عندما استقر مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة وجد اليهود يصومون يوم العاشر من محرم فلما سألهم عن سبب صيام هذا اليوم تحديدًا قالوا: إنه اليوم الذي نجي فيه الله نبينا موسى من الغرق فقال صلى الله عليه وسلم: أنا أحق بموسى منكم وأمر بصيامه (قبل فرضية الصيام في شهر رمضان) ولمخالفة اليهود في صيام ذلك اليوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن عشت إلى قابل (العام المقبل) لأصومن التاسع والعاشر. وفى رواية "صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يومًا أو بعده يومًا". وكما هو معروف فإن قصة نجاة سيدنا موسى مقترنة بغرق فرعون الذي أثبت العلم الحديث أنه رمسيس الثاني وذلك بعد تحليل المومياء في فرنسا في نهاية الثمانينيات والخروج بسبب وحيد للوفاة وهو الغرق، وعمومًا يعيش المسلمون الآن فى شتى بقاع الأرض ومغاربها الاحتفال بيوم عاشوراء (يوم نجاة موسى وغرق فرعون) فما هى تفاصيل ذلك اليوم الذي خلده الله في كتبه المقدسة؟ وما هى قصة إسلام العالم الفرنسي الذي اشرف على ترميم مومياء رمسيس الثاني؟
يقول الله تبارك وتعالي في قرآنه الكريم { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لَّا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى }، وفي آية أخري " فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ " ويقول ابن عباس في التفسير عندما انفلق البحر صار اثني عشر طريقًا لكل سبط طريق، ولما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل أصحاب فرعون انضم عليهم البحر فما رئي سواد أكثر من يومئذ وغرق فرعون لعنه الله. أما عن مشهد الغرق في أسفار التوراة فملخصه أن الرب شد على قلب فرعون حتى سعى وراء بني إسرائيل ولما اقترب منهم فرعون فزعوا وقالوا لموسى" هل لأنه ليست قبور في مصر أخذتنا لنموت في البرية.. ماذا صنعت بنا حتى أخرجتنا من مصر؟، أليس هذا هو الكلام الذي كلمناك به فى مصر قائلين كف عنا فنخدم المصريين لأنه خير من أن نموت في البرية" فقال موسى: "لا تخافوا.. قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم فأنه كما رأيتم المصريين اليوم لا تعودون ترونهم أيضًا إلى الأبد، الرب يقاتل عنكم وانتم تصمتون" وقال الرب لموسى :" مالك تصرخ إليّ قل لبنى إسرائيل أن يرحلوا وارفع أنت عصاك ومد يدك على البحر وشقه فيدخل بنو إسرائيل وسط البحر على اليابسة وها أنا اشدد على قلوب المصريين حتى يدخلوا وراءهم فأتمجد بفرعون وكل جيشه بمركباته وفرسانه فيعرف المصريون أنى أنا الرب حين أتمجد بفرعون ومركباته" وتستكمل الرواية التوراتية وصف اللحظات الأخيرة بقولها: وقبل المواجهة انتقل ملاك الله من أمام عسكر بني إسرائيل وسار وراءهم وكذلك عمود السحاب فدخل بين عسكر المصريين وعسكر بني إسرائيل فلم يقترب هذا إلى ذاك كل الليل ومد موسى يده على البحر فجرت ريح شرقية شديدة طوال الليل حتى جعلت البحر يابسة وانشق الماء فدخل بنو إسرائيل وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم ودخل المصريون وراءهم بجميع خيولهم وفرسانهم ومركباتهم وعند إقبال الصبح مد موسى يده على البحر فرجع إلى حاله وغطى الماء جميع جيش فرعون ولم يتبق منهم ولا واحد، ويصف القرآن الكريم هذه الثواني الأخيرة فى قوله تعالى "وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَالْمُفْسِدِينَ الْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ" إسلام العالم الفرنسي "بوكاى"
في نهاية الثمانينيات وفى عهد الرئيس الفرنسي فرانسوا متيران طلبت فرنسا من مصر استضافة مومياء رمسيس الثاني لمعالجة بعض الآثار الفطرية التي ظهرت على جثة فرعون ولإجراء بعض الأبحاث العلمية على هذه المومياء، ويذكر أن الرئيس الفرنسي وكبار وزرائه قد استقبلوا المومياء بمراسم استقبال ملكية ثم نقلوها إلى جناح خاص فى مركز الآثار الفرنسي حيث خضعت لإشراف لجنة عليا برئاسة البروفيسير "موريس بوكاى" أحد كبار الجراحين فى فرنسا وعضوية عدد من كبار علماء التشريح وبينما كان فريق العمل منشغل بترميم المومياء كان بوكاى يفكر فى محاولة اكتشاف سر وفاة هذا الفرعون وعلى الفور بدأ فى إجراء الفحوصات والتحاليل المعملية والتي أثبتت أن أنسجة المومياء ما زالت تحتوى على بقايا أملاح بحرية وأن نسبتها تدل على أن الجثة لم تمكث فى البحر طويلاً وأن عملية التحنيط تمت فور خروجها من البحر مباشرة. وقبل الإعلان عن هذا الاكتشاف العلمي همس أحد أعضاء اللجنة في أذن بوكاى قائلاً له: "لا تتعجل فإن كتاب المسلمين تحدث عن غرق هذه المومياء وعن نجاة جثة فرعون". فاستغرب الخبر فى بادئ الأمر نافيًا أن يكون المسلمين قد سبقوه فى هذا الاكتشاف العلمى وقد برر هذا النفى بأن كتاب المسلمين موجود منذ أكثر من 1400 عام فى الوقت الذى لم تكتشف هذه المومياء إلا فى عام 1898 ميلادية كما أن البشرية بما فيهم العرب لم تتوفر لديهم معلومات عن علم التحنيط إلا منذ عقود قليلة من الزمن وظل بوكاى جالسًا أمام المومياء فى حيرة من هذا الخبر وفى حيرة من سؤال آخر لم يجد الإجابة عليه.. لماذا هذه الجثة تحديدًا هى التى ما زالت حتى وقتنا الحاضر على حالها بالمقارنة بجثث أخرى؟ ولم يهدأ بال بوكاى إلا أن بعد حزم أمتعته إلى بلاد المسلمين لمقابلة عدد من علماء التشريح المسلمين وأثناء النقاش فتح أحد العلماء المصحف وترجم لبوكاى قوله تعالى "الْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ"" فوقعت الآية على نفسه وقعًا شديدًا وهزته من أعماقه فصرخ أمام الحاضرين قائلاً "لقد آمنت بهذا القرآن "ودخل فى الإسلام وعاد إلى فرنسا لا يشغله شاغل سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية المكتشفة حديثًا مع ما جاء فى القرآن الكريم واستغرقت هذه الدراسة حوالي عشر سنوات خلص فى نهايتها إلى قوله جل شأنه "لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ"