الموقف من 25 يناير "قشة" قد تُقصم ظهره: بطيخ: الحديث عن تعديل الدستور من المحسوبين على النظام تحد خطير نافعة: حزمة التشريعات التي تخص المواطن المصري مخاوف تطارد البرلمان عمار على حسن: الإلتزامات الدستورية تهدد مستقبل البرلمان استكملت مصر أخر خطواتها في خارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسحلة في 3 يوليو 2013، بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في ثورة 30 يونيو، حيث اكلمت البنية الشكيلية لمجلس النواب الذي بدأ جلساته في 10 يناير 2016، بعد تعثر دام قرابة الثلاث أعوام. وعقد مجلس النواب الجديد أولى جلساته، التي خصصت للقضايا الإجرائية، المتمثلة في قسم اليمين الدستورية، وانتخاب رئيس البرلمان ووكيليه برئاسة أكبر الأعضاء سناً، وهو النائب بهاء أبو شقة، وسط مخاوف من مستقبله الغامض وقدرته على إحداث تغيير حقيقي، وبالرغم من ضعف المشاركة في انتخابات مجلس النواب التي وصلت إلى 28.3%، لكن ذلك لا يعني أنه أصبح واقعًا، لابد من التعامل معه، خاصة بعد الصلاحيات التي منحها له الدستور الجديد، والتي قد تكون الأكبر في تاريخه، وأدى النواب الجدد اليمين الدستورية إيذاناً ببدء ممارسة مهامهم البرلمانية. ويتكون المجلس من عدة إئتلافات وأحزاب وشخصيات مستقلة، ويسيطر ائتلاف "دعم مصر" الذي يضم نحو 370 نائبا بالبرلمان، وهو يضم نوابا حزبيين ومستقلين، وينسقه ضابط الاستخبارات السابق سامح سيف اليزل. ويتألف البرلمان الجديد، الذي يهيمن عليه مؤيدو الرئيس عبد الفتاح السيسي، من 568 نائباً منتخباً، بالإضافة إلى 28 نائبا عينهم رئيس الجمهورية، ما يعد أول برلمان منتخب في مصر منذ ثلاث سنوات عندما صدر قرار بحل الغرفة الرئيسية في البرلمان (مجلس الشعب)، الذي كانت تهيمن عليه جماعة "الإخوان المسلمين" بناءً على حكم أصدرته المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون انتخابه. تحديات خطيرة ويواجه المجلس تحديات كثيرة ومخاوف تجعل مستقبله، وفقاً للمعطيات الحالية، غير واضح الملامح، في ظل التخبط الشديد الذي ظهر على الجلسات الأولى للمجلس، وتأتي من أبرز هذه التحديات اختصاص البرلمان الجديد بالنظر في القوانين التي صدرت عن الرئيس الانتقالي المستشار عدلي منصور، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، وتجديد الثقة في حكومة المهندس شريف إسماعيل، وإقرار عدد من القوانين المكمّلة للدستور، وذلك وفقًا لما صرح به الباحث السياسي الدكتور عمار علي حسن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، في تصريحات ل"المشهد". وأضاف حسن، أن الأجندة التشريعية الضخمة التي تنتظر مجلس النواب تمثل التحدي الأكبر، وهي تضم حزمة قوانين يقدر عددها بالمئات، صدرت في غياب البرلمان، وأن ما يزيد صعوبة هذا التحدي هو ما يفرضه الدستور المصري بضرورة أن يقر البرلمان هذه القوانين خلال 15 يوماً من تاريخ انعقاد الجلسات الأولى، وهي فترة زمنية قصيرة جداً قياساً على عدد القوانين التي صدرت بعد الثالث من يوليو العام 2013. وينتظر مجلس النواب عدد 415 قانوناً صدرت في الفترة الماضية، ومن بينها خمسة قوانين محل خلاف قوي، وأبرزها قانون التظاهر وقانون الخدمة المدنية، وكل ذلك فى فترة زمنية لا تتجاوز 15 يوماً. ومن جانبه، أكد الدكتور رمضان بطيخ، أستاذ القانون الدستورى بجامعة عين شمس، أن ما يزيد من خطورة التحديات التي يواجهها مجلس النواب، هو مطالبة بعض النواب داخل اروقة المجلس بتجاوز هذا الإجراء (مناقشة القوانين التي صدرت في غيبة البرلمان)، وهذا يشكل انتهاكاً خطيراً للدستور ولنصوصه، ويتطلب البحث عن مخرج دستوري. وأضاف بطيخ، ل"المشهد"، أن هناك ثمة تحدٍ آخر ربما يواجه مجلس النواب الجديد، وهو الحديث عن تعديل الدستور من قِبل بعض المحسوبين على النظام الحاكم. مخاوف ما بعد التحديات وأبدى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تخوفه مما وصفه بالمخاوف العديدة التي تطارد مجلس النواب الحالي، والتي تتمثل حزمة التشريعات التي تخص المواطن المصري، وذلك في حال نجح المجلس من الانتهاء من إقرار وحسم المسائل السابقة. وأوضح نافعة، ل"المشهد"، أن عدد من القوانين منها قانون التظاهر، وقانون المجالس المحلية والخدمة المدنية، ومشروع قانون تنظيم الإعلام، تأتي في أولويات الأجندة التشريعية المعروضة على النواب الحاليين، وذلك لأن الأعباء كثيرة ومتعددة على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. وفي السياق ذاته، أكد بطيخ، أن هناك مئات القوانين التي يشوبها العوار الدستور صدرت منذ ثورة 25 يناير، وغاب عنها النقاش المجتمعي، لذلك لم يكتشف عوارها، وبعضها مستفز. غياب الهدف يعاني مجلس النواب الحالي من غياب الهدف الواضح والمحدد للنواب، وهو ما ظهر جليًا من مشادات وخلافات حادة في الجلسة الأولى، إلا أنها لم تكن مرتبطة بقضايا سياسية ومسائل جدية، بل كانت على تفاهات، وهو نتاج طبيعي لتركيبة المجلس وغياب البوصلة سواء للمؤيدين أو المعارضين. وينقسم النواب تحت قبة مجلس النواب الجديد في مواقفهم حول ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وهو ما ظهر خلال الجلسات الأولى لمجلس النواب، من خلال موقف النائب "رئيس نادي الزمالك"، الذي أكد أن مجلس النواب يضم عددًا من النواب الذي يرفضون تماماً ثورة 25 يناير، ومنهم الكاتبة لميس جابر، بالإضافة إلى غالبية أعضاء المجلس ممن ينتمون إلى الحزب الوطني، الذي كان يتزعمه الرئيس المخلوع حسني مبارك، ما ينبأ بدرجة عالية من الصدامية في مناقشة معظم القضايا، بين المؤمنين بثورة يناير ومبادئها وأهدافها، وأصحاب المصالح المنتمين الى نظام مبارك، وأصحاب المصالح الرأسمالية الذين لم يكن لهم صلة بنظام مبارك وإنما سيسعون إلى تحقيق مصالحهم، ما يجعل مستقبل مجلس النواب على المحك.