تباينت وجهات نظر المحللين حول احتمالات تنفيذ إسرائيل عمليات استباقية فى منطقة سيناء المصرية ضد الجماعات الجهادية، حيث أكد بعضهم أن تل ابيب لا يمكنها تنفيذ هذه العمليات التى تشكل خرقًا لاتفاقية كامب ديفيد للسلام، بينما رأى آخرون أن احتمال تنفيذها قائم.. وكانت الصحف المصرية قد ذكرت اليوم "الاحد" نقلا عن وسائل اعلام اسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يدرس شن عمليات استباقية فى سيناء على خلفية الهجوم الذى شنه الجمعة الماضى مسلحون انطلاقا من شبه الجزيرة على قوة اسرائيلية وأسفر عن مقتل جندي اسرائيلي واصابة آخر، وهو الهجوم الذى اعلنت مجموعة "انصار بيت المقدس" مسئوليتها عنه.
وتزامن ذلك مع قيام اسرائيل بتعزيز انتشارها العسكري قرب الحدود مع سيناء، حيث اعلن جنرال الاحتياط تسفي فوغل القائد السابق للمنطقة الجنوبية في الجيش الاسرائيلي ان "اسرائيل نشرت كتيبة كراكال الاضافية بالقرب من الحدود، لان سيناء اصبحت وكرًا للارهابيين".
وفى رد سريع قال عضو بالمجلس الاعلى للقوات المسلحة المصرية ان بلاده تأخذ التقارير التى تصدر من اسرائيل حول رغبة نتنياهو فى تنفيذ عملية عسكرية فى سيناء لتصفية العناصر الارهابية "على محمل الجد".
ونقل الموقع الالكتروني لجريدة "المصري اليوم" عن عضو المجلس العسكري الذى فضل عدم الكشف عن اسمه، ان القيادة المصرية تراقب كل التطورات الناتجة عن الاحداث التى وقعت على الحدود الجمعة الماضى والتهديدات الاسرائيلية بعملية عسكرية فى سيناء.
وحذر المسئول العسكري مما سماه "محاولة اسرائيل جر شكل مع مصر"، مشيرا الى ان "قيادة القوات المسلحة تتعامل مع هذا الامر بحكمة وهدوء، لكنه شدد على ان القاهرة ستقطع يد اى معتد خارجي او داخلي ولن تسمح بالمساس بشبر واحد من ارض سيناء".
من جانبه، قال الدكتور احمد مهران مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية ان اسرائيل لا تستطيع وفقا لاتفاقية السلام مع مصر تنفيذ اى عمليات عسكرية استباقية فى سيناء.
واضاف لوكالة انباء "شينخوا" ان سيناء ارض مصرية والقاهرة هى المسئولة عن اتخاذ التدابير الوقائية ضد الجماعات المتطرفة فى سيناء ومنع الهجمات على اسرائيل.
وتابع قائلا إن "اى اعتداء اسرائيلي او عمليات استباقية فى سيناء سوف يكون انتهاكا لاتفاقية السلام وخرقا للسيادة المصرية ما يوجب نقض الاتفاقية والرد الفوري والمباشر من مصر للدفاع عن أرضها".
ورجح ان يكون الهدف من قيام اسرائيل بتعزيز انتشارها العسكري على الحدود مع سيناء هو الدفاع عن حدودها والتصدى لاى اعتداء قد تنفذه الجماعات المتطرفة ضد الدولة العبرية.
وعن إصرار اسرائيل على رفض اى تعديل فى اتفاقية السلام، قال مهران "من المنطقى ألا تفرط اسرائيل فيما حصلت عليه من مزايا " فى الاتفاقية.
وكان وزير الخارجية الاسرائيلي افيجدور ليبرمان قال فى وقت سابق اليوم انه "لا يوجد ادنى احتمال في ان توافق اسرائيل على تعديل اتفاقية السلام مع مصر.. لن نوافق على اي تعديل في اتفاقية كامب ديفيد".
وجاءت تصريحات ليبرمان ردا على ما قاله محمد سيف الدولة مستشار الرئيس المصري من انه سيتقدم خلال ايام بمقترح الى الرئيس محمد مرسي لتعديل معاهدة السلام مع اسرائيل لاسيما المادة الرابعة من المعاهدة المتعلقة بالترتيبات الامنية على حدود البلدين والتى تقيد حق مصر فى الدفاع عن سيناء رغم اضطراب الاوضاع الامنية فى شبه الجزيرة.
ورأى مهران ان تعديل الاتفاقية يتطلب مباحثات سياسية بين الجانبين واستخدام وسائل دولية للضغط مثل الوساطة من قبل الولاياتالمتحدةالامريكية، مؤكدا أن "فكرة الغاء الاتفاقية فجأة او تعديلها دون اجراءات دبلوماسية يؤدى إلى نشوب ازمة".
وشدد على انه "من الصعوبة بمكان سلب المزايا الممنوحة فى الاتفاقية لاسرائيل دفعة واحدة".
وحول استمرار عمليات الجماعات الجهادية من سيناء ضد اسرائيل رغم تواصل العملية التى يشنها الجيش المصري فى شبه الجزيرة، قال إن مصر حريصة على الاستقرار فى سيناء وتبذل قصارى جهدها للتصدى للجماعات المتطرفة لمنع هجماتها ضد اسرائيل والعملية العسكرية فى سيناء دليل على ذلك.
جدير بالذكر ان الجيش المصري اطلق عملية عسكرية واسعة النطاق في سيناء بعد يومين من مقتل 16 من حرس الحدود المصري في هجوم مسلح استهدف في الخامس اغسطس نقطة تفتيش قرب الحدود مع كل من قطاع غزة واسرائيل.
فى المقابل رأى الخبير العسكري اللواء طلعت مسلم أن تنفيذ اسرائيل عملية عسكرية فى سيناء احتمال قائم تحت ذريعة الدفاع عن النفس ضد أخطار حقيقية، لكنه اشار إلى ان اسرائيل لا تريد ان تخسر مصر فى الوقت الحالي على الاقل وغير مستعدة لأن تغامر باتفاقية السلام.
وقال إن التعزيزات العسكرية الاسرائيلية على الحدود مع سيناء تاتى فى اطار مقاومة عمليات التسلل عبر الحدود.
واعتبر إعلان تل ابيب رفضها تعديل اتفاقية السلام امرا "متوقعا"، مؤكدا أن التعديل لن يتم الا فى حال اصبحت مصر قادرة عسكريا واقتصاديا وسياسيا ومعنويا على فرضه.
وعن تقييمه للعملية العسكرية التى يشنها الجيش المصري فى سيناء، قال إنها حققت بعض النتائج لكنها عملية ممتدة ستأخذ وقتًا طويلًا.