في السوق الإسرائيلية آنذاك، لتنخفض إلى أقل من 100 مليون عام 2012. وقال رجل الأعمال الفلسطيني محمد نافز الحرباوي، خلال ورقة له أن نحو 70٪ من العاملين داخل إسرائيل قبل أوسلو، كانوا يعملون بشكل منظم من خلال مكاتب العمل الإسرائيلية، والباقي بشكل غير منظم (أي تهريب). وأضاف، إنه وعلى الرغم من ارتفاع أجر العامل هناك، إلا أن نتائج سلبية ترتبت على دخولهم إسرائيل، أهمها أن غالبية العمال هم من المزارعين الذين وجدوا مغريات العمل داخل إسرائيل أكبر منها في الضفة الغربية، ما أدى إلى تراجع سوق الزراعة. إلا أن الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وجدت عكس ذلك، فمع تراجع عدد العاملين داخل إسرائيل خلال السنوات العشرين الماضية لأكثر من 80٪، إلا أن حصة الزراعة من الناتج العام تراجعت منذ عام 1994 من 20٪ إلى أقل من 3.8٪ نهاية العام الماضي. كما أشارت الأرقام إلى ارتفاع نسبة البطالة في السوق الفلسطينية من 16٪ عام 1993 إلى أكثر من 27٪ في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما ارتفع عدد فقراء فلسطين إلى أكثر من مليون فقير نهاية العام الماضي، وفق دراسة بعنوان "أطلس الفقر في فلسطين، الصادر عن الإحصاء. ويبلغ عدد العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطينية نحو 300 ألف عاطل، غالبيتهم من خريجي الجامعات، فيما بلغ عدد الوظائف المعلنة في وسائل الإعلام منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية أغسطس آب الماضي نحو 1500 وظيفة. يذكر أن إسرائيل سمحت نهاية الأسبوع الماضي بمنح 5000 تصريح عمل للفلسطينيين، فيما أشار وزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس مؤخراً عن عزم حكومته منح 5000 آلاف أخرى، كبادرة حسن نية من إسرائيل تجاه الفلسطينيين، والتي تأتي ضمن رزمة تسهيلات أعلنت عنها نهاية الأسبوع الماضي. وفي سياق آخر، أظهرت مخرجات ورشة العمل التي شارك فيها محللون واقتصاديون في السوق الفلسطينية أن اتفاقية أوسلو أعطت للفلسطينيين اقتصاداً قائماً، تمخض عنه ظهور عدد من الشركات والقطاعات الاقتصادية الأخرى كالبنوك والتأمين والتجارة. إلا أن مشاركين قالوا إن السلطة الفلسطينية لم تكن جاهزة لتبني نظاماً اقتصادياً، وما زالت حتى الآن، والدليل على ذلك يتمثل في الكيفية التي تقوم بها المؤسسات المالية والاقتصادية الحكومية بإدارة المنح المالية التي تحصل عليها، وكيف أضحت أموال المانحين هي أبرز إيرادات السلطة سنوياً. وكان تقرير صادر عن شبكة السياسات الاقتصادية مؤخراً أشار إلى حصول السلطة الفلسطينية على منح مالية تجاوزت 23 مليار دولار أمريكي منذ أوسلو وحتى نهاية العام 2011، إلا أن هذه الأموال لم تظهر نتائجها على الأرض ولا على خزينة السلطة، بحسب التقرير. وكانت السلطة الفلسطينية قد أقرت موازنتها للعام الحالي، بعجز يقدر بنحو 1.6 مليار دولار أمريكي، تم تغطيتها من خلال المنح والمساعدات الدولية، فيما تنتظر الحكومة الفلسطينية مؤتمر المانحين خلال الساعات القادمة للحصول على دعم مالي يقدر بنحو نصف مليار دولار أمريكي، حتى تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها. وأعلن رئيس الوزراء رامي الحمد الله، في أكثر من مناسبة أن السلطة الفلسطينية تمر بضائقة مالية صعبة، إن لم يتم إسعافها من قبل المانحين، فيما توقفت رواتب موظفي القطاع الحكومي نهاية العام الماضي ومطلع العام الجاري بسبب الأزمة المالية